IMLebanon

باسيل «يُصارح».. والغريب يرفض «طقّ الحنك»

 

لم يجد رئيس الحكومة سعد الحريري حراجة في غياب وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب عن مؤتمر بروكسل الخاص بالنازحين، «إذ إنّ رئيس الحكومة ذاهب الى هناك وهو يمثل لبنان ويتحدث باسمه وممنوع تسسيس هذا الملف»، على ما أكد الحريري بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون. لكنّ الحريري يعلم أنّ هذه المعادلة هي نظرية فقط، وأنّ هناك انقساماً داخلياً حول طريقة معالجة هذا الملف، وأنه لا توجد حتى الآن مقاربة وطنية مشترَكة له يمكنه أن يكون ناطقاً باسمها.

 

انطلاقا من هذه الحقيقة، ليس معروفاً أي لبنان سيتكلم باسمه الحريري في العاصمة البلجيكية، وسط الخلاف المستحكم بين وجهتي نظر تتجاذبان قضية النازحين: الأُولى، تعتبر أن لا بد من التنسيق المباشر مع القيادة السورية لتسهيل عودتهم وترتاب في نيات المجتمع الدولي داعية إياه الى تمويل العودة لا البقاء، بينما وجهة النظر الثانية ترفض اي تواصل او «تطبيع» بين الحكومتين اللبنانية والسورية وتتحمّس للحصول على اموال من الدول المانحة لمساعدة النازحين في اماكن وجودهم وكذلك المجتمع المضيف، وتفترض انّ عودة النازحين تتطلب التعاون مع المجتمع الدولي وليس دمشق.

 

وعليه، فإنّ إقصاء الوزير الغريب عن الوفد الرسمي المشارك في مؤتمر بروكسل يعكس، في رأي أوساط 8 أذار، خللاً في توازن تركيبة الوفد، وكذلك في توازن الطرح الذي سيحمله معه الى هذا المنبر الدولي.

 

كذلك، فإنّ «مقاطعة» وزير الخارجية جبران باسيل مؤتمر بروكسل، على رغم توجيه دعوة اوروبية رسمية له، تترجم في وضوح التباين الداخلي حيال قضية النازحين التي يُفترض أنها لا تتحمل ترف الانقسامات الداخلية، لما تختزنه من مخاطر على الواقع اللبناني.

 

وخلال لقاءاته مع الموفدين الدوليين الذين زاروا لبنان تباعاً في الآونة الاخيرة، شرح باسيل بالتفصيل موقف وزارة الخارجية وهواجس الفريق السياسي الذي يمثله، إزاء نمط تعاطي المجتمع الدولي مع ملف النازحين المقيمين في لبنان. وقد شدد باسيل امام الزوار الأجانب على ضرورة استخدام التمويل الخارجي لضمان عودة النازحين وتثبيتها وليس لإدارة النزوح وتكريسه في لبنان، مؤكداً ضرورة فصل العودة عن أي مسار سياسي او إعماري، بحيث تكون مرتبطة حصراً بالشرط الأمني الذي اصبح متوافراً في أجزاء واسعة من سوريا.

 

ويعتبر باسيل ان نسبة النازحين الذين يواجهون مشكلات حقيقة مع النظام ربطا بملفات أمنية وقضائية لا تتعدى سقف الـ3 في المئة من عدد الموجودين في لبنان، «ونحن لا نمانع في ان يبقى هؤلاء هنا الى حين تسوية أوضاعهم لأننا لا نقبل بتعريضهم لأيِّ خطر، أما الآخرون فتنطبق على معظمهم مواصفات الهجرة الاقتصادية، ما يستوجب أن تبادر الامم المتحدة الى إجراء مسح شامل لأسباب بقاء النازحين في لبنان، بغية تصنيفهم وتحديد دوافعهم الحقيقية».

 

ولا يخفي باسيل أمام ضيوفه خشيته من أن يؤدي المسار المتبع الى «التوطين المقنّع»، وسط مؤشرات الى ان هناك في المجتمع الدولي مَن يستخدم مع النازحين تارة سياسة الترغيب عبر «رشوتهم» للبقاء حيث هم من خلال المساعدات والتقديمات، وطوراً سياسة الترهيب عبر تخويفهم من العودة الى سوريا بذرائع غير واقعية، ما استدعى إبلاغ من يعنيه الامر احتجاجات مرتفعة النبرة على «المسعى التخريبي» الذي تقوم به أوساط أممية لعرقلة العودة الآمنة، خصوصا ان ذلك يرتّب تداعيات وخيمة على لبنان.

 

ويرفض باسيل وضع الشروط او القيود على الخيارات التي يمكن ان يتبعها لبنان ليخفف عن كاهله أثقال النزوح، ومن ضمنها خيار التنسيق مع دمشق من جهة ومع موسكو تحت سقف المبادرة الروسية من جهة أخرى.

 

أما وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب الذي تم تغييبُه عن مؤتمر بروكسل، فقد نُقل عنه قوله لقريبين منه: «مهمتي الأصلية هي ان أعيد النازحين الى سوريا على قاعدة العودة الآمنة والكريمة، الامر الذي لا يمكن أن يتحقق إلّا عبر التعاون مع الدولة السورية. هذا هو المفتاح الوحيد، ومَن يستطيع أن يأتي بغيره فليفعل». ويضيف: «أنا لست معنياً بأن أستحصل على أموال لوزارتي، أو أن افتح «دكانة» كما قد يفعل سماسرة هذا الملف والساعون الى توطين النازحين، وكذلك أنا لست الصليب الاحمر او الهيئة العليا للإغاثة لكي أستغرق في الشؤون اليومية للنازحين.. همّي الأساسي تأمين عودتهم الى وطنهم بأفضل الشروط الممكنة، وما عدا ذلك هو «طق حنق».

 

وعُلم ان الغريب في صدد وضع اللمسات الاخيرة على ورقة عملية لمعالجة قضية النازحين، سيرفعها الى مجلس الوزراء بعد الانتهاء من تحضيرها، ويُفترض أن تُترجم بعد إعتمادها قرارات تنفيذية.