IMLebanon

هل يفعلها باسيل؟

 

 

صحيحٌ أنّ لبنان يشهد اعمق وأصعب تهاو ٍ اجتماعي واقتصادي منذ نشأة الكيان عام 1920، نتيجة تراكم الهدر والفساد وسوء ادارة الدولة. وصحيح انّ لبنان عالق تحت مطرقة الضغط الدولي، الذي يوازي المساعدة المالية بالشروط السياسية. ولكن، وقف عجلة الانهيار وحسن ادارة التفليسة ما زال ممكناً.. ولكن كيف؟

مما لا شك فيه، انّ حكومة دياب وبعد اخفاقها في السياسة والاقتصاد، هي اليوم كالميت الذي ينتظر التشييع، لا بل وجودها اصبح اكثر ضرراً من رحيلها، لأنّ المطلوب والممكن اليوم ليس تعويم الاقتصاد واعادة الازدهار، انما ادارة حكيمة للإفلاس وايقاف الانزلاق السريع نحو الهاوية.

 

هذه الواقعة تحتّم امراً لا مفرّ منه «حكومة جديدة» قادرة وغير مكبلّة بثقل مشغليها.

 

وبالتالي، المطلوب حكومة تستطيع ان تتكلم مع الداخل والخارج، ممسكة بالملف المالي والاقتصادي، وقادرة على الإيحاء بالثقة للمجتمع الدولي، خصوصاً بعدما اعلن المجتمع الدولي وتحديداً الاميركي، ان لا مساعدات لحكومة عاجزة عن الإصلاح، وتضمّ «حزب الله».

 

الواعي الوحيد لهذه الحقيقة حالياً هو رئيس مجلس النواب نبيه بري، من هنا حركته على اكثر من خط، وخصوصاً بيت الوسط منذ فترة، ايماناً منه انّ من اوكل اليه الملف المالي والدولي لسنوات طويلة، هو الوحيد القادر على تأليف حكومة جديدة بأمكانها ان تفرمل الانهيار.

 

حركة بري على خط بيت الوسط – جبران باسيل، قائمة وفاعلة بقوة، وهي تمثلت بزيارة باسيل الى عين التينة بالأمس، بموازاة زيارة نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الى دارة الحريري.

 

شروط الحريري بالأمس لتشكيل حكومة في مرحلة ما قبل دياب، لم تتغيّر فهو كان قد ابلغ «حزب الله»، انّه لا يترأس او يرعى اي حكومة، الا بثلاثة شروط:

لا «حزب الله» في الحكومة

لا جبران باسيل في الحكومة

 

وتفويض كامل للتفاوض مع الخارج بغية ضخ اموال في الداخل وإيجاد حلول مقبولة للشروط السياسية.

 

بالأمس، قوبل طرح الحريري برفض واضح ومعلن من قبل كل من «حزب الله» وبعبدا خلاصته:

لا حكومة من دون «حزب الله» على خلفية التعنّت بوجه الضغوط الاميركية .

 

ولا حكومة من دون جبران باسيل، لأنّ رئيس الجمهورية اعتبر حينها انّ توقيعه على مراسيم حكومة تضمّ الحريري ولا تضمّ باسيل، تعني صك براءة للحريري، ووثيقة اتهام لباسيل. من دون ان ننسى حسابات عون الخاصة، بضرورة وجود باسيل على طاولة مجلس الوزراء، لاعتبارات تتعلق براهن الأوضاع ومستقبلها المفتوح على شتى الاحتمالات.

 

ما صحّ بالأمس لا يصحّ اليوم. فبالأمس كان الوضع المالي والنقدي والاجتماعي مقبولاً الى حدٍ كبير، اما اليوم، فالبلد على مدخل مجاعة وفوضى عارمة. بالأمس كان «حزب الله» يكابر على الضغوط الاميركية. اما اليوم فهو مستعد بأي حلّ ممكن ان يحفظ البلد من الارتطام الكبير، وسط قناعة داخلية بتراجع وتقهقر المحور من طهران الى بيروت، حتى وان علت النبرة.

 

فرغم كل شيء، ورغم العقائد والأيديولوجيات، يدرك الحزب تماماً ان لا وجود له كحزب، من دون وجود لبنان. فهو لم يولد ويكبر وينتصر في أي ارض عربية اخرى، غير لبنان. وبالتالي فبقاء هذا البلد وهذه الدولة شرط لبقائه.

 

من هنا، فالحزب اليوم موافق ومقتنع بضرورة السير بشروط الحكومة التي رفضها بالأمس، لعجز اي طرف غير الحريري على الإمساك بزمام المرحلة المالية والسياسية. وهو يبدو جاهزاً لتلبية شرطي عدم توزير حزبيين، خصوصاً بعدما نجح في ذلك في اكثر من حكومة سابقة، كما في ترك ملف السياسة الاقتصادية للحريري، اذا عاد شخصياً، أو عبر من يمثله.

 

الّا انّ العقدة تبقى هنا بشرط خروج باسيل ايضاً. وهي عقدة لا يقبل الحزب ان يفرض حلّها هو. ولا يقدر سواه عليها. وحده جبران باسيل قادر على ذلك، بأن يعلن التضحية لإنقاذ نفسه ورئيسه وبلده، وان يغلّب «الأنا العليا» على «الأنا الدنيا»، او على الاقل «الوسطى»، كي لا يكون المسمار الاخير في نعش ما تبقّى من العهد، وما تبقّى من لبنان واقتصاده ومواطنيه. فهل يفعلها؟