IMLebanon

الإستدراج إلى الملعب الطائفي

 

قبل أن يعلن الرئيس ميشال عون أن “ما في تأليف” في دردشته التي يبدو أن تسريبها كان مقصوداً أول من أمس والتي وصف فيها الرئيس المكلف سعد الحريري بـ”الكذب”، كان صهره جبران باسيل سبقه إلى نعي التأليف سواء بالشروط التي طرحها أو بالتشكيك في إمكان ائتمان الحريري على التأليف. رئيس الجمهورية كرر رجع الصدى لما قاله باسيل وليس شيئاً آخر.

 

ومن يعتقد أن تسريب الكلام المهين الذي قيل في حق الحريري علناً جاء بالخطأ، مخطئ. الأمر على هذا المستوى مقصود والتقاط الصورة والصوت لما تفوه به رئيس الجمهورية تم مع المعرفة المسبقة بأن الكاميرا تصور وتلتقط الصوت، خصوصاً أن محطة واحدة تتولى التصوير وتوزع على سائر المحطات، وكان يمكن تدارك الأمر لو أن الأمور أفلتت. التسريبة في القصر، وقبلها المطالعة المطولة التي أدلى بها باسيل وتضمنت أفكاراً مشوشة من كل حدب وصوب، المقصد منهما إفهام الحريري أمام الرأي العام بأنه غير مرغوب فيه، بعدما جرى إبلاغه ذلك قبل تكليفه بأصوات 72 نائباً، ثم بطريقة ما في إحدى الجلسات بعد التكليف. والأسلوب يقصد منه استفزازه لعله يخرج عن طوره ويخرج ببيان يرد على الإهانة ويرفض مواصلة المهمة.

 

هكذا يجري التخلص منه، ولا حرج إذا كان ما حصل غلبت عليه الوقاحة ولغة الشارع، حتى لو استهجنها سفراء وديبلوماسيون أو مستمعون من اللبنانيين. سبق لهذا الأسلوب الدونكيشوتي أن اعتُمِد في مناسبات أخرى، منذ العام 1989، حين قال الجنرال ميشال عون إنه سيكسر رأس رئيس لدولة عربية. توالت النوادر في التعاطي مع سياسيين وقادة لبنانيين، يوزعها الجمهور على مواقع التواصل، للدلالة على خروج المرء عن طوره. أما السياسيون والعارفون بتفاصيل المداولات الحكومية بين رئيسي الجمهورية والحكومة، فيتندرون بالروايات حول ما دار في هذا الشأن في الغرف المغلقة.

 

 

 

بعضهم يشير إلى انتقاد باسيل والرئاسة لقبول الحريري باستثناء حقيبة المال من مبدأ المداورة في الحقائب وبالتالي لا يلتزم وحدة المعايير، بشيء من التعجب، ليكشفوا عن أن الورقة التي طرحها عون على الحريري تضمنت إسناد وزارة المال للطائفة الشيعية. البعض الآخر يتندر بأسماء جرى اقتراحها لتمثيل “التيار الوطني الحر” على أنها “مستقلة”، فإذا بها من الصف الرابع في المستوى، لكنها من الصف الأول والمزايد في الولاء، وفي التزلف لـ”حزب الله”. تتم تغطية الخروج عن أصول التخاطب الأرخص والأسهل من أي جهد جدي، لخوض حوار إنقاذي، بالاستناد إلى شعارات كبرى من نوع تغيير النظام والحديث الإنشائي عن التطورات الإقليمية والدولية، ثم بتهبيط الحيطان وأخذ البلد إلى خيارات، منها ولوج البوابة السورية إلى اختراع إسمه المشرقية.

 

 

 

وفي الطريق لا بأس من تسفيه قدرة الحكومة والمجلس النيابي والقضاء على الإصلاح، لينسب باسيل لنفسه هذا الاختصاص ويبرئ فريقه من أي فساد، تاركاً للديبلوماسيين الأجانب والعرب، العارفين ببواطن الأمور أن يتندروا في رواية جزء يسير مما يعرفونه… قد يكون الحريري اختار ألا يستدرج إلى معركة طابعها طائفي، وإلى ملعب يقوم على ركلات الفاول، بالتذكير بأن الحكومة تنتظر رئيس الجمهورية، ثم باستعانته بالإنجيل المقدس في رده على عون، وبتأكيده لمن التقوه بأنه لن يعتذر أو يتراجع عن حكومة الاختصاصيين. فجمهوره يتضامن معه أكثر في هذه الظروف. لكن العديد باتوا يطالبونه بكشف لائحة الاختصاصيين الذين اختارهم رداً على تسميات أصحاب الولاء.