IMLebanon

إنتفاضة مخاتير البترون… “هل يحقّ للسوري ما لا يحقّ للّبناني”؟

 

يترجم ما يحصل في بعض بلدات قضاء البترون في الأيام الماضية ما وصلت إليه أحوال البلاد من حصول النازح السوري على حقوق تفوق بكثير حقوق الشعب اللبناني. بدأت هذه المشكلة بعد قرار التعبئة العامة وإعلان حال الطوارئ الصحية، إذ إنّ هذا القرار شمل كل مقيم على الأراضي اللبنانية سواء كان لبنانياً أو أجنبياً، لكن لسوء حظ اللبناني أن النازح السوري بات يتصرّف كما يحلو له حتى قبل زمن “الكورونا”، إذ إن المنظمات الدولية كانت تهتم بالنازحين وتهمل المجتمعات المضيفة.

 

“إلزموا منازلكم”، هذه العبارة كانت شعار المرحلة لمواجهة “الكورونا”، وعندما خرج رئيس الجمهورية ميشال عون لمخاطبة اللبنانيين ودعاهم للعمل من المنازل، ثارت ثائرة الجميع لأن هناك أشغالاً تتطلّب الحضور والتواجد الشخصي مثل سائقي الباصات والتكسي وعمال المعامل، ليكتشف الجميع أن هذه القرارات تُطبّق على العمال اللبنانيين فيما السوري معفى منها، في حين أن أحداً من أركان الدولة لا يلتفت إلى صرخات الإستغاثة التي تخرج من الأحياء الفقيرة في عكّار وطرابلس وبقية المناطق. وبدأت القصة في البترون عندما حاولت البلديات ضبط الوضع وتطبيق مقتضيات الوقاية والحجر المنزلي، في حين أن المخاتير تسلّموا زمام الأمور في القرى التي لا توجد فيها بلديات، وبعد أيام قليلة بدأت المشاكل، إذ إن السوريين لم يلتزموا بهذا القرار، علماً أن معظمهم يقطنون في مساكن غير صالحة صحياً، ويوجد أكثر من 10 أشخاص في الغرفة الواحدة وكأن لا حسيب ولا رقيب.

 

وتفاقم الوضع بعد محاولة تلك البلدات منع العمال السوريين من الخروج من البلدة والعودة إليها حاملين معهم “الكورونا”، وذلك حمايةً للبنانيين والسوريين على حدّ سواء، إلى أن انفجر الوضع بين مخاتير البترون وقائمقامها روجيه طوبيه بعد إصداره بياناً توضيحياً أكد فيه أن قرار التعبئة لا يعني حجز السوريين في منازلهم، بل مراقبة العمال المياومين الذين يعملون في الورش داخل القضاء وفي القطاع الزراعي.

 

هذا البيان أثار حفيظة المخاتير الذين قرروا التصدي لمثل هكذا قرارات وأكّدوا العمل لحماية بلداتهم.

 

وتتفاقم الأزمات في البلدات البترونية المحاذية لقضاء جبيل والتي لا يوجد فيها بلديات وهذه البلدات هي: عبدلي وجران وتولا وصغار ودريا والدوق والتي لا تتخذ الدولة أي إجراءات فيها وتركتها مشرّعة على كل المخاطر.

 

وفي السياق يتحدّث مختار بلدة عبدلي حنا بركات لـ”نداء الوطن” عن خطورة مثل هكذا قرارات، حيث تشرّع الدولة للسوري أموراً لا تحقّ للبناني، وبالتالي فإن هذا الوضع استدعى تنسيقاً بين مخاتير المنطقة من أجل حماية البلدات ومنع استيراد “الكورونا” من خارج القضاء، وعلينا أن نعرف هل يوجد قرار تعبئة نعم أم لا وعلى من ينطبق، وهل إزالة التدابير من هذه البلدات هو بهدف أذيتها وذلك لتصفية حسابات سياسية من جهات معروفة؟

 

والغريب في كل ما يحصل، وهذا الأمر يضعه مختار عبدلي والأهالي برسم وزير الداخلية محمد فهمي، إذ إن دورية من مخفر البترون أتت إلى عبدلي، وقالت إن “تدابيركم تُعتبر ميليشيوية ولا يحق لكم القيام بأي تدبير، وللمصادفة أتت سيارة غريبة من بلدة جاج تقل 3 سوريين وعندما سألهم المختار ماذا تريدون من البلدة، تدخل أحد عناصر الدرك وقال للمختار:”جايين يكزدروا وشو إلك معن”.

 

وأمام هذه الصرخة البترونية، يرى بعض فاعليات هذه البلدات أن الدولة ليست قوية إلا في مناطقهم، فلا ترى مثلاً في كل تصرفات “حزب الله” في مناطقه عملاً ميليشيوياً للحماية الذاتية، بينما بعض التدابير الوقائية وعزل بلدات لحمايتها هو عمل مدان، ويناشد الأهالي قائد الجيش العماد جوزف عون التدخّل لحماية بلداتهم ومنع الفلتان السوري الحاصل، حيث أنهم ينسفون كل أيام الحجر نتيجة تغلغلهم في الأحياء وجلب بعضهم الأذى لعائلاتهم أولاً ولسكان البلدات القاطنين فيها. من جهته، يؤكّد قائمقام البترون روجيه طوبيا لـ”نداء الوطن” أنه لم يُصدر قراراً يقضي بتشريع عمل السوريين في هذه الأزمة، بل إن المشاكل زادت في الآونة الاخيرة بين بعض أرباب العمل والعمال السوريين، “لذلك أصدرت بياناً طالبت فيه بتنظيم العمالة وفق ما تتطلبه التعبئة العامة، وقد استشرت قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي وأكدا لي عدم وجود قرار يمنع السوريين من الخروج من منازلهم.

 

وأمام تفاقم هذه الأزمة وانفلات السوريين في الأحياء والبلدات البترونية، وجهت “رابطة مخاتير منطقة البترون” تعميماً إلى مخاتير القرى، أشارت فيه إلى انه “بعد ورود اخبار عن السماح للعمال السوريين بالعمل مجدداً في القرى والبلدات وشكاوى من الأهالي، نتيجة تجوّل العمال الأجانب والغرباء بين منازلهم وعلى الطرق، ندعو المخاتير للتكاتف والتضامن في ما بيننا لمواجهة هذه المحنة والتصدي لفيروس كورونا والحد من انتشاره فنجتاز هذه المرحلة بخير”.

 

وتمنّت عليهم “نظراً للظروف الراهنة والحالة التي تمر بها البلاد، وإنفاذاً لقرار وزارة الداخلية والتعبئة العامة المفروضة في البلاد وإحساساً منا بالمسؤولية، مراقبة العمال السوريين وعدم السماح لهم بالخروج والعودة الى القرية ومراقبة تجولهم خوفاً من نقل أي عدوى، على أن يترك القرار لكل مختار السماح لهم بالتجول والعمل”.