IMLebanon

يا شعبنا اللبناني العظيم

 

أثبتت الأيام والسنوات العجاف التي مرَّت على لبنان واللبنانيين كافة بأن هكذا صيحات وأمثالها من مفردات; القوي والأقوياء والقوية، أفضت بالتجربة والدلائل الملموسة إلى هلاك شعب بأكمله ووضعته أو رَمَتْهُ سيّان بينهما في نار جهنم يُشوى ويُحرق دون أن يرى سندا له سوى شكواه إلى الله لما وصل إليه حاله وحال وطنه وانتقل به من الشعب العظيم إلى المحكوم عليه بالموت قهرا وإذلالا بالجوع والعطش والمرض الذي خفي دواؤه وسُرقت ونُهبت أموال الناس المودعة أمانة بالبنوك برعاية الدولة وبنكها المركزي. ومن لم يمت بهذا مات بغيره اغتيالا، أو تفجيرا أقرب إلى التفجير النووي الذي عرفه العالم بمدينتي اليابان في الحرب العالمية الأولى. وأودى ظلما بآلاف الضحايا والجرحى من اللبنانيين وأحدث دمارا وخرابا في منازل اللبنانيين ومحالهم ومتاجرهم ومؤسساتهم الدينية والتعليمية وطرقاتهم وساحاتهم. ومع وقوع كل هذه الجرائم والبلايا ما زال الفاعلون مجهولون لا تحقيقات قضائية لكل ما وقع وحصل، ويبدو أن المسؤولين في الدولة العليّة سيعمدون الى جريمة عفا الله عما حصل.

أما وقد وصلت البلاد شعبا ودولة ومؤسسات وأصبحت موضع استغراب واستهجان رؤساء دول وحكومات صديقة حذّرت ونبّهت من انهيار الوضع إن لم تأخذ الدولة اللبنانية إجراءات وخطوات بهدف التصحيح ووقف الهدر الذي لا طائل منه والفساد المستشري في البلاد وكانت النتيجة قول الشاعر: ما أسمعت إذ ناديت حيّا، فلا حياة لمن تنادي.. وعليه سحبت هذه الدول ثقتها من كل المسؤولين في المواقع الرسمية واقتصر تعاملها مع المواطنين والجمعيات الأهلية، وكان هذا كافيا ودليلا على أن المنظومة الحاكمة والمتحكمة بمقدرات البلاد قد فشلت وسقطت في إدارة الحكم وكان عليها أن تغادر الحكم فورا وتستجيب للشعار الفطري الذي رفعته الانتفاضة الشعبية: كلهن يعني كلهن..
وهذه التقارير الموثوقة والعلمية المحلية منها والعربية والدولية وذات الصلة الصادرة عن الأمم المتحدة وأفرعها تتحدث حاليا عن لبنان الأسوأ في معيشته في نوعية الحياة في العالم، لقد بيّنت هذه التقارير الدولية، أن بيروت الجميلة عاصمة لبنان الأخضر الموصوف بسويسرا الشرق، وجنة البلاد العربية ومصيف الأمراء وصحافة العرب ومشفاهم طلبا للعلاج والصحة والنقاهة وجامعتهم للتحصيل العلمي الجامعي ومطبعتهم التي تطبع وتنتج لهم الكتب والمطبوعات بأنواعها، والمصرف الذي يودعون فيه أموالهم ويحفظونها من كل نائية تتعرّض لها بلدانهم، وكان لبنان بكل مساحته ومواطنيه ومؤسساته الفضاء الذي يتنفسون فيه بالحرية، الحرية الشاملة بضوابط الإيمان والراسخة بالقيم العربية، وبيروت منبر الشعراء العرب واللبنانيين وفلاسفة الفكر والتأليف وجسر التواصل الثقافي الأخوي بين رواد الأمة العربية وبينهم وبين الثقافات الغربية والشرقية، فضلا عن دسامة اللبناني وحسن معشره وحبه للضيف واحترامه له وضيافته، وفوق كل ذلك حب اللبنانيين وعشقهم وارتباطهم بوطنهم ومكوناته وعيشهم الواحد والذي هو عندهم الأول والأبقى ولا يدانيه أي شيء، لا دولة أخرى ولا أمة ولا شعب آخر قريبا أو صديقا لأي سبب كان أو سيكون، فضلا عن اعتزاز اللبنانيين بانتمائهم العربي وتضحياتهم العظيمة من أجل قضية العرب الأولى فلسطين وشعبها واحتضانهم والعيش الواحد معهم حتى العودة المنتظرة إلى وطنهم المحتل والتي حاصلة وقريبة أن شاء الله تعالى، وتعميق الإخوة العربية شعبا وأقطارا، والاعتداء من جهات خارجية على أي واحدة منها هو اعتداء على الجميع واعتداء على الوجود العربي كله وأرضها المباركة وهي مولد جميع أنبياء الله ورسله ومبعث الرسالات السماوية الخالدة.

وقبل وبعد كل هذا يتساءل معظم اللبنانيون بالسؤال إلى الطبقة الحاكمة المتحكمة: ما الذي فعلتموه وما زلتم تفعلونه والذي تجاوز كل حدود الإجرام والتنكيل بالشعب المغلوب على أمره والذي لم يعد يحتمل تحت أي سبب كان؟! هل هو من الوطنية في شيء أو من الإنسانية أو من العدل أن تنفرد بالبلاد والعباد مليشيا ومافيا الاحتكار وترفع أسعار المواد الغذائية وأسعار الدواء حتى المغشوش منه والمزوّر وأسعار اللحوم على أنواعها ومشتقاتها وما يفرضه تجار هذه المواد جميعا وكذلك أصحاب صهريج المياه المتواطئين مع بعض القائمين على شركات المياه التابعة للدولة وهكذا أصحاب المولدات الكهربائية الذين حلّوا مكان الدولة بالتواطؤ مع بعض القائمين والمتنفذين بوزارة الطاقة كل ذلك بدون حسيب أو رقيب وبدون مساءلة أو محاسبة وكل يحمي جماعته ومليشياته، وتراهم رغم احتدام الأزمات والنكبات التي تنزل بالشعب المسكين يتسابقون على الظفر بالوزارات والرئاسات وكل يريد الوطن إليه ولمخططاته من خلال الأزلام والمحازبين وإقصاء المواطنين الشرفاء..

إنه موت وطن وقتل شعب وتدمير مؤسسات ولا إصلاح للبلاد إلا بإسقاط الذين أوصلوا البلاد، لبنان وعدد من أقطار البلدان العربية، إلى هذا المصير الأسود، بلدان أصبحت بغالبيتها محكومة بإسقاط الجيوش وإحلال المليشيا وإسقاط الانتظام والنظام وإحلال الفوضى وإحلال الهدم والتدمير والخراب بدل البناء والإعمار والنماء.
تبشّرون المواطنين والناس أجمعين بمزيد من الانهيارات والصراعات والاقتتال الطائفي والمذهبي والمناطقي، وتتنافسون على مواقع الرئاسات والوزارات والوظائف بالدولة المنهوبة من قبلكم عن بكرة أبيها دون أن نرى منكم أي حل جدّي لمشاكل الوطن ودون أي خطوة إصلاحية معتبرة لعلها تنقذ غرقى الوطن وتؤمن الدواء والحليب للأطفال الرضّع، وتجدون حلا للعتمة والظلام وانعدام الكهرباء التي صرفت في سبيل إعادتها عشرات المليارات وزادت العتمة والظلام وعجزتم عن تأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة للبشر المواطنين والمقيمين والنازحين الذين تخلصت منهم أوطانهم لألف سبب وسبب وترفض عودتهم لمدنهم وقراهم وهذا ما يخطط له الغرب الاستعماري لتبقى الحروب الداخلية قائمة ومستمرة فيما بين أبناء الوطن الواحد. لقد فشلتم في إيجاد أي حلول سياسية أمنية، معيشية صحية ودوائية. وعليه نسألكم ونذكّركم أما آن الأوان أن ترحلوا، وترحلوا، وترحلوا وتخلص البلاد من فسادكم وإفسادكم، وان غدا لناظره قريب.
لمناسبة جريمة 4 آب – مرفأ بيروت