IMLebanon

المؤسسات تلقّت رصاصة الرحمة: إنتهينا

 

تغيّرت معالم بيروت على أثر الانفجار الهائل الذي أصابها حتى باتت غريبة عن أهلها، فقد تطايرت أرزاق اللبنانيين وممتلكاتهم ومؤسساتهم ومنازلهم لتعيدهم الفاجعة الى نقطة الصفر.

ليس من السهل إعادة البناء في بلد يتلقّى الضربة تلو الاخرى بدءاً من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعانيها، الى تدهور سعر الصرف وتعذّر الحصول على الودائع، الى أزمة كورونا التي شلّت اقتصاد البلد حوالى 3 اشهر، أضيفت اليها أمس الفاجعة التي ألمّت بمرفأ بيروت ومَحت معالم عاصمة كانت بالأمس مقصداً ومركزاً تجارياً وسياحياً من الأهمّ في الشرق الاوسط. هذه المرة لن يكون من السهل إعادة البناء كما في كل مرة، في ظل صعوبة الاستيراد وندرة توفّر العملة الصعبة، والتدهور المتلاحق في العملة الوطنية. فكيف سيستعيد لبنان دوره التجاري في المنطقة بعدما فقد القدرة على الاستيراد والتصدير، الى جانب الضرر اللاحق بقطاعاته التجارية والسياحية والاستشفائية؟

 

«القطاع المطعمي في حالة يرثى لها» بهذه التعابير وصف نقيب أصحاب المطاعم طوني الرامي وضع القطاع، وقال: «لم يبق من يخبّر عنه»، يصعب تقدير الخسائر بل يستحسن القول: «الشّوفِة مش متل الحَكي». القطاع المطعمي شِبه مُنته، أكثرية المؤسسات مدمرة والبقية تخلّعت ابوابها وتحطم زجاجها. والمصيبة الاكبر ان لا قدرة لنا على التصليح اليوم، لأنّ التصليح يحتاج الى fresh money غير متوفر والى مخزون مالي غير مؤمّن أيضاً. فالمصائب تأتينا واحدة تلو الاخرى، من حادثة قبرشمون الى تداعيات الثورة الى إفلاس البلد وصعوبة الحصول على اموالنا الى كورونا وصولاً الى هذا الانفجار، فكم يمكننا التحمّل بعد؟ كان لدينا قطاع خاص قوي، أمّا اليوم فهو غير قادر، لقد قضوا عليه كليّاً.

 

وعن المدة التي يحتاجها القطاع للوقوف على رجليه مجدداً، قال: فليقف البلد أولاً على رجليه، للأسف من الصعب ان ينهض القطاع مجدداً ويسترجع نشاطه، هو بحاجة الى معجزة إلهية.

 

في القطاع الفندقي المشهد مماثل، فقد كشف رئيس نقابة أصحاب ​الفنادق​ والمؤسسات السياحية ​بيار الأشقر​ أنّ 90 % من فنادق ​بيروت​ الكبرى متضررة مثل «​فينيسيا​« و»Four Seasons» و»Le Gray»… وقد دفعت هذه الحادثة الى نقل النزلاء إلى فنادق أخرى. واشار الى انّ عدداً كبيراً من الفنادق الواقعة خارج العاصمة فتحت أبوابها لاستقبال الأهالي الذين خسروا منازلهم. وكشف أنّ عدد الجرحى في فندق «Le Gray» بلغ 17، أما في «فينيسيا» فوصل العدد الى 20 جريحاً بين الموظفين والنزلاء.

 

أسواق تجارية

 

القطاع التجاري لم يسلم بدوره من تداعيات الانفجار، فبعد جولة على الاسواق، يقول نائب رئيس جمعية تجار بيروت جهاد التنير لـ»الجمهورية» انه «أصلاً لم يعد هناك من اسواق في بيروت، ولا في الحمرا ولا في الوسط التجاري، فما حصل بالأمس كان القشة التي قصمت ظهر البعير، فالقطاعات الخاصة كانت تعاني في الاساس، لا سيما القطاع التجاري والفندقي والمؤسساتي. قبل الحادثة كنّا نبحث في كيفية الخروج من هذه الأزمة من خلال حلول معينة ربما، أما بعد الذي حصل امس الاول، فلقد أصبح الامر شبه مستحيل. ما جرى شبيه بقنبلة نووية أخفت معها مرفأ بيروت الذي ما عاد موجوداً، مرفأ عمره 150 عاماً وكان المركز الوسطي وصلة الشرق بالغرب، وركن التجارة في شرق المتوسط. مرفأ التصدير والاستيراد اختفى من الوجود ومعه مركز بيروت التجاري.

 

وأعرب التنير عن أمله بإعادة البناء والنهوض مجدداً بالاستناد الى المساعدات العربية والخليجية والدولية التي أعربت عنها غالبية دول العالم، بما يطمئن الى انّ لبنان ليس متروكاً.

 

في الأشرفية

 

الاشرفية تغيرت معالمها بالكامل، ويصفها رئيس جمعية تجار الاشرفية انطوان عيد بالمنكوبة، وقال لـ«الجمهورية»: لم نتمكن من الوصول الى كل الاحياء، أمّا ما رأيناه فكارثة حقيقة، اذ ما لا يقل عن 90 % من محلاتنا التجارية متضررة، والمشاهدات على الارض تظهر حجم الدمار الهائل. أمّا عن الخسائر فيقول عيد: هناك خسائر مباشرة واخرى غير مباشرة. المباشرة منها تتمثّل بتكسير الزجاج والنوافذ والجدران والمقدّرة بمئات ملايين الدولارات. أمّا غير المباشرة فتتمثّل بالضربة القاضية على القطاع الذي يعاني أصلاً، والتحدي الاكبر كيف سيقف اللبناني مجدداً في ظل وضع اقتصادي صعب. فاللبناني قوي صحيح ويتميّز بالمبادرة الفردية، لكن هل سيتمكن من النهوض مجدداً في ظل تَلقّيه الضربة تلو الاخرى؟ وعن المؤسسات التجارية في الاشرفية يقول عيد: قبل الانفجار كان القطاع يحتضر، امّا اليوم وبعد هذه الحادثة المفجعة فقد شلّ كل شيء. وعن الفترة المقدّرة لعودة التعافي الى اسواق الاشرفية، قال عيد: هذه المرة الأمر يرتبط بقدرة المؤسسات المالية ومخزونها المالي لتتمكن من النهوض، وللأسف انّ بعض المؤسسات لن يتمكن من الفتح مجدداً.