IMLebanon

محاصصات

بين الأمس القريب والبعيد في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان وبين اليوم في عهد الرئيس ميشال عون لم يتغيّر شيء في عملية تأليف الحكومة، والعُقد التي تعتري تأليفها، وما يُخشى منه رغم الإيجابيات التي تطفو على سطح المشاورات الجارية بين الرئيس المكلّف والقوى السياسية أن تحول المطالب والمطالب المضادة والتنافس على الحصص والمحاصصة أن يؤخرا ولادة حكومة العهد الأولى التي يتوقف عليها انطلاقة العهد بالزخم المطلوب لإعادة البلد إلى الخارطة الدولية من جديد بعدما تلاشى حضورها إلى حدّ الانعدام نتيجة الخلاف الذي كان مستحكماً حول الاستحقاق الرئاسي، والذي دام سنتين ونصف السنة وكان يمكن أن يستمر أكثر من ذلك بكثير لولا تلك التسوية الدولية والإقليمية التي أفضت الى إنهاء الشغور الرئاسي، بانتخاب مرشّح حزب الله العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بلا منازع.

وها هي الاتصالات والمشاورات التي أجراها الرئيس المكلف مع القوى السياسية المعنية بالحكومة تكشف بما لا يقبل الشك من أن العقد التي كانت في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان، تؤخّر تشكيل الحكومة بضعة شهور، كما كان حال حكومة تمام سلام المستقيلة وحكومة ميقاتي التي سبقتها، ما زالت هي نفسها، وكأن كل المعنيين بالتشكيل لم يستفيدوا من التجارب السابقة رغم تغيّر الظروف، وتبدّل الأحوال بين العهد السابق والعهد الجديد، فالخلاف على توزيع الحصص بين القوى السياسية الذي أدى في العهد السابق إلى تأخير تشكيل الحكومة ما زال يصطدم به اليوم الرئيس المكلف في مشاوراته واتصالاته مع هذه القيادات من أجل الاتفاق معها على تشكيلة حكومية توحي بالثقة وتؤذن بانطلاقة واعدة للعهد الجديد، يعوّض بها عن المرحلة الماضية ويعيد الثقة الخارجية بالدولة اللبنانية وبقدرات شعبها على اجتراح العجائب في منطقة غارقة بالحروب حتى أذنيها ولا أحد حتى الآن بإمكانه أن يتكهن بما ستؤول إليه هذه الحروب من تغييرات جيوسياسية وديمغرافية وغيرها.

لقد تعهد الجميع بتسهيل مهمة العهد الجديد عبر تسهيل عملية تأليف حكومته الأولى لكي تنطلق المسيرة، ويعوّض اللبنانيون الخسائر الجسيمة التي لحقت بهم جرّاء الانقسامات الحادّة بين قياداتهم والتي أدت إلى أن يستمر الفراغ في سدة الرئاسة سنتين ونصف ويتمدد هذا الفراغ ليشمل باقي المؤسسات الدستورية من مجلس نواب وحكومة، ومعهما تتوقف عجلة الدولة عن الدوران، ويستمر معه الخطر على الكيان، لكن هذا التعهد لم يترجم حتى الآن إلى خطوات عملية، ومن يدقق في الأخبار التي تسربت عن خفايا الاتصالات والمشاورات الجارية بين الرئيس المكلف والقوى التمثيلية وغير التمثيلية يجد أن أحداً لم يستفد من سلبيات الماضي، وإن المطالب التي أدت في السابق إلى تأخير تشكيل الحكومة ما زالت هي نفسها مع الرئيس المكلف، فالجميع يدّعي أنه يريد التسهيل لكنه يضع مصالحه فوق أي اعتبار ما أدى الى أن تتحوّل عملية تسهيل التأليف إلى عملية تعقيد وتأخير.