IMLebanon

بين خياري «التشكيل» و«التصريف» الحكومة في غياهب النزاعات الإقليمية

 

بات جلياً أن قوى اقليمية من يعطل تشكيل الحكومة على نزاع المحاور والجيوستراتيجيا السائد في الشرق الأوسط، وهذا التعطيل فرض حالة انقسام جديدة على الساحة اللبنانية في ظل تمسك حزب الله بتوزير سنة الثامن من آذار وحيث هذه المسألة لم تكن مطروحة في كل المشاورات التي حصلت بين المعنيين لتشكيل الحكومة العتيدة، وهنا ثمة معلومات أن البعض كان يراهن على التعطيل من قبل إيران وأن يكون حزب الله متشدداً في اللحظات الأخيرة عبر خلق أي ذريعة تفرمل إعلان مراسيم التشكيل وكانت هذه الذريعة متمثلة بسنة المعارضة وحيث ينقل وفق أجواء عليمة بأن وفد نواب سنة المعارضة وخلال جولاتهم على مرجعيات سياسية وروحية، لم يلقوا الدعم المطلوب لتوزير أحد نوابهم وبالتالي كانت هناك عملية شرح مستفيض من هذه المرجعيات للظروف المحيطة بلبنان والمنطقة والتي تستدعي الدعم والمساعدة لا التعطيل مع الحرص على ما يمثلون وأنه ليس هناك من أي اعتبارات شخصية مع أي نائب منهم، ولكن تبين بوضوح تام أن المسألة تتخطى ذلك بكثير لأن كرة التعطيل هي بحوزة حزب الله، وبناء عليه لم يعرف الخيط الأبيض من الخيط الأسود إلا بعد كلمة أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله حيث سيرسم خارطة طريق للشأنين الداخلي والإقليمي، وعلى الصعيد المحلي سيبين كل الأمور المحيطة بتوزير سنة المعارضة وموقفهم من هذه المسألة والأجواء تؤشر إلى تمسك الحزب بتوزيرهم لا سيما بعد مواقف كتلة الوفاء للمقاومة إلى ما تطرق إليه نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم.

من هذا المنطلق لا يبدو أن تشكيل الحكومة على طريق الحل بل أصبح معقداً في ظل الكباش الإقليمي والدولي وأيضاً بعد فرض واشنطن العقوبات على طهران وحزب الله وما يمكن أن يحصل في الأسابيع القليلة المقبلة، وبمعنى آخر أن الصورة لم تتضح بعد في المنطقة ليبنى على الشيء مقتضاه لبنانياً وعلى الملفات المأزومة وتحديداً تشكيل الحكومة ومع ترقب أيضاً عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من باريس فكل هذه العناوين هي حالة انتظار معقدة وصعبة للغاية أمام عدم بروز أو وضوح أي رؤية لحل ملفات سوريا والعراق وفلسطين وبالتالي كما كانت الحال مع حكومة الرئيس تمام سلام فإن معجزة الحل تتمثل بحصول توافق إقليمي ودولي في توقيت معين لدعم التأليف وهذا ما يعوّل عليه أمام هذه الانتظارات، لذا فإن مضمون كلمة السيد نصرالله وما يحمله معه الرئيس الحريري من باريس إلى ما يمكن أن يحصل على المستويين الإقليمي والدولي من مواقف وتدخلات، ذلك ما سيبلور مسألة التأليف والأمور تحتاج إلى وقت إضافي قد يطول أمام هذه العقد المتراكمة.

من هذا المنطلق لا تبدو الصورة حتى الساعة إيجابية أمام هذه المعضلات وكذلك الأمر أن الأجواء التي تنقل عن بعض المرجعيات السياسية التي لها دورها وحضورها، لا تؤشر إلى أي حلول قد تحصل خلال فترة قريبة مما يعني أن لبنان أمام أزمة مفتوحة سياسية ودستورية واقتصادية بعدما وصلت الأوضاع الاقتصادية إلى حالة تنذر بمخاطر جمة والأمر عينه للوضع المالي والمخاوف على أموال «سيدر» التي قد تذهب إلى دولة أخرى في حال طال أمد التأليف، وهنا ثمة حلول أو بدائل يجري التداول بها، فإما ضرورة الاتفاق مع رئيسي الجمهورية والحكومة كونهما المعنيان الأساسيان للتأليف بمعنى الإسراع في تشكيل الحكومة وإن كان ذلك له محاذير صعبة بفعل دور حزب الله الذي لا يسمح بهذا التفرد وإن كان دستورياً وميثاقياً، تالياً تفعيل دور حكومة تصريف الأعمال لتسيير شؤون وقضايا الناس أمام هذه الأزمات المستفحلة اقتصادياً واجتماعياً، لذلك كل الاحتمالات واردة في الأيام المقبلة أمام إقرار الجميع بصعوبة وتعقيدات هذا الوضع.