IMLebanon

بين تركيا وإيران ثقة مفقودة

أعلن قائد القوات البحرية الإيرانية، أنّ «طهران بدأت تدريبات بحرية في الخليج والمحيط الهندي في الوقت الذي تتصاعد فيه التوتّرات مع الولايات المتحدة، بعدما وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحذيراً رسمياً لطهران». وتعهّد ترامب، منذ أن تولّى السلطة، باتخاذ موقف متشدّد من إيران. وحذّرها بعد أن أجرت تجربة على صاروخ باليستي، يوم 29 كانون الثاني الماضي، من أنّها «تلعب بالنار، وأنّ كلّ الخيارات الأميركية مطروحة على الطاولة».

إنّ تصاعد حدّة التهديدات بين البلدين، وصلت إلى آذان اللاعب التركي، الذي بدوره استغلّ سوء العلاقة الإيرانية – الأميركية من جهة، مرتكزاً على الغزل الأميركي، إضافة للإنفتاح التركي على الدول الخليجية من جهة أخرى. تعالت التصريحات التركية، من أعلى الهرم في القيادة التركية، مندّدةً بالتصرّفات الإيرانية في المنطقة، وسعيها لترسيخ الخلاف السنّي – الشيعي في المنطقة.

التصعيد التركي، بدأ على لسان الرئيس، رجب طيب أردوغان، على هامش زيارته للخليج. حينما أكّد أنّه «إذا كانت إيران تقول إنّها ضدّ المجازر وليست وراءها، فيجب أن نتعاون ونتكاتف لنوقف إراقة الدماء في سوريا مع بعضنا البعض».

وصولاً إلى الهجوم الأكبر الذي جاء على لسان وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو، الذي وصف الدور الإيراني في المنطقة بأنّه «دور يزعزع الإستقرار، خصوصاً أنّ طهران تسعى لنشر التشيّع في سوريا والعراق».

نقاطٌ خلافية، برزت بوضوح بين اللاعبين الإقليميّين التركي والإيراني، على رغم دعوتهما مع الجانب الروسي إلى عقد مؤتمر أستانة حول سوريا. يبدو أنّ التراجع والتقهقر الذي يطال تنظيم «داعش» فتح في المجال أمام تركيا وإيران لتحقيق أحلامهما في المنطقة، من خلال وراثتها، والسيطرة على الأراضي التي تخسرها.

إلّا أنّ أبرز هذه النقاط، هي:

– الدعوة لإقامة منطقة عازلة على الحدود التركية، حيث تعمل القيادة التركية لإقامتها، من خلال قوات «درع الفرات». بينما الجانب الإيراني يرفض إقامتها، لإعتبارها ستشكّل خاصرة رخوة لحليفه النظام السوري، وممراً أمناً للجماعات الإرهابية، ومنطلقاً لعملياتها على المجموعات الداعمة لها إيران.

– الموصل العراقية، التي تزحف إليها قوات «درع الفرات»، لوضعها تحت السيطرة التركية. لهذا أتى الرفض التركي حازماً، بعدم مشاركة القوات الشيعية في تحريرها، تحت ذريعة، الخوف من إستنهاض الروح الطائفية، لدى العشائر السُنّية في الموصل. بينما هي في الواقع، تخاف من السيطرة الإيرانية عليها، التي ترى فيها نقطة وصل إلى «حزب الله» في لبنان.

– النظرة المختلفة في قيادة المنطقة، والعمل على إعادة رسمها بما يتناسب ومصالح كلّ منهما. لذلك، أدركت القيادة التركية، مدى جدّية العلاقة الروسية – الإيرانية في الرؤية المستقبلية للمنطقة. وإنّ علاقتها مع روسيا هشّة، ما دفعها لإعادة النظر مع الإدارة الأميركية الجديدة.

بادرت القيادة الإيرانية للردّ على سلسلة التهديدات الأميركية، وعلى الهجوم التركي العنيف من خلال القيام بمناورات عسكرية، حملت أكثر من رسالة لمَن يُهدّد أمنها. فنقلت وسائل إعلام حكومية، عن أميرال حبيب الله سياري أنّ «المناورات البحرية الإيرانية السنوية، ستجرى في مضيق الهرمز وخليج عمان وباب المندب والأجزاء الشمالية من المحيط الهندي للتدريب على محاربة الإرهاب والقرصنة».

أخيراً، إنّ غياب الثقة، هو أبرز ما يُميّز العلاقة بين تركيا وإيران حالياً، فما أن يتفق الطرفان حتّى يختلفا مجدداً. هذا ما سيعمّق الشرخ الطائفي في المنطقة، وسط نزاع إقليمي يستند إلى دعم دولي، يحمل سياساته التقسيمية لشرق أوسطي يتميّز بموقعه الإستراتيجي لها. لذلك، فغياب الثقة في العلاقة بين البلدين، سيدفع بالمزيد من التأزم بينهما، وستنعكس حدةً في النزاع على المنطقة.