IMLebanon

بكركي “تُبارك” جبهة معارضة… ببرامج واضحة

 

تحتدم المعركة السياسية أكثر مع كل حدث يمكن أن يُسرّع تأليف الحكومة، ويبقى الأساس وجود طبقة سياسية لا تريد التنازل لمصلحة البلد ومن أجل فقراء طرابلس وكل لبنان.

 

تحاول السلطة إشاعة أجواء إيجابية توحي بقرب التأليف، لكن مجموع العقد المتبقية يحول دون ذلك، ما يدل على أن كل الجو التفاؤلي لا يستند إلى أسس ثابتة من الممكن أن تنتج حلولاً حكومية.

 

ولا يزال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يُجري الإتصالات بالأفرقاء المعنيّين بتأليف الحكومة، ويتواصل مع الرئاسة الفرنسية وينسّق مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم من أجل تدوير الزوايا، في حين أن مفتاح الحلّ موجود في طهران بالدرجة الأولى، والتي تنتظر المسار الذي ستسلكه إدارة الرئيس جو بايدن.

 

وفي هذه الأثناء، يرى فريق معارض أساسي أن ترك أطراف السلطة والأكثرية الحاكمة تتحكّم بالبلاد بهذه الطريقة سيوصل إلى الدمار، وهذا الأمر يوجب إنشاء جبهة معارضة للتصدّي لكل خروج عن الدستور ومنع أخذ لبنان إلى المحور الإيراني. ويبدو رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع ورئيس الحزب “التقدّمي الإشتراكي” وليد جنبلاط من أكثر الساعين للوصول إلى مثل هكذا جبهة، لكن كل على طريقته، فـ”القوات” تريد جبهة كاملة متكاملة تضع برنامج عمل إنقاذياً يطال المستوى الإقتصادي والمالي والأهم السيادي وكل ما يتعلّق بسلاح “حزب الله” وبقية الميليشيات، في حين أن جنبلاط يعارض لكن من دون الدخول في مواجهة مباشرة مع “الحزب” لأنه يعتبر أن موازين القوى لا تسمح بذلك الآن.

 

ومن جهة أخرى هناك مجموعات من المجتمع المدني وأحزاب ومتعاطون بالشأن العام يريدون تنظيم أنفسهم، في حين أن البطريرك الراعي كشف منذ أشهر أنه يلتقي مع قادة في المجتمع المدني ومنظمات في الثورة من أجل دراسة الخطوات الواجب إتباعها. وفي ظل تزايد غضب البطريرك على السلطة الحاكمة، فإن بكركي تؤكّد ضرورة وجود معارضة لتكبح جناح الحكم. وتشدّد الكنيسة على أنه في الأيام العادية وفي البلدان الديموقراطية توجد سلطة تحكم ومعارضة تعارض وتنتقد الأخطاء، فكيف الحال بالنسبة إلى بلد مثل لبنان، نُهب وسرق ودُمّر وقتل شعبه في إنفجار المرفأ ويجوع حالياً وضُربت معظم مؤسساته التي شكّلت العلامة الفارقة للتفوق اللبناني في الشرق؟ فعدم وجود معارضة بنّاءة يعني تسليم الحكم إلى من يريد الإستمرار بتدمير لبنان.

 

ومع حماسة الكنيسة لوجود معارضة حقيقية، إلاّ أنها تضع خريطة طريق لمثل هكذا تجمّع يقوم أولاً وأخيراً على برنامج العمل الإنقاذي، وإلا تكون المعارضة نسخة طبق الأصل عن السلطة وهدفها الجلوس مكانها. وترى الكنيسة أن أول بند يجب أن يكون على طاولة المعارضة هو الإتفاق على خطة عمل واقعية للإنقاذ المالي والإقتصادي وطرح كيفية العمل على تطبيقها، إذ لا يكفي طرح النظريات بل الأساس هو تحقيقها، فأي معارضة لا تنطلق من أوجاع الناس يعني أن لا لزوم لوجودها.

 

أما النقطة الثانية والأساسية في برنامج العمل فهي صيانة البلد من الرياح الخارجية ووقف الإرتهان للخارج، فمعلوم أن جزءاً من مشكلة لبنان هو ربطه بالمحور الإيراني وعزله عن العالمَين العربي والغربي، لذلك فإن حياد لبنان هو نقطة الإنطلاق من أجل حلّ الأزمة اللبنانية.

 

وتعتبر الكنيسة أن النقطة الثالثة المهمة لعمل المعارضة هي وضع خطة للوصول إلى تطبيق الدستور وتحقيق مشروع الدولة، وذلك صوناً لما تبقّى من مؤسسات، وللحفاظ على الشرعية، والعمل على جمع كل السلاح غير الشرعي وبسط سلطة الجيش على كل الأراضي اللبنانية وعدم القبول بوجود سلاح غير سلاحه.

 

إذاً، تُعطي الكنيسة أهمية خاصة لبرنامج العمل الإنقاذي، إذ إن الأسماء أو الجهات لا تهمها بل السياسة التي سيتبعها المعارضون لحظة وصولهم إلى السلطة، وهذا الأمر يُحتّم على من يعمل على بناء جبهة المعارضة التفكير جدياً بمضمون خطاب البطريرك والأخذ بالبنود الرئيسية لكي ينال مباركة الكنيسة مثلما نالها “لقاء قرنة شهوان” وبعده “ثورة الأرز”.