IMLebanon

بكركي وخطأ “كلّن يعني كلّن”

 

ليس استياء بعض القوى السياسية من التعميم الذي يعتمده البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظاته إلا ترجمة لرفض أن تُطبّق على أطراف مختلفين في النهج والسلوك والهدف، المعايير نفسها بما يؤدي إلى وضع الجميع ظلماً في خانة «كلن يعني كلن»، في وقت لا تدلّ الوقائع إلّا على نقيض هذا المشهد: فمن جهة يجاهر ويفاخر طرف بالورقة البيضاء وبتطيير نصاب جلسات الانتخاب، فيما يبقى الطرف الآخر في قاعة المجلس النيابي منتظراً أن يعود المعطّلون إلى رشدهم، خصوصاً المسيحيين منهم، الذين أكثروا هذه الأيام من التباكي على موقع الرئاسة، على وقع تعمّدهم فرض معادلة «أنا أو لا أحد» حتى خراب البلد.

 

انطلاقاً من هذه المحاذير كان لا بدّ للكنيسة أن تتنبّه إلى أنّ معادلة «كلن يعني كلن» لن تؤدي إلّا إلى إراحة المعطّلين الحقيقيين، بعد أن يكون المشهد قد أصبح ضبابياً، فيصبح بطل التعطيل، منذ العام 2005 وإلى اليوم، متساوياً مع من ناضل لانتظام مؤسسات الدولة، وتكون الكنيسة كمن قامت ومن دون أن تدري، بمكافأة المعطّلين. وهذا له نتائجه السياسية، فهو سيكون أوكسيجيناً مجانياً يُعطى لمن جيّر المصلحة العامة لأهوائه الخاصة، وصولاً إلى مباركة وركوب موجة تعطيل الدولة، وشلّ مؤسّساتها، واغتيال من تمّ اغتياله، وإجهاض العدالة في كل الجرائم، ومنها جريمة تفجير مرفأ بيروت، وهو مسار مستمرّ إلى اليوم رغم كل المصائب المتراكمة.

 

لا تقتصر أضرار «كلن يعني كلن» بالنسبة إلى الكنيسة على الماضي والحاضر وعلى صورة الحقيقة، بل تمتدّ إلى دور الكنيسة، بما تحضّر له من لقاءات آنية ومن تحركّات مستقبلية. فعقد اللقاء النيابي تحت هذا الشعار لن يؤمّن النجاح في فتح ثغرة بالجدار المقفل، لأنّ اللقاء سينقل الأزمة من حقيقتها إلى الأوهام المتعارف عليها وفي طليعتها، وهم أنّ المسيحيين قادرون إذا اتفقوا، على فرض رئيس الجمهورية.

 

في تفنيد هذا الوهم ما يجب على بكركي معرفته وهي تدركه جيداً، أنّ مسيحيّي الممانعة لا يمتلكون القرار المستقلّ الذي يؤهّلهم للدخول إلى الصرح، والاتفاق على مرشح يضعون اسمه لدى البطريرك الراعي، وهم يعرفون أنهم وعلى الرغم من الشغب الذي يمارسونه على «حزب الله»، يخشون تجاوز الخطوط الحمر، وبالتالي لن يذهب جبران باسيل أو غيره إلى ترشيح اسم يتمّ الاتفاق عليه، لأنه لا يستطيع تحدّي «حزب الله» في أجندته الرئاسية، وأقصى ما يمكن أن يفعله رفض ترشيح سليمان فرنجية، من دون التجرّؤ على تسمية البديل الممكن أن يتفق عليه بين مجموعة من الكتل.

 

بناء على هذه الحتمية، لن يكون لقاء بكركي إذا عُقد سوى إضافة لن تضيف على المشهد إلّا مجرّد صورة، ولن يخدم هذا اللقاء الهدف المعلن منه، طالما أنّ بعض من يجلس الى الطاولة لا يمتلك قراره بيده، والأفضل بالتالي ألا تتحمّل بكركي مسؤولية أمل زائف، سوف يرتدّ سلباً على صورة الكنيسة.