IMLebanon

بكركي تحتضن طلاّب الثورة… “بكم نفتخر”

 

 

لا تزال ثورة طلاّب لبنان تأخذ مداها ولم تتوقّف بعد، حيث رسمت هذه الفئة من الشعب أبهى صورة عن وطن الأرز.

 

فاجأت ثورة الطلاب الجميع، فلم يكن أحد يتوقّع هذه الحماسة في نفوس أطفال قيل يوماً إنهم يعيشون خارج هموم الوطن، فكل ما يهمّهم حسب البعض هي الألعاب على وسائل التواصل الإجتماعي ومتابعة الأفلام المعلّبة، فيما يفتقدون الوعي السياسي والوطني.

 

حطّم طلاّب لبنان كل الحواجز، إنتفضوا على الواقع المزري الذي يعيشونه والبلد، تخطّوا الأكبر منهم سنّاً ونزلوا إلى الميدان منادين بالمحاسبة وضمان مستقبلهم، ومعلنين أنهم يثورون لكي لا يفقدوا بلدهم ويهاجروا.

 

وبما أنّ الثورة الطلابيّة إنطلقت من أمام المدارس، فقد ترأّس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إجتماعاً تربوياً إستثنائياً في بكركي أمس، شارك فيه عدد من الأساقفة والرؤساء العامين والرئيسات العامات والإقليميات وأعضاء الهيئة التنفيذية للمدارس الكاثوليكية.

 

وعلمت “نداء الوطن” أن الإجتماع ركّز بالدرجة الأولى ع”لى التطوّرات التي تمرّ بها البلاد وعلى الثورة المجيدة التي يقوم بها الشعب اللبناني، خصوصاً أن الكنيسة كانت أول من ثار على الواقع ودعت إلى وقف الفساد والفاسدين ووقف نهب خزينة الدولة والتصدّي للاوضاع المالية الصعبة التي تمرّ بها البلاد”.

 

وفي التفاصيل، فإن الإجتماع تناول بشكل أساسي ما يحصل من ثورة طلابيّة تعمّ كل مدارس لبنان، وكان الرأي متفقاً على مباركة هذه الثورة الجديدة والإفتخار بها لأنها تشكّل مثالاً يُحتذى به ويؤكّد أن كل شرائح الشعب اللبناني مع تغيير الواقع المتردّي.

 

وهدف إجتماع بكركي أمس إلى توحيد وجهات النظر بين كل أعضاء الإكليروس لأن المرحلة حرجة على كل الصعد، ولا يمكن للكنيسة أن تكون ضدّ الثورة لأن السيّد المسيح كان الثائر الأول، وبالتالي وحرصاً على نقاوة الثورة، فإن الدعوة كانت لتحمّل الأهل المسؤولية مع المدارس.

 

ومن جهة أخرى، فإن كل الأقاويل التي تتحدّث عن إتخاذ المدارس الكاثوليكية تدابير بحقّ الطلاب المتظاهرين لا أساس لها من الصحة، وهذا الأمر كان محور إجماع لدى المجتمعين، إذ إن المدرسة لا تستطيع أن تقول للطلاب لا تتظاهروا والكنيسة كانت تحضّ الناس دائماً على التعبير.

 

وعلى رغم أهمية دعم التظاهرات، إلا أن القيّمين على المدارس الكاثوليكية يفكّرون أيضاً بإنقاذ العام الدراسي، وهم وإن تمنّوا على الأهل تحمّل مسؤولياتهم ومرافقة أولادهم في التظاهرات لأن الطالب الذي يدخل إلى المدرسة تُعتبر المدرسة مسؤولة عنه، إلاّ أنهم في الوقت نفسه لا يريدون للحراك الشعبي الإنتهاء من دون نيل المطالب الشعبية لأن القطاع التربوي اول من عانى من سياسات السلطة.

 

وأمام حجم الثورة الطالبية والشعبية، فقد أكّد أعضاء الإكليروس متابعتهم لنشاط المدارس والمواطنين، في حين إستنكروا كل ما يتعرّض له الطلاب من تجريح ومحاولة تشويه صورة والقول إنهم تابعون لجهات حزبية او أن دولاً تحرّكهم، وقد تمّ التحقق من هذا الموضوع وإكتشفوا ان الطلاب سبقوا الجميع وينظمون صفوفهم دفاعاً عن الوطن، ما يدحض كل المزاعم التي يحاول البعض سوقها بحقهم.

 

وكان البطريرك الراعي قد شكر المدارس على تربية الطلاب على مفهوم المواطَنة الصحيحة ومحبة الوطن والوحدة في التعددية والتنوّع، الأمر الذي ظهر في التحرك الطلابي “الذي علينا أن نثمّنه ونحافظ عليه، طبعاً مع الحفاظ على مصلحة الطلاب وحقهم في العلم وعدم خسارة عامهم الدراسي”.

 

وشجع الراعي الطلاّب “كي يستمروا بتحركهم على مستوى المواطَنة والانتماء الى الوطن وليس الى المذهب أو الطائفة او الدين أو الحزب وتقديم الدعم لهم. فالولاء يكون أولاً وأخيراً للوطن وكل الباقي هو وسيلة وليس غاية، من اجل خدمة هذا الوطن”.

 

وتوجه بكلمة من القلب قائلاً: “كنّا وإياكم نعلّم طلابنا، واليوم فإن الشعب والطلاب هم من يعلّموننا”.

 

تُبقي بكركي إجتماعاتها مفتوحة لمتابعة الوضع القائم، وهي ستشهد من 11 تشرين إلى 15 منه الدورة 53 لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان تحت عنوان “الكنيسة ووسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي والرقمي”، في حين أن الوضع يحتاج إلى متابعة دقيقة وسط إستمرار الثورة في كل أرجاء الوطن.