IMLebanon

“قيصر” والنصيحة الأميركية

 

لم يأتِ توزيع ملخص عن بنود قانون “قيصر” الأميركي، الذي صدر عن الكونغرس الأميركي مطلع كانون الأول 2019 ووقعه دونالد ترامب في 21 من الشهر نفسه، عن عبث.

 

القانون الذي صدر تحت عنوان: “حماية المدنيين السوريين”، أعطى مهلة 180 يوماً قبل أن تبدأ الإدارة بتطبيقه. والافتراض هنا أن المهلة تترك مجالاً لعل الحلول السياسية تتقدم بالتفاهم مع روسيا، أو يتم الإفراج عن المحتجزين في سجون النظام، أو لإفساح بعض الوقت للأطراف الخارجية التي تتعاطى مع نظام بشار الأسد، سواء من الدول أو الشركات أو الأفراد، أن ترتب أمورها لتجنب العقوبات التي يفرضها القانون، على التعامل مع النظام. وهذا يشمل مستثمرين سوريين من القطاع الخاص يعملون في مجالات غير تلك التي يستفيد منها النظام، كي يتمكنوا من استيراد كمية مواد أولية من أجل تصنيعها محلياً.

 

وربما تكون المهلة من أجل أن تتكيف المؤسسات الأميركية مع هذا القانون الذي يفرض على الأميركيين أنفسهم عقوبات، سواء كانوا شركات أو مصارف أو أفراداً من ذوي الصلة بأفراد آخرين من جنسية أخرى، لهم علاقة تجارية مع النظام ورجالاته.

 

إعتقد البعض من مناصري النظام أن الـ180 يوماً (6 أشهر) ربما تكون دليلاً إلى تساهل في العقوبات المنتظرة. لكن ما حصل خلال الأشهر الستة الماضية أن شركات غربية وأميركية أبلغت رجال أعمال سوريين باعتذارها عن عدم قدرتها على بيعهم مواد يحتاجونها. والخطير في هذا المجال أن تخضع مواد مستوردة لأجل صناعة الأدوية للمنع بدورها فتؤثر على القطاع الصحي في سوريا.

 

من بين الوظائف المفترضة لمهلة الـ6 أشهر أن تتمكن المؤسسات الإنسانية المولجة بتقديم المساعدات للشعب السوري أن تجد وسائل للقيام بذلك تجنبها التعامل مع النظام، كي لا تخضع للعقوبات بدورها. فبعض منظمات الأمم المتحدة وغيرها كان النظام يفرض عليها أن تقدمها عبره فيحصل منها على حصة الأسد ويعطي الفتات للناس، وخصوصاً للمناطق غير الواقعة تحت سيطرته. ولذلك قام المعنيون بهذه المساعدات الإنسانية، بدراسة معمقة قانونية ولوجستية لطريقة تحركها مستقبلاً في سوريا.

 

الإدارة الأميركية أبلغت إلى دول في المنطقة بوجوب الحذر من التعامل التجاري مع نظام الأسد. والأبرز من دول الجوار بعد العراق، الأردن الذي تبلغ بنص القانون بوجود تعامل تجاري ناشط بين البلدين يتولاه تجار، انطلاقاً من عمان وشمال البلد نحو جنوب سوريا.

 

أما لبنان، فلا غرابة أن توزع وزيرة الدفاع ونائبة رئيس الحكومة زينا عكر ملخصاً للقانون في الجلسة ما قبل الأخيرة على الوزراء لدراسة ما يرتبه على التعاطي مع سوريا، لكن معظم الوزراء استفسروا ما هو قانون “قيصر”. سبق لدوائر أميركية أن نبهت شركات لبنانية من استمرار مقاولاتها في سوريا، سواء بالتنسيق مع “حزب الله” أو مع الدولة، فانسحبت وسلمت نشاطها لشركات محلية المنشأ. فالسفارة الأميركية في بيروت لعبت دوراً في التنبيه إلى استحقاق تطبيق القانون، ووجوب الحذر من خرق العقوبات، لا سيما مع تزايد الدعوة إلى “الاتجاه شرقاً” من قبل “حزب الله” وغيره. وعكر نسّقت في خطوتها مع الرئيسين ميشال عون الذي أيد درسه، وحسان دياب، الذي فضّل تشكيل لجنة اختصاصيين لتقييم انعكاساته على لبنان، يعكف على تأليفها، مستبعداً إيكال المهمة للجنة وزارية.