IMLebanon

كارتر يرسم من الكويت مستقبلَ الخليج و المنطقة

يستعرض وزير الدفاع الأميركي الجديد آشتون كارتر قواته في المنطقة. وهو بدأ سلسلة إجتماعات في الكويت مع المعنييّن بمكافحة الإرهاب، في حضور الموفد الرئاسي جون ألن، والقادة العسكريين الكبار في الشرق الأوسط.

على الطاولة موضوعان: اليمن، ومكافحة الإرهاب. وحولهما، حضور خليجي لافت يتّكئ على وسادة عالية من المطالب تبدأ من الأخبار غير السارة الواردة من باب المندب، الى النفوذ الإيراني المؤثر في مجريات الأحداث في دول خليجيّة وعربيّة متعدّدة، الى الإتفاق على النووي ومحاذيره، الى الوضع في العراق، وسوريا، وليبيا، ومصر، الى إستمرار إنخفاض أسعار النفط وتداعياته المدمّرة على إقتصاديات الدول المصدّرة.

ويأتي من الخليج كلامٌ آخر. فالمشهدُ ليس إستعراضيّاً، والعلاقات الأميركيّة – السعوديّة على محكّ الإختبار، ومركزُ الإمتحان اليمن، أما الأسئلة الصعبة فتتناول نماذج ثلاثة من التقارير المخابراتيّة، الأول: إنّ ما يشهده اليمن مجرّد صراع أجهزة، والغاية بلوغ باب المندب، ومحاصرته بالفوضى للتأثير في شرايين النفط، وإحداث بلبلة على مستوى الدول المستهلكة تؤدّي الى رفع أسعاره بنسب ومستويات قياسيّة. أمّا المستفيدون فكثرٌ من إيران، الى السعوديّة، والكويت، وقطر، وسائر دول مجلس التعاون، بالإضافة الى الدول المصدّرة الأعضاء في منظمة أوبيك.

الثاني: صياغة منظومة أمنيّة – سياسيّة جديدة في الخليج إنطلاقاً من اليمن، وتحت شعار: «ترتيب البيت اليمني، يَستدعي حكماً ترتيب البيت الخليجي».

أمّا الوسائل والإمكانات فتنطلق من إعادة فتح النوافذ المقفلة أمام رياح التغيير، والإنفتاح، وإنطلاقاً من النظريّة القائلة: «إذا كان هناك مِن ثوابت، فهناك متغيّراتٌ أيضاً»، وبالتالي فإنّ «الجذور التي تنبت عشبة الأصوليّة المتزمِّتة والإرهاب والتطرّف لا بدّ مِن تلقيحها بخواص الإنفتاح على الآخر، وإحترام خصوصيّاته».

الثالث: إنّ وضع اليمن، يُنظَر إليه على أنه جزءٌ مِن كلّ. لا يمكن فصل هذا المشهد عن السيناريو الذي ينفَّذ في العراق، وسوريا، ولبنان، والأردن، وليبيا، ودول أخرى. ولا عن النَهم المتزايد عند كلٍّ من إيران، وتركيّا، وإسرائيل حيال إقتسام الخيرات، ومواقع النفوذ، على مدى هذه الخريطة المشلّعة في هذه الدول المنكوبة بأزماتها، ورجالاتها.

وإستطراداً: أيّ مِن هذه الدول لا تنتظر الوحي الخارجي، والإنقاذ الموعود الذي يمتطي الحصان الأبيض المندفع من الخارج لترتيب شؤون الداخل؟ لبنان الذي ينتظر الوحي، وكلمة السرّ، لإنتخاب رئيس للجمهوريّة؟

أم سوريا حيث تتنقل قوافل ملفاتها ما بين عواصم دول القرار، وأيضاً ما بين طاولات الحوار، من جنيف، الى نيويورك، وواشنطن، وباريس، ولندن، وأنقرة، وإسطنبول، والقاهرة، وصولاً الى «موسكو 1»، ونظريات ستيفان دو ميستورا لتقرير مصيرها ومستقبلها؟ الى العراق ملتقى أوراق الجشع والطمع بأرضه وخيراته، ومشاريع التسويات وآخرها: «دويلة لـ«داعش» على أرضه، مقابل دويلة للحوثييّن في اليمن!».

الى الأردن، ومشاريع «الوطن البديل». الى ليبيا والخلافات العميقة بين دول التحالف الدولي على مشاريع إقتسام نفطها وخيراتها. الى آخر المعزوفات المعَدّة للدول الأخرى المنتفضة، او تلك التي هي على الطريق.

أمام كارتر الجديد في وزارة الدفاع، والخبير في كواليس و«كوابيس» البنتاغون، خياران، وفق القراءات الديبلوماسيّة، الأول: العودة بالجيوش الأميركيّة الى بعض دول المنطقة لضبط الأوضاع فيها، وبما يتناسب والمصالح الأميركيّة العليا، وهذا يقتضي إستصدار قرار كبير عن البيت الأبيض، يحظى بتوافق ما بين الكونغرس الذي تُسيطر عليه غالبية جمهوريّة، وإدارة الرئيس باراك أوباما، ويقضي الى نقض السياسة التي كان يتّبعها كلّ من الوزيرين ليون بنيتا وتشاك هاغل، والقائمة على عدم التورّط وعدم القتال نيابة عن الآخرين.

والثاني: إعادة بناء جيوش دول المنطقة، وتدريبها، وتسليحها، وفق ما تقتضي المصالح الأميركيّة، وعلى أيدي خبراء ومدرّبين من الجيش الأميركي، للقيام بالمهمات المطلوبة، سواء بمكافحة الإرهاب، او بإعادة تكوين السلطات والمؤسسات في الدول المنكوبة بإنتفاضاتها، وثوراتها التي إلتهمت بشرها وحجرها.

كلّ ذلك يُجرى على مقربة من المفاوضات الأميركيّة – الإيرانيّة المتقلّبة، والمتنقّلة ما بين لوزان، وجنيف، وبروكسيل للتفاهم على البرنامج النووي، او بالأحرى للتفاهم على طريقة تطبيع وتطويع النهم الإيراني المتزايد في الدول العربيّة النفطيّة أو صاحبة المواقع الإستراتيجيّة.

أمّا نصيب لبنان من هذه «الهمروجة» فكبير، فوضعته إيران على خطّي تماس، الأول مع إسرائيل إنطلاقاً من الجنوب وصولاً الى مزارع شبعا.

والثاني مع الإرهاب الممتدّ على طول سفوح سلسلة لبنان الشرقية من الجولان، مروراً ببريتال، وعرسال، ورأس بعلبك، وصولاً الى وادي خالد شمالاً. أمّا الخلاص، او الإنقاذ، ففرصه ضيّقة جداً، ويبقى بصيص الأمل مقتصراً على خرق أميركي سريع وصاعق يقضي بإنتخاب رئيس، ويفضي الى إعادة النظر في سلّم الأولويات اللبنانيّة… وهذا إذا حصل سيكون إستجابة لرغبة الفاتيكان، وتجاوباً مع إلحاح فرنسا.