IMLebanon

فائض الإنجازات مقابل خفض التمويل

 

هل اختلط الأمر على القيمين على النهوض بالاقتصاد بحيث قرروا التقشف في المشاريع الاستثمارية في البنى التحتية فاعتبروه مثل خفض حجم القطاع العام ونفقاته، حتى قررت الحكومة تقليص المشاريع الواردة في مؤتمر “سيدر” بحيث انخفضت قيمة المقرر منها على مدى قرابة 10 سنوات وخلال مرحلتين، من 17 مليار دولار إلى 8.233 مليارات لكل المراحل؟

 

كان برنامج “سيدر” ينص على أن المرحلة الأولى الممتدة على 5 سنوات سيتم تمويلها بقيمة 11 مليار دولار ثلثها من المجتمع الدولي، وثلث من البنك الدولي والثلث الثالث من الدول العربية، على أن يكون تمويل المرحلة الثانية قرابة 6 مليارات، والمرحلة الثالثة 4 – 5 مليارات، يجري البحث فيها لاحقاً، تبعاً لنتائج تنفيذ مشاريع المرحلتين الأوليين من إعادة بناء البنية التحتية اللبنانية. واتفق في مؤتمر “سيدر” على أن يتم صرف مليار ونصف إلى 2 مليار منها سنوياً.

 

الجدول الذي عرضته حكومة الرئيس حسان دياب خلال الاجتماع مع سفراء الدول المعنية بـ”سيدر” قبل أيام، يخفّض عدد مشاريع الـ 10 سنوات من 285 إلى 138 مشروعاً، وكذلك قيمة التمويل، بحيث باتت المبالغ المقررة أقل مما رصده المانحون لخمس سنوات العام 2018.

 

كان ملفتاً أن العرض الذي قدمته الحكومة تولته اختصاصية من الأمم المتحدة، ولم يتمّ التنسيق مع الجهات التي وضعت المشاريع لـ”سيدر” قبل 3 أعوام، مثل مجلس الإنماء والإعمار وخبراء الوزارات المعنية التقنيين، والشركة الاستشارية (دار الهندسة)، الذين استبعدوا عن تحديد الأولويات. قد تكون حجة القيمين على تخفيض المشاريع المبالغ المطلوبة، أنه جاء بناء لإلحاح الجانب الفرنسي راعي “سيدر” منذ أكثر من سنة، على أن تضع الدولة اللبنانية جدول أولويات للمشاريع تدعو باريس منذ زمن إلى تحديدها، حتى يعرف المانحون أي من المشاريع التي يفترض بهم تمويلها. وهذه الحجة قد تسمح للحكومة بإضافة إنجازات إلى الإنجازات التي عددها الرئيس دياب أمس، عما تحقق خلال المئة يوم الأولى من عمر الحكومة.

 

أسئلة كثيرة طرحت حول أسباب التخفيض. فبرنامج الحكومة الإصلاحي للتعافي كان راهن على حاجة لبنان إلى قرابة 28 مليار دولار لسد الفجوة في التمويل الذي يحتاجه لبنان. والبرنامج الإصلاحي احتسب الـ11 ملياراً من “سيدر” على أنها جزء من المبالغ التي على لبنان أن يتوقعها في 5 سنوات. يقود ذلك إلى السؤال أيضاً عما إذا كان هناك تعديل في أرقام خطة التعافي، التي يدور عليها لغط كبير للتفاوت بين الحكومة ومصرف لبنان وفي المجلس النيابي حول تقديراتها…

 

لكن السؤال الإبرز هو عما إذا كانت تخفيضات الحكومة لـ”سيدر” جاءت نتيجة ما تردد عن أن المجتمع الدولي أبلغ القيمين على الحكومة، أن سقف التمويل المتاح للبنان في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية لن يتعدى الـ 4 – 5 مليارات دولار. أما الدول العربية فتدير ظهرها للحكومة بسبب نفوذ “حزب الله” فيها. واكب ذلك معلومات غربية عن أن سقف ما سيقرضه صندوق النقد الدولي للبلد لن يتعدى 1.5 مليار دولار، مع فرض رقابة مشددة على إنفاقه، بالتزامن مع خيبة الأمل من تضارب أرقام الخطة.

 

اعتبر دياب إطلاق “ورشة عمل لتنفيذ التزامات سيدر” من ضمن جردة إنجازات الحكومة خلال 100 يوم، لكن ما ينتظره الرأي العام والمانحون ليس الورش النظرية (workshop ) بل ورشة بناء وإنشاءات.