IMLebanon

«اللواء» تستطلع المعنيين عن سبب إهمال وسط بيروت.. تقصير أم كيديّة؟

 

لماذا لا يدافع النواب عن العاصمة لتصحيح الخلل؟

 

 

تدهور الاوضاع السياسية والاقتصادية التي يشهدها لبنان انعكس على كافة القطاعات وتأثرت به كل المدن والمناطق اللبنانية دون استثناء وكان لبيروت الحصة الكبرى من الانهيار والاهمال، خصوصا بعد الزلزال الكبير في اب الماضي نتيجة انفجار المرفأ الذي جعلها مدينة منكوبة بكل ما للكلمة من معنى وزاد الخراب خرابا والتدمير تدميرا. وبعد ان كانت بيروت عروس المدن ودرة الشرق اصبحت اليوم مدينة مهملة حزينة ولكن رغم ذلك فهي تأبى ان تركع مهما حاول العابثون تخريبها لانها ستبقى كطائر الفينيق تبعث من جديد، بيروت الايقونة الجميلة ستعود لتنبض بالحياة لانها قلب لبنان وحاضنة جميع اللبنانيين رغم الاهمال الذي تتعرض له عن قصد او غير قصد، خصوصا ان هناك من يعتبر ان على وسط العاصمة دفع ثمن النهضة غير المسبوقة التي شهدها وهو كان المكان الاحب والمميّز لدى الرئيس الشهيد رفيق الحريري لذلك هناك من يحاول قتل هذا المكان استكمالا لمخطط اغتيال الرئيس الحريري، واللافت ان اي تحركات سياسية او امنية يكون مسرحها دائما وسط المدينة الذي اصبح ساحة مباحة ومستباحة امام الجميع، كما ان بعضهم اراد ان يفجر حقده على هذه المدينة بتخريبها وتكسيرها من خلال اعمال الشغب التي شهدها هذا الوسط.

«اللواء» استطلعت اراء شخصيات معنية ببيروت لا سيما بإعادة اعمار وسطها التجاري.

 

نجم: الحكومة مدخل

رئيس لجنة الاشغال النيابية النائب عن العاصمة نزيه نجم ورداً على سؤال عن سبب الاهمال الذي يشهده وسط بيروت التجاري قال: «منذ الانفجار الكبير الذي هزّ لبنان عموما وبيروت خصوصا ونحن نحاول العمل على اعادة اعمار ما تضرر في وسط بيروت جراء هذا الانفجار، الذي زاد الامور سوءا في وسط العاصمة والذي كان تأثر بشكل كبير بالتحركات التي كانت تجري منذ ثورة 17 تشرين الاول 2019، من هنا فإن لجنة الاشغال النيابية تعمل على تكثيف اجتماعاتها للبحث عن الحلول التي تساهم في اعادة عجلة الحياة الى الوسط وهي اتخذت قرارا بتكليف رئيس لجنة المناقصات جان علية ووزير الاشغال ابراهيم نجار ومحافظ بيروت مروان عبود وعدد من المعنيين من اجل درس مشروع قانون وتحويله للجنة لمناقشته في اقرب وقت لتسهيل اعادة عودة الحياة الى الوسط، اضافة الى مطالبتهم بدرس العقود القديمة للمؤسسات التجارية والاطلاع على ملف فواتير التجزئة لتحضير دراسة شاملة من اجل تحويل الدراسة الى مشروع قانون يدرس في المجلس النيابي.

واعتبر نجم ان اعادة اعمار وسط العاصمة مرتبط بشكل اساسي بموضوع تأليف الحكومة، خصوصا ان من يريد ان يستثمر مجددا في المنطقة الواقعة ضمن الوسط التجاري ينتظر تشكيل حكومة وعودة الاستقرار والثقة.

ورأى نجم ان شلل عمل حكومة تصريف الاعمال ينعكس على عمل السلطة التشريعية التي ليس باستطاعتها لعب دورها الرقابي بمحاسبة الحكومة والوزير المختص لانها في الاصل مستقيلة من مهامها منذ قرابة العشرة اشهر، وكل ما نحاول القيام به هو العمل من خلال المجلس النيابي لتنشيط وسط بيروت قدر المستطاع، واعتبر نجم انه من الضروري وجوب الغاء العقود القديمة وابرام عقود جديدة من خلال القيام بمناقصات جديدة.

واشار الى ان اعادة اعمار وسط بيروت وعودة النشاطات الى قلب العاصمة يختلف عن المناطق الاخرى القريبة من الوسط، لا سيما التي تضررت جراء زلزال المرفأ باعتبار ان وسط بيروت يتبع لشركة «سوليدير» بينما المناطق الاخرى لا سيما الجميزة ومار مخايل يعاد اعمارهما من خلال مبادرات خاصة ومساعدات من المنظمات والجمعيات المانحة، ويأسف نجم لما وصلت اليه الاوضاع في وسط العاصمة الذي اصبح منكوبا على كل الاصعدة خصوصا ان الكاميرات واشارات السير كلها نزعت بفعل الشغب الذي قام به بعض المندسين باسم الثورة، معتبرا ان هذا الامر اثر على عمل شركة «سوليدير» التي لا يمكنها اخذ ضمانات من اي مسؤول بأنها في حال عادت وقامت بإصلاح ما تم تخريبه لن يتم تخريبه مجددا في ظل عدم الاستقرار الذي يعاني منه البلد.

ولفت نجم الى ان محافظ بيروت ابدى استعداده للمساعدة في اعادة الاعمار ضمن امكانياته وصلاحياته، ويقول نائب بيروت «نحن بانتظار اقرار بعض القوانين في مجلس النواب التي يمكنها ان تساعد في عودة الحياة الى قلب العاصمة».

وفي الختام، اعتبر نجم ان من يعمل على خراب وسط العاصمة ليس بريئا، حيث يبدو ان هناك تكتيكا لتدمير الوسط وحقد عليه وعلى من قام بإعماره وهو الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

 

مخزومي: قلب الوطن مريض

اما النائب فؤاد مخزومي فإعتبر لـ«اللواء» انه عندما يمرض القلب، يمرض الجسم كله ويتهالك، فكيف اذا كان هذا القلب قلب وطن اسمه لبنان وقلب مدينة اسمها بيروت قلب لبنان، بل قلب هذا الشرق ودرة العواصم على شاطئ المتوسط، واشار الى ان لبنان يتألم اليوم لان عاصمته متألمة، خصوصا انه بعد إنقضاء عشرة اشهر على الانفجار الكارثة الذي دمرها مخلّفاً 200 شهيد ونحو 6 آلاف جريح وأضراراً بمليارات الدولارات، لم يكشف التحقيق بعد المسؤولين عن هذه الجريمة مستمرا في الدوران في حلقة مفرغة وحال القيمين عليه كمن يحفر جبل الفساد بإبرة أو كمن يبحث عن إبرة في كومة من القش.

ولفت ان اهمال اعادة اعمار ما دمرته يتمادى، وكأنه لم يكف أهل بيروت الحالة الاقتصادية والمالية والمعيشية والصحية المتفاقمة حتى جاءت هذه الكارثة لتزيد من مآسيهم اليومية.

واشار الى ان بلدية بيروت الاغنى بين البلديات واقواها تدير الظهر للعاصمة واهلها، وبلغ بها سوء ادائها حد فضيحة تتمثل في تخمين الرسوم بحسب سعر الصرف في السوق السوداء التي تكاد تحول حياة البيارتة واللبنانيين سواداً. ودعاها الى أن تبادر لإعادة النبض الى قلب بيروت التي يتوق إلى من ينهض بوسط عاصمتهم لانهم يرون انه لم يعد لأحد حجة لعدم المبادرة بعدما عادت الحياة الى طبيعتها تقريباً إلى الاحياء والمناطق المجاورة له.

وتساءل النائب مخزومي عن اسباب الاهمال المتمادي والشك في ان يكون متعمدا خدمة لمصلحة جهة، بل جهات معينة تعودت في كل زمان ومكان ان تُغلب مصالحها على مصلحة بيروت واهلها غير عابئة بما يمكن ان يحل بهم. والسؤال هنا حسب مخزومي: من أين يمكن تأمين الأموال فيما نغرق في أسوأ، بل في أخطر أزمة عرفها لبنان، والتحذيرات تأتينا من كل الاتجاهات، وليس آخرها ما نطق به وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عندما ربط أي دعم مادي للبنان بتشكيل حكومة قادرة على تحقيق الإصلاحات الانقاذية المنشودة بشفافية، وإعادة الثقة العربية والدولية بلبنان.

وشدد النائب البيروتي على وجوب ان يشكل وسط بيروت عصب الاقتصاد الوطني، كما كان في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ولكنه بات اليوم عبئاً على اقتصادنا المأزوم.

وابدى مخزومي اسفه بأن «البلد» الذي كان قلب بيروت في منتصف السبعينيات ما عاد له هذا الدور المحوري الذي كان يضطلع به قبل الحرب الأهلية المشؤومة التي دمرته وشردت أهله، ولفت الى انه في حقبة التسعينيات جاءت بعض المشاريع والخطط الاعمارية لتشوه قلب العاصمة، وتركز على البناء وتجارة الحجر بدلا من التركيز على اعادة مجد المدينة، واختفت معظم الابنية التراثية والاسواق القديمة ليتحول «البلد» مركزا للاعمال بعدما كان وسطا تجاريا ينبض بالحياة.

ورأى نائب بيروت انه بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري عام 2005 تحول «البلد» ساحة، بل ساحات للتظاهر وبقي على هذه الحال حتى العام 2008. حاملاً عبء الانقسامات والنزاعات السياسية، وحتى الامنية، بعدما كان الوجهة الأولى للسائح العربي والأجنبي لما فيه من مطاعم ومقاهي وأسواق وسفارات اجنبية، ناهيك عن كونه أيضاً مركزاً يحتضن السراي الحكومي والبرلمان وادارات عامة ومصارف ويتوافد إليه اللبنانيون من كل المناطق.

وشدد نائب بيروت انه لا يمكن للعاصمة أن تزدهر وتنتعش من دون قلبها، ورأى ان المطلوب المبادرة الى وضع رؤية جديدة لإحياء «البلد» بعيداً من المناكفات والكيديات السياسية والمحاصصات الطائفية، ويقع الدور الأكبر هنا على عاتق نواب بيروت وبلديتها.

وختم بالقول: «بصفتي نائباً عن بيروت والتزاما بالوكالة الامانة التي حملني اياها اهل مدينتي أدعو زملائي إلى العمل السريع والدؤوب لوضع خطة مستدامة وشاملة لإعادة وسط بيروت الى سابق عهده، وحماية ما تبقى من الأبنية الأثرية والتراثية وإعادة الحقوق إلى أصحابها فيه، وقبل كل ذلك استعادة، بل عودة أهل بيروت الى بيروت «ست الدنيا» وسيدة العواصم العربية، وعلى ساحل المتوسط».

 

رئيس البلدية: سنشهد تطوراً قريباً

من ناحيته قال رئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت المهندس جمال عيتاني عن الموضوع لـ«اللواء»: بعد الانفجار الكبير في مرفأ بيروت تتضرر جزء من وسط المدينة كما حصل في عدة مناطق في العاصمة، ورغم ذلك لملمت بعض الشركات في الوسط التجاري جراحها وبادرت باعادة الاصلاح وتم فتح عدد منها، كما هو الحال بالنسبة لبعض المطاعم في منطقة «ستاركو»، ولكن بالنسبة للمنطقة المحيطة بساحة النجمة فهي منطقة مغلقة منذ فترة بعيدة بسبب الاوضاع الامنية الخاصة بمجلس النواب، مما دفع اصحاب المحال والمطاعم لاقفالها قبل بدء الثورة في 17 تشرين الاول2020، حيث تأثرت المنطقة ككل كونها تضم مراكز السلطة، لذلك فكل من اراد التعبير عن رأيه ينزل الى الوسط التجاري، وادى هذا الامر الى حصول بعض التجاوزات من تكسير لبعض المؤسسات والممتلكات الخاصة وتضرر الكثير منها لذلك اضطرت بعض هذه المؤسسات للتريث في اعادة اصلاح محلاتها واعادة العمل فيها باستثناء البعض في شوارع فوش واللامبي وويغان.

وابدى عيتاني ثقته بالشعب اللبناني الذي لن ولم يستسلم، وان وسط بيروت سيعود لينبض بالحياة مجددا ولكن الامر يحتاج الى مزيد من الوقت بإنتظار الاستقرار.

ولفت الى ان هناك بعض المؤسسات تنتظر شركات التأمين لتغطية الاضرار التي لحقت في محلاتهم لاعادة اصلاح ما تخرب، بينما البعض لم ينتظر وهو بادر رغم الازمات الاقتصادية والمالية لفتح مؤسساته ولكنه في المقابل اسف لان هناك من قرر الاقفال نهائيا في الوسط التجاري.

عيتاني الذي تمنى ان تزدهر كل المناطق اللبنانية اعتبر انه لا يجوز قتل وسط بيروت، وعن دور البلدية قال: «نحن نتواصل مع شركة «سوليدير» التي تتعاون مع المالكين والمستأجرين وتحاول اعطائهم بعض التسهيلات، ولكن دور البلدية محدود وهو مقتصر على اعطاء بعض التراخيص لاعادة الاصلاح حيث نعمل على تسريع وتسهيل وتشجيع على اعادة القيام بالاصلاح».

وحول ما اذا كان المقصود قتل وسط بيروت لاهداف محددة يعتبر رئيس بلدية العاصمة ان هناك اصواتا تحدثت عن ان المقصود من تكسير وسط بيروت هو طمس ما انجزه الشهيد رفيق الحريري من اعادة اعمار لهذا الوسط الذي هو ليس ملك رفيق الحريري لذي اعاد اعماره بل ملك لبنان واهل بيروت، ولفت الى ان الاشخاص الواعية تعلم ان هذه المنطقة تجمع جميع اللبنانيين وكان هدف الشهيد الحريري من اعادة اعمار الوسط التجاري هو جمع المنطقتين اللتين كانتا متنازعتين وتكون مكانا يجمع الشعب اللبناني بكافة طوائفه واطيافه، وكان يريد نزع فكرة وجود حواجز بين اللبنانيين وهو اصرّ على إعمار هذا الوسط.

وتوقع عيتاني ان يشهد فصل الصيف اعادة افتتاح المزيد من المؤسسات والشركات الكبيرة في وسط بيروت، خصوصا ان هناك العديد من محلات الازياء العالمية الكبيرة لا زالت تؤمن بهذا الوسط، وهي فعلا عادت واصلحت مؤسساتها وافتتحتها، كذلك هناك العديد من المصارف الكبرى ستعيد افتتاح فروعها قريبا، كما ان معظم الشقق السكنية اعيد اصلاحها وعاد سكانها اليها.

واكد رئيس البلدية بأنه يوميا سنشهد على افتتاح المزيد من المؤسسات والمطاعم، وشدد على ان الاستقرار السياسي يساهم باسراع العودة لان من مصلحة الجميع ان يعود وسط بيروت لينبض من جديد ويعود لاعطاء الايجابية للاقتصاد للبنان ولبيروت.