IMLebanon

تحدّي الخيارات في “خريف السخط”

 

 

الرئيس ميشال عون يفضل تعبير الخيارات على تعبير الرهانات. وخياره في النصف الثاني من الولاية الرئاسية يبدو كأنه المزيد من خيار النصف الأول مع شيء من مراجعة التجربة. لكن الخيارات التي كانت محدودة قبل استقالة الرئيس سعد الحريري صارت محددة جداً بعد الإستقالة وما قاد إلى “خريف السخط” في الشارع. وهي إما المكابرة والإستعداد لتحمل كلفتها. وإما المغامرة على طريق التجدد حيث “في المخاطرة جزء من النجاة” كما قال النّفري.

 

المكابرة هي ما رأيناه من تصرّف أصحاب الأوزان الثقيلة كأن نزول نحو مليوني لبناني إلى الشارع حراك من الوزن الخفيف. هي التشاطر بالفصل بين الشباب البريء المحق في المطالب وبين قوى سياسية قيل أنها ركبت موجة الحراك لتحقيق “أجندة” مختلفة. هي الموقف المعاكس لموقف القديس توما الأكويني القائل: “أكره الخطيئة وأحب الخاطئ”، أي القول: نحن مع المطالب المحقة وضد المطالبين بها من راكبي الموجة. وهي عملياً تأليف حكومة تمثل “فائض القوة” لدى “حزب الله” وحلفائه بحجة القدرة على القرار ومواجهة “مؤامرات” الأعداء. وهذا ما يقود إلى “فائض” العزلة العربية والدولية و”فائض” الفقر ونوع من الحرب الأهلية الباردة.

 

والمغامرة هي تطبيق قول آرثر كلارك: “الطريقة الوحيدة لتكشف حدود الممكن هي تجاوزها إلى المستحيل”. هي إدراك عمق التجدد الذي فتح طريق الثورة الشعبية السلمية العابرة للطوائف والمناطق، وكنا نتصور أنه مهمة مستحيلة مع أن المعادلة أمامنا من زمان: نتجدد أو نتبدد. هي بناء دولة تستحق الوطن – المغامرة في الشرق والذي نحتفل بمئويته الأولى. وهي عملياً تأليف حكومة مصغرة من أهل الثقة والخبرة كانت مواصفاتها القاسم المشترك بين المطالب المتعددة للمشاركين في الثورة. بحيث بدت نتيجة “استشارات” القوة الشعبية التي سبقت الاستشارات النيابية.

 

خطاب الرئيس ميشال عون أوحى أن تأليف الحكومة لن يكون في معزل عن عاملين جديدين: أولهما تجربة الحكومات الشاملة لكل القوى السياسية والتي تميزت بالعراقيل وصراع المصالح في اتخاذ القرارات. وثانيهما حراك الشباب الذي جعل ممكناً ما كان صعباً في التغيير، وفتح الأفق نحو دولة مدنية لمواطنين ومواطنات.

 

لكن السؤال هو: هل يتم تأليف الحكومة بالوسائل التقليدية، بحيث تحتاج الولادة إلى شهور أم بوسائل سريعة تفرضها خطورة الأزمات ودروس الثورة الشعبية؟ وهل انتهى بالفعل زمن الأولوية لمصالح قوى وأشخاص، ودقت ساعة الأولوية لمصلحة البلد والناس؟

 

مهما يكن، فإن أصحاب الأزمات ليسوا أصحاب الحلول