IMLebanon

هل هي خطوة متأخّرة؟

 

 

التهاوي في الدور المسيحي في لبنان بات فاقعاً الى درجة أنه دخل في يوميات الناس أمراً عادياً ألِفَهُ البعض، وتعايش معه البعض الآخر وتجاهله البعض الثالث…

 

فقط ثمة مجموعة من بضع عشرة شخصية مسيحية من المجلّين في مواقعهم (غير السياسية) لم يتقبلوا هذا الواقع لاعتبارات عديدة أبرزها اقتناعهم بالآتي:

 

أوّلاً – لقد فشلت القيادات المسيحية الحالية فشلاً ذريعاً في تحمل مسؤوليتها الوطنية وفي توفير الغطاء لدورٍ كان ريادياً، فإذا به مع هذه القيادات مكشوف وفاقد الفاعلية الى حدّ الفضيحة والكارثة أيضاً.

 

ثانياً – إن المسيحيين اللبنانيين يتقلص وجودهم ليس على الصعيد الوطني الشامل وحسب، بل أيضاً على صعيد المناطق وحتى المدن والبلدات، ولقد تبخّر أو كاد «الحيّ المسيحي»، أو «حارة النصارى» اللذان كانا عنواناً مشرقاً في ديموغرافيتنا الوطنية، بقدر ما كان كلٌّ منهما بمثابة صمّام الأمان بين أهالي البلدة السنّة والشيعة، أو السنّة والدروز، أو هؤلاء والشيعة الخ… وهذا التغيير الديموغرافي أفقد لبنان واحدة من أجمل معانيه الفريدة، قدْرَ ما زاد الفرقة والشحن النفسي بين الأطياف اللبنانية كافةً.

 

ثالثاً – أثبتت القيادات المسيحية الحالية عقماً فكرياً في إيجاد الحلول للمشكلات، وفي المقابل قدرة استثنائية على تعزيز الأحقاد وزرع الضغائن في القلوب، فإذا الأجيال المسيحية الطالعة مليئة القلوب غيظاً وكراهية.

 

رابعاً – لم يعد يقيم أي طرف لبناني آخر وزناً للطيف المسيحي، الى حد تجاهله كلّياً تقريباً. والأمثلة لا تحصى، وعلى سبيل المثال لا الحصر بقي الرئيس نبيه بري يحمّل المسيحيين مسؤولية الفراغ الرئاسي «لأنهم لا يتفقون على اسم، ومَن مِنّا لا يوافقهم عندما يتفقون». ولكن عندما توافقوا (أو «تقاطعوا») على اسم، لم يسأل عنهم أحد ولو «بقشرة بصلة». مثال أخر أشدّ بلاغةً: تبنّى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي موقف حزب الله برفض أي حل للبنان مع العدو الصهيوني ما لم يتم وقف إطلاق نار شامل وثابت في غزة… ولو صدر مثل هذا الموقف الستراتيجي الكبير عن أي طرف مسيحي، ماذا كانت ردود الفعل عليه، بدءاً بالطيف السنّي. على غرار: مَن كلفك أن تتفرد (أو مع الحزب) في هكذا قرار مصيري في الحرب والسلم، وبأي صفة الخ…

 

هذه نماذج مما حفل به اللقاء الأول لتلك النخبة التي استهلينا هذا المقال بالإشارة إليها…

 

مع ملاحظة أخيرة: إن المداخلات تقاطعت عند التوافق، في الحديث على القيادات المسيحية غير الزمنية، على العبارة الآتية: «حطّ بالخرج … يا ما أحلى السياسيين»!.