IMLebanon

المسيحيون قالوا كلمتهم… فلماذا تُكسر إرادتهم؟ 

 

 

تُعتبر صناديق الإقتراع المكان الأمثل لاختبار مزاج الرأي العام وتوجهاته والعمل وفق إرادته.

 

جرت الإنتخابات النيابية في 15 أيار الجاري، وأفرزت الصناديق وخصوصاً في الدوائر المسيحية أكثرية واضحة، فمنذ العام 2005 أخذ العماد ميشال عون، عندما كان رئيس «التيار الوطني الحرّ»، المكون المسيحي إلى خيارات سياسية مناقضة لخطّه التاريخي تحت شعار أنه الأكثرية الشعبية والنيابية.

 

وعاد الشعب المسيحي في دورتي 2009 و2018 ومنح عون وتياره أكبر كتلة نيابية، واستغل الأخير هذه النقطة وأعطى «حزب الله» الغطاء المسيحي سواء في البرلمان أو في الحكومة ورئاسة الجمهورية ووصل البلد إلى ما وصل إليه من خراب وإنهيارات.

 

وكانت إنتخابات 2022 مفصلية في التاريخ المسيحي الحديث، إذ إن «التيار الوطني الحرّ» وتيار «المردة» وكل حلفاء سوريا من إيلي الفرزلي إلى أسعد حردان والحزب «السوري القومي الإجتماعي» سقطوا، وتبدّل المشهد المسيحي العام.

 

وفي الحسابات الرقمية، فقد حاز محور «القوات»- «الأحرار»- «الكتائب»- الشخصيات المستقلة السيادية والقوى الثورية الجديدة على 42 نائباً في مقابل 22 نائباً لمحور «التيار»- «المردة» وجميع حلفاء سوريا وإيران على الساحة المسيحية، ما يعني أن ثلثي المسيحيين وأكثر، هم مع الخط المناهض لـ»الدويلة»، مع الإشارة إلى أن 8 نواب مسيحيين من تكتل النائب جبران باسيل ونائب «أمل» ميشال موسى وصلوا بفعل دعم «الثنائي الشيعي»، وكذلك النائب السابق طلال إرسلان والوزير السابق وئام وهاب.

 

من هنا، وإذا كان لا بدّ من إحترام إرادة المسيحيين، فانه من غير المفروض ان يبقى يُروّج أن حظوظ النائب السابق سليمان فرنجية الرئاسية عالية وأنه على منافسة مع باسيل، لأن فرنجية ربح مقعداً نيابياً واحداً في زغرتا لنجله طوني، وباسيل خرج مهزوماً رغم محاولة تصوير نفسه منتصراً.

 

وأمام كل هذه الوقائع، على القوى المسيحية التي فازت بالإنتخابات وكسبت التأييد المسيحي، وعلى رأسها «القوات اللبنانية» والقوى السيادية والثورية أن يكون لها موقف حاسم وجازم وتقول: «الأمر لي» في الإستحقاق الرئاسي، وتطرح مجموعة أسماء رئاسية لكي يُنتخب منها رئيس سيادي بالدرجة الأولى، لأن سرقة الإنتصار الإنتخابي هو سرقة لإرادة المسيحيين.

 

باستثناء بعض التسميات، فان رئيس الحكومة يكسب رضى شارعه وكان آخرهم الرئيس نجيب ميقاتي الذي سُمي من نادي رؤساء الحكومات السابقين، بينما رئيس مجلس النواب نبيه برّي يُفرض فرضاً على اللبنانيين حتى لو أغلبيتهم لا تريد إنتخابه، في حين أنه من غير المسموح إختيار رئيس لا يمتّ إلى نتائج الإنتخابات النيابية بصلة، ويأتي فقط مستفيداً من تشرذم قوى المعارضة المسيحية واللبنانية.

 

وإذا كانت تجربة الرئيس ميشال عون مريرة، فهذا لا يعني أن تجربة الرئيس القوي أو الذي يحظى بحاضنة شعبية غير محببة، فعون لم يعمل لمصلحة المسيحيين أو اللبنانيين بل عمل لتأمين مصالح صهره باسيل وحلقة ضيقة من «التيار» وبالطبع مصالح «حزب الله»، لذلك لا يمكن التعميم، فلو إلتزم بخريطة الطريق الإنقاذية لما وصلت البلاد إلى جهنم، والعودة منها تتطلّب رئيساً يُنتخب من رحم البيئة المسيحية والثورة ويلتزم مبادئها وأبرزها تقوية الدولة والمباشرة بالإصلاح.