IMLebanon

المسيحيون وحوار «المستقبل»- «حزب الله»

وسط كل المبادرات المسيحية المطروحة لحلّ عقدة الانتخابات الرئاسية، تظهر حقيقة واحدة، وهي الرهان على حوار «المستقبل»- «حزب الله» المرتقب لإحداث خرق ما في المشهد الرئاسي الغامض.

تعتبر فكرة الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» إيجابية جداً، لأنّ التباعد الذي حصل في السنوات الماضية هدّد أسس الكيان، وكاد أن يُغرق البلد في حرب طائفيّة، نظراً لارتباط هاتين القوتين بالمحاور الإقليمية.

ويأتي هذا الحوار ليكشف عدم جدية المبادرات المسيحية الرئاسية التي طرحت، وعدم القدرة على تسويقها. فمن جهة يرفض كل طرف مسيحي مبادرة خصمه، ومن جهة أخرى لا يتعامل الشركاء المسلمون معها بجديّة، وقد علا صوت الرئيس أمين الجميّل أمس الأول بعد اجتماع المكتب السياسي الكتائبي، حيث دعا القادة المسيحيين والللبنانيين الى الاستجابة لمبادرته.

كل ما يحصل يؤكّد بما لا يقبل الشك، ويثبت أن البلد يُدار من الثنائية السنية – الشيعية، وحتى الحديث عن مثالثة غير صحيح، لأن لا شراكة مسيحية في صنع القرار، بل أقصى ما يفعلونه هو إبلاغهم من قبل حلفائهم بما توصلوا اليه، ويستطيع الحلفاء المسيحيون الاعتراض على النتيجة، وإذا كان حلفاؤهم راضون عنهم، يأخذون وجهة نظرهم في عين الاعتبار، وهذه حقيقة ساطعة لا يستطيع أحد نكرانها، أو التستر عليها مهما حاولوا تجميلها.

وفي هذا الإطار، تُعلّق أوساط كنسية على الحوار المرتقب بين «حزب الله» و»المستقبل»، وتصفه بـ»الإيجابي»، لكنها في المقابل تُبدي أسفها لـ«فشل القادة الموارنة في إيجاد الحلول الملائمة».

وتقول الأوساط لـ«الجمهورية» إنّ «الوضع المسيحي عموماً والماروني خصوصاً وصل الى حال من الاهتراء، فالحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» سيركز على رئاسة الجمهورية، وبالتالي نراهن عليه. لكن لنتخيّل انها تأزمت بعد فترة مسألة اختيار رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب وتعطّل البلد، فهل تُحلّ هذه المشكلة بحوار بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ»؟

لذلك تراقب الكنيسة مجريات هذا الحوار بحذر، مع اعترافها بأنّ الحل لن يكون داخلياً، بل إنّ انتخاب الرئيس يحصل بتوافق وتسوية خارجية، بعدما فشل الداخل بصوغ تسوية، نتيجة العناد المتبادل، وعدم التقاط الإشارات الخارجيّة».

وعليه، فإنّ هذا الحوار المرتقب، يُذكّر بالحوارات التي كانت تجري بين «8 و 14 آذار» ما بين عامَي 2006 و2008 على مسألة تأليف حكومة وحدة وطنية، تأخذ فيها «8 آذار» الثلث المعطّل.

وتراقب القوى المسيحية، وفي طليعتها «القوات» و»التيار الوطني الحر»، مجريات الحوار، ويرحّب كلّ طرف به، لكنّ التفاؤل ليس بكبير، وعندما تسأل أيّ فريق عن التوقعات، فإنه يُسارع الى التأكيد أنّ «حلفاءنا لن يتركونا ولن يذهبوا الى تسوية من دوننا، وكأنّ الصراع المسيحي هدفه إثبات كل قوة مسيحية لخصمها بأنّ حليفها لن يخذلها، وتحوّل الدور المسيحي من فاعل الى متأثر ومبادر الى ردّة الفعل، فيما القسطنطنية تنهار من داخلها.

وتُجمع الاطراف المسيحية على أنّ الحل لن يكون بتقارب سني- شيعي داخلي، إذا لم يتوّج باتفاق إيراني- سعودي. لذلك، لا يريد أيّ طرف مسيحي التنمير على حليفه أو خسارة صوت مؤيّد له في المعركة الرئاسية طالما أنّ نتائج الإتصالات معروفة سلفاً.

خصوصاً انّ «حزب الله» و»المستقبل» يجلسان على نفس الطاولة في مجلس الوزراء، والحكومة تعمل بشكل مستقيم، كذلك بالنسبة الى محاربة الخطر التكفيري، فـ«المستقبل» سارع قبل «حزب الله» الى دعم الجيش واحتضانه وتأييده في الحرب على الإرهاب، إذ انّ سياسة الرئيس سعد الحريري مبنية على الاعتدال وعدم الانجرار الى الفتنة، وهذا ما يطمئن الحزب، لذلك يصبح الملف الرئاسي بعيداً عن الأولويات الاستراتيجية وإن كان ضمن أولويات المرحلة.

وتبدي أوساط مسيحية تخوّفها من ان تؤدي ايّ خضة مرتقبة الى تقاسم السلطة مجدداً بين السنة والشيعة على حساب حصة المسيحيين، وإذا كان هذا الأمر غير وارد حالياً فإنّ تصرفات بعض القادة المسيحيين وموازين القوى تجعل كل شيء وارداً، خصوصاً أن لا مستحيل في السياسة.