IMLebanon

التحذيرات تشتدّ، وانحدارات السقوط مستمرة

 

أما وقد وصل بنا الإنحدار والإنحطاط الى حدود القعر الذي ما بعده قعر.

 

أما وقد انحدر الشعب اللبناني الى مهاوي المجاعة شبه الجماعية، وإلى مواقع الإذلال المتعمد التي وضعت دولةً بأسرها في مرتبة التخلف وفي تراتبية تصطف في آخر صفوف الدول الفاشلة التي تعمد بعض الدول الخيّرة إلى التصدّق عليها بما تيسّره أحوالها وأوضاعها.

 

أما وقد بُلينا بقيادات لا ترى في الموقع الاّ سلطةً متغطرسة، وسؤدداً متعجرفا وأبوابا مشرعة لسرقة هذا البلد ونهب أموال مواطنيه، والتغافل عن آلام الناس وجوعهم وانسداد آفاق الحياة الكريمة في كل مسالك حياتهم.

 

أما وكل ذلك قد حلّ ضيفا ثقيل الوطء، مرذول الإقامة في ربوعنا التي «نتفوا ريش أبنائها» وبلعوا جنى أعمارهم التي اودعوها في المصارف، فتبخرت بقدرةِ قادر وتخطيطِ شاطر، وبات مواطنو هذا البلد المنكوب في زحف مستمرّ نحو لقمة العيش بعد أن أُقفلت في وجوههم سبل الرزّق الحلال.

 

فيا أيها المسؤول الذي أخذت على عاتقك قيادة هذا البلد أرضا وشعبا ومؤسسات وصارعت القاصي والداني ومارست كلَّ وسائل الضغط والإكراه وصولاً إلى الأسباب والسلبيات التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن من أحوال الذل والهوان.

 

أيها المسؤول الهمام، سنكتفي بما تقدّم، تاركين مجال الصرخات الداوية المنذرة والمحذرة التي أطلقتها القيادات الرّوحية بإمتداداتها وانتماءاتها كافة، مشفوعةً بمواقف شعبية وسياسية ووطنية ممتدة إلى جذور الناس وأوجاعهم وآلامهم وما طاولهم من كوارث مذهلة، تندرج في طليعتها أحداث بيروت بإنفجارها الكارثي الذي قتل وشرّد ودمّر الحياة والعمران في مرفئها والكثير من أحيائها وأبنيتها والهامّ من آثارها دون أن يلقي المنكوبون من أبنائها حدّاً أدنى من الرعاية المسؤولة التي تقيهم شرَّ ما افتعله بهم أهل السوء من المحتمين بالسلطة وقراراتها المشبوهة.

 

أيها المسؤول، هل وصلك البلاغ الأخير للبطريرك الراعي الذي أشار مجدداً إلى أن هناك من يمنعون تنفيذ الحلول كما يمتنعون عن تأليف الحكومة، وأن هناك من يريد أن يقفل البلد ويتسلّم مفاتيحه، وهذه رهانات خاطئة، فهذا البلد لا تُسلّم مفاتيحه لأحد ولا يستسلم أمام أحد.

 

وهل وصلك استحلاف المطران عودة لك بأحفادك الذين ترى الحياة في عيونهم، أن إنزال إلى الشارع واستمع الى شعبك وعاين الذلَّ الذي يعيشه.

 

هل تقبل أن يموت إنسان جوعا أو مرضا في عهدك؟

 

هل تقبل ان يعاني طفل ويهان مواطن في عهدك؟ هل تقبل أن يضمحلّ لبنان في عهدك؟

 

هل وصلتك صيحة سماحة المفتي والمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، والتي أشارت إلى أنه في الوقت الذي توشك فيه السفينة أن تغرق، فإن بعضهم من الذين يُفترض أن يكونوا من المسؤولين لا يرفُّ له جفن ولا يتحرك لديه ضمير أو حسّ وطني أو إنساني.

 

القادة الروحيون لخّصوا أوضاع البلاد والعباد بما ذكرنا بعضاً من صيحاتهم وإنذاراتهم، بعد أن بدأت تبرز للوجود، تحرّكات شعبية ونقابية ووطنية تقطع الطرقات وتدعو إلى إضرابات، وتتضارب وتتناطح بأجسادها وأرتال سياراتها المزدحمة بطوابيرها العملاقة أمام محطات المحروقات مع ما تيسر من إطلاق الرصاص إحتجاجا هذه المرّة، دون أن يكون ذلك ابتهاجاً، على عادة اللبنانيين في المناسبات المختلفة، وفي مطلق الأحوال، دون أن نغفل انهيار العملة اللبنانية وقفزات الدولار المرعبة، والتي جعلت المواطنين في عجز مستفحل عن تأمين احتياجاتهم المعيشية.

 

هدير الناس والآليات والخوف والتحسّب للظروف المقلقة ولما تخبئه الأيام من سيئات التوقعات، كلُّ ذلك باتت اجواء البلاد والعباد تعبق به وتقرع أجراس التحسّب الشديد لما ستسفر عنه الأيام المقبلة.

 

كل هذه المستجدّات السلبية أيقظت لدى الكثيرين، روح القلق الشديد، والخوف من الآثار السلبية المتوقعة، والمسؤولية المتحسّبة، كما هي الحال التي باتت تظهر في خلفيات مواقف الرئيس الحريري، الذي هاله سوء الأوضاع ومساوئ التحسبات المقبلة مع انقضاء الأشهر الطويلة على التكليف دون التوصل إلى أية إيجابيات تمكّن من تشكيل الحكومة، الأمر الذي يقلّل مع مرور الوقت الثمين، وازدياد نسب المهاوي والمخاطر، من إمكانية، «انتشال الزير من البير» وتحقيق إيجابيات معقولة من عملية الإنقاذ والخلاص المرجوة من تشكيل الحكومة العتيدة التي يعلّق عليها اللبنانيون الكثير من الآمال والإحتمالات الإيجابية. ومن الواضح والمستغرب أنّ بعضاً آخر من المسؤولين، يتابع الدفع بالرئيس المكلّف إلى الإعتذار عن التأليف ظناً منه أن ذلك يشكل انتصارا شخصيا له ولمطامحه في ما هو مقبل من الأيام والإستحقاقات دون ان ينتبه إلى أن الأيام يدور زمانها وتتوالى فرصها ويتغيّر رأي الناس في قياداتها.

 

صحيح أنّ الزعامات السياسية ما زال بعضها يحتفظ بمقوماته الشعبية، ولكن هذه المقومات يذوب صمودها وتتناقص إمكاناتها وحجمها مع الأيام، ونبقى جميعاً مع تطور الأحداث المحلية والاقليمية والدولية، معرضين لشتى أنواع الإحتمالات والمقررات والتطورات.