IMLebanon

يجمع ولا يفرّق

فجأة تجدّد الكلام التفاؤلي في الأوساط السياسية بقرب إمكان تذليل كل العقد التي حالت حتى الآن دون اتفاق اللبنانيين على انتخاب رئيس لهم قبل نهاية الفصل الأوّل من السنة الجديدة. وبعض السياسيين بدأ يتحدث عن اتفاق سعودي – إيراني على إطلاق يد اللبنانيين للاتفاق على رئيس الجمهورية مع مباركتهم المسبقة لأي اتفاق يتوصلون اليه بمعزل عن رغبات الخارج. ويعطى الفضل في التفاهم السعودي – الإيراني الى الدبلوماسية الفرنسية التي كثفت في الاسابيع القليلة الماضية، ولا تزال، اتصالاتها مع الجانبين الايراني والسعودي، كونهما الدولتين المعنيتين اكثر من غيرهما بلبنان، ولهما تأثير قوي على افرقاء النزاع في الداخل، وهذا كلام صحيح لا يختلف عليه اثنان، وحسناً فعلت الدبلوماسية الفرنسية بتوجهها الى الرأس وعدم الالتهاء بالأطراف ما دام تأثيرها على فرقاء النزاع يظل محدوداً قياساً إلى تأثير كل من السعودية وايران.

والتأثير السعودي – الإيراني بدأ يفعل فعلته في تشجيع طرفي الأزمة الأساسيين تيّار المستقبل وحزب الله على تجاوز كل الاعتبارات والدخول في حوار لا بدّ وأن يثمر اتفاقاً على عدد من القضايا الخلافية ومنها الاتفاق على رئيس للجمهورية يمكن أن تتفق عليه القيادات المسيحية، ويكون انتخابه فاتحة لإعادة طاولة الحوار بين المكونات اللبنانية تتوج بدورها اتفاقاً على تشكيل حكومة جديدة وعلى انتخابات نيابية في وقت ليس بعيداً بعد إقرار قانون جديد لهذه الانتخابات، وقد التقط الرئيس نبيه برّي هذه الإشارات الإيجابية وأرجأ موضوع الدعوة الى جلسة تشريعية في أوائل شهر كانون الثاني إلى ما بعد انتخاب رئيس للبلاد، وكأنه يُؤكّد بأن موعد الاتفاق على هذا الرئيس أصبح قريباً استناداً الى مؤشرات ومعطيات إقليمية ودولية مشجعة خصوصاً وانه سبق لرئيس المجلس أن تحدث عن هذه المعطيات قبل ان يضع قانون الانتخابات على طاولة لجنة التواصل النيابية الفرعية ويعهدها بدعوة الهيئة العامة لمجلس النواب الى الاجتماع لإقرار قانون للانتخابات في الاسبوع الأوّل من شهر كانون الثاني المقبل.

وعلى بعد أقل من عشرة أيام على الموعد المقترح لبدء الحوار بين تيّار المستقبل وحزب الله مدعوماً من المملكة العربية السعودية وإيران ترتفع أصوات بعض المطلعين على خفايا الدبلوماسية الغربية والعربية عن قرار إيراني – سعودي لا يقتصر فقط على تشجيع الفريقين على هذا الحوار، بل يتعداها إلى الإفراج عن أزمة انتخاب رئيس للجمهورية بعد اقتناعهما بأن المرحلة المقبلة تتطلب من اللبنانيين أن يحيّدوا خلافاتهم ويوحدوا صفوفهم وراء رئيس يحكم بالتوافق ما دام يوجد استحالة في إيصال أي رئيس تحد إلى هذا الموقع الذي يفترض أن يجمع اللبنانيين لا أن يفرّقهم.