IMLebanon

“مشكلتنا الثقة… والحل الثقة”

 

يتفق الجميع أنّ مشكلتنا الأساسية تكمن بالثقة المفقودة، أو بالأحرى فقدان الثقة بين الشعب والدولة، وبين المغتربين والدولة وبين المجتمع الدولي والدولة. هذا يعني أنّ المشكلة الأكبر، والتي تؤثر علينا جميعاً يوماً بعد يوم ولا سيما على إقتصادنا، هي موضوع إنعدام الثقة، والتي تحتاج الى عقود من السنين من اجل إستعادتها.

السؤال المطروح اليوم، ماذا نفعل من أجل حلّ المشكلة الأساسية المتعلقة بفقدان الثقة؟ لأنّه من دون الثقة لن نستعيد السيولة والعملات الأجنبية، ولن يكون لدينا إستثمارات داخلية أو خارجية، ولن نستطيع إيجاد أي حلّ لمشكلاتنا الإقتصادية والإجتماعية.

 

بناءً عليه، أطرح الأسئلة الآتية: هل يستطيع الأشخاص عينهم، الذين يتولون السلطة منذ عشرات السنين، أن يستعيدوا الثقة المفقودة؟ هؤلاء الأشخاص هم أنفسهم الذين تقاسموا الحصص، والمغانم، ووزعوا على أنفسهم ومحسوبياتهم المناصب والكراسي، ودمّروا كل أركان الثقة، هل يستطيعون بناء الثقة بالنسبة الى الشعب والمغتربين والدول المانحة؟

 

وهل نستطيع إستعادة الثقة، في ظلّ إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، والذي يُعدّ من أقوى الإنفجارات في تاريخ العالم، حيث كلّف دماء الضحايا الأبرياء (نحو 200 شهيد، و6 الآف جريح، وتشريد 300 ألف مواطن) فضلاً عن الخسائر الفادحة بالممتلكات، ولم نعلم حتى تاريخه الأسباب الحقيقية وراء هذا التفجير؟

 

وكيف نستعيد الثقة، في ظلّ قطاع إستشفائي مفلس، جرّاء إدارة الدولة الفاسدة، وعدم دفع مستحقاتها، والذي يعجز عن إستقبال مرضى الكورونا، إضافة إلى فقدان الدواء ولا سيما للأمراض المزمنة والخطيرة؟

 

هل نستطيع أن نستعيد الثقة، حينما يكون الحلم الوحيد لدى الشباب اللبناني الهجرة، وترك بلدهم الأم وأرضهم وعائلاتهم، لأنّهم لا يستطيعون تأسيس حياة عائلية كريمة أسوة بدول العالم المتحضّر، فيما إذا أرادوا التعبير عن رأيهم بواسطة شبكات التواصل الإجتماعي يتعرَّضون للقمع والترهيب؟

 

كيف نستطيع إعادة الثقة، فيما نسمع يومياً عن إفلاس الشركات، وتهريب المستثمرين في الداخل والخارج؟ وكيف نستطيع إستعادة ثقة المجتمع الدولي، حيث نعجز عن إستعادتها يوماً بعد يوم في ظل الفشل الذريع الذي يتعرّض له بلدنا وإقتصادنا جرّاء فشل السياسيين اللبنانيين في بناء دولة المؤسسات القوية والمتينة وذات الصدقية؟

 

يجب أن يعلم الجميع، أنّ البلد لا يُبنى من دون إستعادة الثقة من الشعب، والمستثمرين والشركات والبلدان المانحة، حيث لا تُبنى الثقة من دون هذه الأركان الأساسية.

 

من هنا السؤال: كيف يُمكن بناء الثقة، ولم تُجر الدولة اللبنانية إصلاحاً واحداً في مؤسساتها العامة مثل الكهرباء، والحوكمة الرشيدة والقضاء على الفساد، فيما يُحدّثوننا عن الإصلاحات منذ سنين؟ وكيف يُمكن إستعادة الثقة، فيما لم نسمع يوماً أنّه أُلقي القبض على فاسد واحد حقيقي وليس وهمياً أو حتى «كبش محرقة»؟ وكيف نستعيد الثقة في ظلّ وعود إنتخابية وهمية وشعارات كاذبة لم ولن تتحقق؟

 

في المحصلة، أختم لأقول: إنّ الثقة وحدها أعادت بناء لبنان بعد الحرب الأهلية المدمّرة، والثقة فُقدت بعدما بنى السياسيون بلداً على أركان الفساد والمحاصصة، وتوزيع المقاعد، ويرمون يوماً بعد يوم الحجر المدمّر والضربات القاضية على ما تبقّى من هذه الثقة المعدومة. الثقة وحدها تستطيع أن تسترجع العملات الأجنبية والإستثمارات وفرص العمل، ومن دونها سنبقى في الإنحدار المتمادي. والذين دمّروا الثقة لا يستطيعون إسترجاعها.