IMLebanon

تصويب مشبوه على حقائق الواقع الميثاقي

 

 

 

تعصف بالبلاد أوضاع دستورية وقانونية مركزة على جملة من الحصانات المختلفة التي تطاول جميع المسؤولين الإداريين والقضائيين والنواب والوزراء والرؤساء وأصحاب بعض المهن الحرة، بما يضفي عليهم أوضاعا واقية وحامية من معظم أنواع المساءلات والمطالب التي تلقي عليهم بالمسؤوليات القانونية كائنا ما كان وضعها وحجمها وخطورتها البالغة على أحوال الوطن والمواطنين، كما هو الشأن في الجريمة المأساة التي طاولت العاصمة بيروت مخلّفة آلاف الضحايا والمصابين والمنكوبين والمشردين، ومدمرة معالم هذه المدينة بعمرانها كله، ومآسيها الإسكانية والتراثية والصحية والإجتماعية والإنسانية كلها.

 

وها هي القيامات قد هبّت في الوطن في ربوعه كافة، تبحث عن الحقائق والمسؤوليات والخفايا والخبايا التي ما زالت منذ ما يزيد على عام حافل بالمآسي والتصرفات البعيدة عن تحمل أية مسؤولية من قبل أي مسؤول، والهرب الوقح من بحثٍ حقيقي وجدّي يوصل للمنكوبين الأسباب الحقيقية لنكبتهم، ويلقى الضوء الساطع والفاضح على أخبار وأسرار فقدت سرّيتها وأصبحت المعلومات والوقائع والحقائق التي تطاولها وتهزها في الصميم، شائعة ومفضوحة ومعلومة من قبل الجميع محليا وإقليميا وخارجيا، والوقائع المهتزة ما زالت حتى الآن تمسك بخيوط الماساة من أطرافها البعيدة عن الحقيقة وعن المسؤولية عن جرم غير مسبوق بحجمه ونتائجه المأساوية وهو يعالج حتى الآن بالكثير من الإستخفاف، ومن التخفّي والتلطّي والتهرّب وتشويه الوقائع والحقائق.

 

وبعد: ما زالت هذه المأساة تعالج في كل المستويات، بصورة إستنسابية وبهروب عجيب عن إمساك الخيط من طرفه الحقيقي، وما زال الهرب والتهرّب من توفير المعالجة المناسبة يطغى على أجوائها وعلى ممارساتها، فإلى أين وإلى متى تبقى هذه الجموع البيروتية المنكوبة، تبحث عن الواقع وعن الحقيقة، وتلقي بتصديها للوقائع والنتائج الرهيبة وبثورتها العارمة على ما لحق بها من أذى إجرامي، ما زال حتى الآن بحصوله وبنتائجه يلقى رعايةً وحمايةً غريبة عجيبة، فضلا عن كونها مستهجنة ومستنكرة، وإذا بنا كلما توصّلنا إلى حقيقة ما مهما سادها من غموض وتعمية، إذا بها وقد امتلأت بالغيوم والمخابيء والموانع، وإذا بنا أمام قصص وحكايات غريبة ومختلقة تخيم من حولها تساؤلات الساعين إلى وضع الإصبع حيث الجرح والألم والمحاسبة الحقيقية الطائلة والفاعلة.

 

حصانات في كلّ المجالات تحمي جميع المشبوهين والمرتكبين من مطاولات رادعة، تؤدي إلى الإمساك بخيوط الجريمة والمجرمين، وقد كانت هناك اقتراحات أمسكت بالروادع والموانع والحمايات التي بوجودها تطول المعالجات والمساعي المؤدية إلى ما يطلبه أهل الحق والردع للوصل إلى الغاية العادلة المنشودة. لقد طالب البعض بتشريع مستجدّ، يزيل ذلك البرقع الذي يتخفى به المرتكبون الحقيقيون عن كشف الواقع والأسرار التي ما زالت تحلّق في سماء البلاد، وتطغى على كل معالم الحقيقة المؤلمة التي تغرق بها إلى درجة الإختناق القاتل.

 

ولا بد لنا من التطرق إلى المحاولات الدؤوبة التي يحاول البعض من خلالها النفاذ إلى الوضعية الميثاقية التي استقرتِ بعد حروب محلية خبيثة الدوافع والتي تحاول بشتى السبل المؤذية، التحرّش بما رست عليه الأوضاع الوطنية من خلال اتفاق الطائف ولواحقه والذي جنّب البلاد أثقالا من الغيوم والهموم المحلية، والإضطرابات والحروب الخطيرة وهو كان يحتاج في المرحلة الحالية إلى بعض من المعالجة والإصلاح واستكمال بعض النواقص التي تركت بعجرها وبجرها مدفوعة بغايات مشبوهة وباستهدافات سيئة الواقع والنتائج يتم من خلالها في هذه الأيام العصيبة، إختراق حالات السلام والوئام النسبي التي أبقت عليها ظروف الواقع الوطني والميثاقي والإجتماعي الصعب، دون أن نغفل سلبيات طارئة يتولاها العهد الميمون ومعاونوه، في محاولات لقلب الأوضاع الميثاقية رأسا على عقب، واستعادة أوضاع الماضي الذي حورته وطورته الأيام والسنون من خلال طروحات طائفية ذميمة تحاول قلب الطاولة الوطنية بما قد يؤدي إلى إحياء حالات الشذوذ والفتنة التي أزالها الطائف إلى حد بعيد، وتحاول بعض الأوساط نسف جذورها بما يُمكّن من تحقيق طموحات عائلية تستهدف بكل الوسائل المتاحة والمشغول لها بكل الجهد والتصميم، الإمساك بخيوط الحكم اللبناني وتحويره إلى وجهة مخالفة للمستجدات الميثاقية التي طرأت على لبنان أرضا وشعبا ومؤسسات، وانتهت بعد اشكالات وحروب، إلى تطوير الواقع بما ينسجم مع واقع الحال الذي افرزته التطورات ومنطقها في كافة الصعد والميادين. كل ذلك يلقى في هذه الأيام صمودا وطنيا شاملا يرفض المطامع والمطامح التي يشغل لها وهي لا تلقى من المواطنين اللبنانيين على كافة امتداداتهم وانتماءاتهم إلاّ شمولية في التحفظ وصولا إلى الرفض والمعارضة.

 

وبعد: فلنستمع جميعا إلى أقوال ومطالب ومواقف حكمائنا في كل مجال ووجوبية الإمتثال إلى رصانتهم وحكمتهم آملين أن تصفو الأجواء بما يؤدي إلى الإسراع بتشكيل الحكومة العتيدة خلال هذا الأسبوع وفقا لمطلب الرئيس برّي قبل استفحال مرحلة جهنم،وبئس التوقعات والأخطار وسوء المصير.