IMLebanon

حكومة لانكستر والهيئة الصحية لراحة البال

 

كل دول العالم تجلي رعاياها في أوقات الكوارث. قد يكون السبب زلزالاً أو حرباً خارجية وربما داخلية أو وباءً… وفي كل هذه الحالات تتصرف الدول من موقعها المسؤول عن رعاياها، فتحيطهم برعايتها وتوجههم الى بر الأمان عبر إبقائهم على اتصال بممثليها في السفارات والقنصليات.

 

والأراضي اللبنانية شهدت عمليات اجلاء لرعايا دول أخرى. وشاهد اللبنانيون كيف ان الولايات المتحدة قامت خلال الحروب الاسرائيلية على لبنان ومنها حرب تموز الشهيرة، بإجلاء رعاياها وأكثريتهم من اللبنانيين وبينهم كثرة ساحقة من الجنوبيين، من منطقة المعارك، ونقلتهم في طائراتها وبواخرها الى بر الأمان. والدول الأخرى لم تُقصِّر، فروسيا وفرنسا وكندا قامت بعمليات مماثلة، شاملة بعطفها كثرة من اللبنانيين حاملي الجنسية المزدوجة.

 

وفي زمن “كورونا” قامت الدول وهي تقوم بعمليات مماثلة، الا اذا استثنينا حكومة الأسد التي نصحت شعبها المقيم في لبنان بالبقاء حيث هو وإلا…

 

فالعديد من الدول العربية نظمت عودة رعاياها في رحلات متفق عليها مع الدول الأخرى خصوصاً بعد الإقفال العالمي لحركة المطارات، فعلت ذلك مصر والسعودية والإمارات والبحرين والكويت ولا تزال… وهذا الأسبوع ستعيد الجزائر نحو ألفين من مواطنيها العالقين في إسطنبول، وفي المقابل تمارس الدول سياسات إنسانية في استضافة المقيمين لديها فترعاهم كمواطنيها، وهو ما تفعله الإمارات مثلاً التي من بين تدابيرها اعفاء اصحاب التأشيرات المنتهية ثلاثة شهور، حتى نهاية أيار المقبل.

 

نسوق هذه المقدمات للقول ان ما تقوم به الدولة اللبنانية من تسهيل عودة مواطنيها من الخارج في زمن الكوارث هذا هو من البديهيات، لكن ما يواكب هذا العمل من بيع وشراء في السياسة والإعلام عمل لا يجوز ولا يمكن هضمه. فالمسؤول السياسي الذي قدم نفسه مدافعاً عن المغتربين وعودتهم، كان الأحرى به ان يقوم بدوره بصمت من دون الاستعانة بكشافته ولجانه الصحية وحاشية المنتفعين، ودوره في المناسبة هو من موقعه في الدولة لا خارجها، والمسؤول الآخر الذي دفع للمغتربين ثمن تذاكر السفر ليدعموا فوزه يوم الانتخابات، كان عليه ألا ينسى ان الانتخابات امتحان يومي للمسؤول.

 

جرى بيع وشراء كبيرين في قضية طبيعية ومحسومة هي عودة اللبنانيين الى لبنان، فإذا هي مع الأسف، وبدلاََ من ان تكون ترجمة لسياسة وطنية مسؤولة عبر تدابير ادارية بسيطة وعادية، تتحول الى تجارة يجري خلالها تبييض صفحات لمتهمين بخرق القوانين، وتخصيب مالي غير واضح المعالم لشخصيات مستفيدة، وتمنينٍ للمواطن، صاحب الحق، من كيسه.

 

في كل حال، ما تحقق خطوة جيدة ينبغي إكمالها، رغم الفواصل الإعلانية الثقيلة التي تخللتها، من حكومة لانكستر الى الهيئة الصحية لراحة البال…