IMLebanon

الفساد في عين الخارج

 

زارت وزيرة التجارة والتعاون التنموي في هولندا سيفيه كاغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي أبلغها «ان الحكومة المقبلة ستولي عناية خاصة بالشأن الاقتصادي واستكمال عملية مكافحة الفساد».

إن موضوع الفساد لا ولن ينتهي الكلام عنه في لبنان لأنه أصبح جزءاً من طبيعته وكلما أكتب عن الفساد أعود إلى ما كتبته في مذكراتي التي أعمل على إنهائها وهي الحرف التالي:

«الفصل الخامس: الديموقراطية في لبنان والفساد»

هناك أكذوبة كبرى يعيشها اللبنانيون تتمثل بإدعائهم أنهم في نظام ديموقراطي. هذه الأكذوبة ردّ عليها دولة الرئيس سليم الحص بقول يكرره دائماً ومفاده ان في لبنان كثيراً من الحرية وقليلاً من الديموقراطية. أنا اوافقه الرأي لأن المساءلة في لبنان غائبة. الرجل العام، رجل السياسة، قد يرتكب افعالاً كثيرة فاسدة تحت مظلة محاربة الفساد ولا من أحد يوجه إليه التهم، وهو من جانبه لا يأبه بما يقال عنه انه فاسد. والسبب في ذلك يعود إلى تكاثر الفساد بين أفراد المجتمع وكأنه أمر طبيعي غير جدير بالتوقف عنده.

بعد تلك السنين التي سجلها عمري وإقتربت من الخمسة والثمانين، لم أعد أشعر إني في وطني لبنان. كل شيء فيه قد تغير أمام بصري وسمعي. فالأخلاق فقدت معانيها والفضيلة أصبحت رذيلة والرذيلة أصبحت فضيلة. لم أعد أفهم ما يحصل على مسمع الجميع. فالسارق مال النّاس، المال العام، يعين وزيراً ويعاد تعيينه وزيراً. والمحتال أصبح يدعى ذكياً. أما الشرفاء والأودام فيُدفعون إلى المستودع وإذا كانوا محظوظين يوضعون في مستودع منور غير مظلم. ويبقى الفاسدون يُسيّرون شؤون البلاد والعباد بحرية كما يحلو لهم ولا من يسأل.

هذا الكلام لازال مع الأسف صالحاً في أيامنا هذه ولم يتوقف ولن يتوقف. إلى متى تصبح الديموقراطية نظاماً يعمل به على حقيقته ما دام الفساد يعشعش فيه.

ليسمح لي هنا أن أتوجه إلى فخامة الرئيس ميشال عون بكل احترام وأسأله متى ستستكمل الحكومة عملية مكافحة الفساد؟ لقد عيّن فيها وزيراً مهمته الوحيدة توّلي شؤون مكافحة الفساد. ومع تقديري لقدرات الوزير أسأل أين وصل في موضوعه لأنه إلى الآن لم يصدر عنه أي إشارة تطمئن النّاس. فإلى متى السكوت للحفظ خصوصاً أن أمره مكشوف وبصماته ظاهرة.

إنني أصارح فخامته بأن النّاس بدأت تيأس واليأس طارد للأمل يُسرّع فتح أبواب الهجرة لشباب لبنان المعقودة عليهم آمالهم. وما لا يدركه البعض أن الدولة انفقت عليهم أموالاً طائلة لتعليمهم وتخريجهم، أمِن المصلحة ان تذهب هذه الأموال هدراً والهدرُ هنا لا يثمن؟. إن لم يُقضَ على الفساد بمعظمه ولا سيما في صفوف أهل السياسة والإدارة فلبنان سائر نحو الإفلاس كما ألمح إليه الرئيس ميشال عون في أحد تصاريحه. فهل يسمع هؤلاء ويدركون خطورة الوضع الذي يمر فيه البلد؟ اللهم افتح عيونهم وآذانهم وأزل الغشاوة عن قلوبهم.

 

* نائب ووزير سابق