IMLebanon

مجلس نواب لا مجلس عزاء!

 

لو اعتمدنا خطاب النائب محمد رعد فور صدور نتائج الانتخابات النيابية لتوصّلنا الى استنتاج أن السيد رعد يطرح نفسه رئيساً لمجلس النواب، فهو إذ يضع تحت إبطه كميّة النواب الذين حصل عليهم التحالف الذي يقوده، يتوجه الى خصومه وهم ليسوا قلة، بأن يصمتوا ويرعووا، وإلا فالحرب عليهم ما دامت تهمة السفارة مقيمة في العمارة الايديولوجية التي ينضوي الحاج تحت رايتها.

 

لكن الواقع أننا إزاء مجلس نواب وليس في حضرة مجلس عزاء. في مجلس العزاء المعتاد يصح استحضار الرواية المناسبة وقول التوجيهات الضرورية، لكن في مجلس النواب يختلف الأمر، فكيف إذا كان هذا المجلس حديث الولادة وقد حمل في ولادته مفاجآت غير محسوبة؟

 

طبعاً تمكن الثنائي من حفظ احتكاره التمثيل الطائفي للطائفة الشيعية، لكن تحالفاته المتنوعة داخل الطوائف الأخرى إهتزت بقوة، في الأوساط المسيحية كما في الوسط الدرزي، وفي الوسط السني لم تؤد دعوة الرئيس سعد الحريري الى المقاطعة لتسهيل تمدد «اللقاء التشاوري السني» كحليف تم استحضاره سابقاً، يتعاون مع «حزب الله» في توجهاته وسياساته.

 

نحن الآن إزاء مجلس نيابي متنوع ومختلف. طارت منه بقرار شعبي رموز ارتبطت بالنفوذ السوري، وحلَّت فيه مجموعات شابة جديدة من خارج الإنقسامات التقليدية الطائفية والمناطقية. لم يحصل ذلك بفعل السفارات، كما يقول التحليل الحزبي الطائفي المناهض، بل بفعل الأزمات المتمادية، الإقتصادية والمالية والاجتماعية والوطنية، ومن لم يقرأ ردود فعل الناس حماسةً أو انكفاءً، ومنها خصوصاً شباب الإغتراب والتهجير القسري، لا يريد أن يعترف بالتحولات الحاصلة، والأسوأ انه لا يريد الإعتراف بمجلس نيابي جديد.

 

في هذا المجلس آراء أخرى بشأن السيادة والمقاومة والدولة والسلاح خارج الشرعية، وفيه أفكار حول الخروج من الأزمات القائمة، ولا يمكن إختصاره بتصورات واجتهادات رعد، ولا حتى بتوجيهات الرئيس التاريخي نبيه بري.

 

وفي الأيام القليلة المقبلة سيتحمل بري بالذات وبشكل خاص مسؤولية ترجمة شعاره الأثير بشأن «سيّد نفسه»، فالمجلس النيابي الجديد قادر أن يكون فعلاً سيّداً لأفعاله، بتنوعه وتعدديته، إلّا اذا إرتأى السيد زيّان انه الآمر الناهي، وعندها لا تعود الانتخابات واجبة من الأساس.