IMLebanon

التعاطي مع العسكريين : سلام سعوديّـاً ــ جنبلاط تركيّــاً ــ ابراهيم لبنانيّــاً

ملف العسكريين المخطوفين دخل البازار السياسي الاقليمي. والكباش السعودي – التركي، اصبح ملفا على طاولة المفاوضات الاقليمية، وهذا ما دفع بـ«داعش» و«النصرة» الى التلاعب بكل الدولة اللبنانية، والامر لهما. وهذا ناتج عن التعقيدات الاقليمية التي كما يروج البعض باعنقال سجى الدليمي وآلاء عقيلي وغيرهما. وتحدد مصادر متابعة للملف النقاط الاتية:

1- قطر خرجت فعليا من الملف بعد الضربة الاولى التي شاركت فيها طائراتها مع التحالف الدولي بضرب «داعش» و«النصرة». في سوريا، وفقدت تأثيرها الكلي، ومنذ الضربات الجوية اصبح عمل الوفد القطري اعلاميا فقط وقد طلب منه مسؤولو «داعش» و«النصرة» الانسحاب حتى انه منذ ذلك التاريخ لم يلتق باي مسؤول لـ«داعش». وحاولت قطر تقديم اغراءات مالية فرفضت «داعش» و«النصرة» وهذا الانزعاج يعود الى عتب تركي على قطر.

2- الامرة، في هذا الملف لتركيا وهي اللاعب الابرز، ومفتاح الحل والربط والنائب وليد جنبلاط يدرك هذه المسألة ويتواصل مع الاتراك الذين يضغطون على «داعش» و«النصرة» لتلبية ما يريده جنبلاط.

3- اثناء الاجتماعات في الامم المتحدة التقى تمام سلام الرئيس التركي اردوغان وتم النقاش بملف العسكريين، ووعد اردوغان بالمساعدة على ان يقوم الرئيس سلام «السني» بزيارة تركيا ووعد سلام بتلبيتها فور عودته الى بيروت.

4- بعد زيارة الرئيس سلام الى الامارات العربية المتحدة وقطر والسعودية والبحث بملف المخطوفين، حاولت سفارة تركيا في بيروت الاستفسار من الرئيس سلام عن الزيارة لتركيا، وحتى الان لم يأت الجواب الى السفير التركي.

5- ادركت تركيا ان السعودية لعبت دورا اساسيا في منع الرئيس سلام من زيارة تركيا في ظل الخلافات بين الدولتين. وكذلك دخلت مصر من باب التمني على سلام لعدم زيارة تركيا، وهذا الامر ازعج اردوغان لجهة خضوع الرئيس سلام للضغوطات، وبالتالي انحاز الرئيس سلام «السني» الى المحور السعودي – المصرفي على حساب المحور التركي الذي يعمل لقيادة السنّة في المنطقة.

6- عندما قررت تركيا الانسحاب من ملف المخطوفين، اعطت ايعازا لمسؤولي «داعش» و«النصرة» بعدم التجاوب بأي شكل مع مطالب الدولة اللبنانية، قبل ان يزور سلام انقرة.

7- الرسالة التركية للخاطفين جعلتهم يفهمون الاشارة ضد الدولة اللبنانية، وبالتالي فان قرار قتل علي البزال ما كاد ليتم لولا غض النظر التركي كون الحكومة اللبنانية، لم تفهم الرسائل، ولذلك فان لبنان كله اسير هؤلاء التكفيريين المستندين الى دعم تركي وربما قتل البزال ايضا نتيجة تصاعد الخلاف التركي السعودي.

8- هذه المعادلة فهمها النائب وليد جنبلاط لجهة الموقف التركي والتفاوض المباشر، وادرك جنبلاط ان الدولة الوحيدة القادرة على الضغط على «داعش» هي تركيا، وبالتالي جاءت خطوات جنبلاط الانفتاحية على المسلحين بموافقة تركية التي طلبت تسهيل مهمة جنبلاط، وبالتالي فان جنبلاط هو اللاعب الاول القادر على حل الملف وليس مستغربا ان تأتي الانتقادات لدور جنبلاط من سلام والمشنوق، وهي انتقادات سعودية للدور التركي الذي يبشر به جنبلاط خصوصا ان انقرة هي اللاعب الوحيد القادرة على التأثير على «داعش» و«النصرة» لاطلاق المخطوفين، وجنبلاط سيكون له الدور الحاسم بالملف وربما اعدام الشهيد البزال سيدفع الحكومة الى التراجع مقابل تقدم القرار التركي على القرار السعودي.

9- في هذه المعممة الاقليمية حاول اللواء عباس ابراهيم التحرك مدركا ان لديه الكثير من اوراق القوة اللبنانية في ظل التجاذبات الاقليمية، وعندما لوح باستخدامها شنت عليه الحملات وبذلت جهودا لعرقلة خطواته نتيجة موقفه المنطلق من جوانب لبنانية، لاجبار الخاطفين على التراجع، وهذه الورقة جعلت المسلحين قلقين، استخدموا اوراقهم لعرقلة جهود اللواء ابراهيم بغطاء اقليمي وعدم حسم الحكومة للامور.

وتضيف المصادر المتابعة لهذا الملف ان الاتراك في ملف مخطوفي اعزاز مارسوا كل انواع المناورات و«الخدع» حتى تم خطف الضابط التركي في بيروت عندها استجابت تركيا فوراً وطلبت من «النصرة» إتمام الصفقة، اما في ملف راهبات معلولا فان الدور التركي كان سيئاً ايضاً ولم توافق الا بعد ضغوط فاتيكانية ودولية وكانت قطر ما زالت لاعباً اساسياً بالاضافة الى التسهيلات التي قدمها الرئىس بشار الاسد، رغم ان المصادر تؤكد ان اللواء ابراهيم كان المرجعية الوحيدة للحل والربط واستخدم كل اوراق القوة لديه، وصبر كثيراً، وفاوض ونجح، اما ملف المخطوفين العسكريين فمختلف جداً، حتى ان 50 جهة تتعاطى فيه لكنهم سيعودون جميعاً الى ما طرحه اللواء ابراهيم تقول المصادر، لجهة المباشرة باستخدام اوراق القوة ومن دون ذلك فلا حلول وهؤلاء العصابات ومن وراءهم لا يفهمون الا لغة «العين بالعين والسن بالسن» وتبقى المشكلة ان الطبقة السياسية اللبنانية «اقليمية الهوى» اكثر مما هي لبنانية! لذلك هناك جهات وزارية مع السعودية وجهات وزارية مع تركيا، والحلقة الاضعف الجهات اللبنانية.

وتؤكد المصار «ان هذا الملف دخل في صلب الصراع التركي ـ السعودي وان من مصلحة تركيا اظهار الحكومة اللبنانية المدعومة سعودياً بأنها ضعيفة جداً وعاجزة. وهذا هو حال الدور السعودي في كل المنطقة، خصوصاً ان تركيا تعتقد ان نصف ولاء الحكومة سعودي والنصف الآخر ايراني. واين موقعها وحصتها؟ وبالتالي فان ملف المخطوفين هو الورقة الاساسية لديها لابراز قوتها في لبنان كونها تدرك اهميته الشعبية، وربما تركيا تحاول كسب ود جنبلاط واعطائه اوراقاً لادراكها ايضاً ان من يتحالف مع جنبلاط يتحول الى لاعب اساسي في الملف اللبناني كون تركيا تدرك الفتور بين جنبلاط والسعودية الذي لم يعالج بعد وتدرك اهمية الموقع التركي، عند آل جنبلاط خصوصاً ان جنبلاط يؤيد افكار جده شكيب ارسلان الذي اعتبر في كتاباته ان كل من حارب الدور العثماني في لبنان وساهم باضعاف الدور الاسلامي لتركيا في المنطقة كان يعمل لصالح الغرب ونفوذه، وبالتالي كان يعتبر ان من حارب تركيا كان لصالح الغرب والدور الفرنسي، ومن هنا كانت النظرة الى الامير فخر الدين نظرة سلبية لانه اول من لجأ الى صقلية لمساعدته ووضع «المدماك» للدخول الغربي الى منطقتنا، وانه مهما كانت ممارسات الدولة التركية تبقى افضل من حكم الغرب وهيمنته على منطقتنا وهذه النظرية كان جنبلاط من اشد المنظرين لها، وتركيا تعرف هذا الموقف الجنبلاطي الذي يؤكد في مجالسه ايضاً ان الدور الاقليمي الكبير لتركيا «عائد» بقوة وستكون لاعباً اساسياً.

ولذلك وحسب المصادري يبدو الموقف اللبناني ضعيفاً وموقف خلية الازمة هو الاضعف لان الحل والربط ليس بيدهم، ومن يعتقد ان الافراج عن رموز ارهابية في سجن رومية بيد الدولة اللبنانية مخطىء جداً، والافراج لن يحصل الا بموافقة اميركية اوروبية بالدرجة الاولى، و«الفيتو» الاميركي على اخراج اي ارهابي ما زال قائماً وبالتالي خروج سجناء من روميه لن يبصر النور، وما على الدولة الا ان تفتش عن اوراق القـوة وهي كثيرة.