IMLebanon

تزيين العاصمة: الفضائح تتوالى فصولاً

    

فضيحة زينة العاصمة التي صرفت لها بلدية بيروت مليونين و200 ألف دولار تتوالى فصولاً منذ آب الماضي. مخالفات بالجملة ارتكبتها البلدية في تلزيم أشغال الزينة إلى جمعية في رصيدها دعاوى قضائية، وإلى غرفة التجارة والزراعة والصناعة التي لا يصح، بحسب ديوان المحاسبة، صرف الأموال لها لأنها ليست جمعية أساساً، وإلى تجار بيروت الذين لا يخضعون لأي حسيب أو رقيب. والنتيجة، زينة باهتة واتهامات متبادلة وصلت حد تحويل المشكلة إلى طائفية

 

تقسيم «جبنة» تزيين شوارع بيروت لم يضع خاتمة لأحزان مجلسها البلدي. «فضيحة الزينة» تتوالى فصولاً، بدءاً من القرار الأول، في 25 آب الماضي، بتلزيم جمعية beasts أعمال تزيين شوارع العاصمة في أعياد الميلاد ورأس السنة والمولد النبوي وشهر رمضان، على مدى السنوات الثلاث المقبلة، مقابل مليوني دولار، من دون مناقصة أو دفتر شروط واضح… وصولاً إلى القرار «التصحيحي»، إثر اعتراض 13 من أعضاء المجلس البلدي، بتقسيم الأعمال – والمليوني دولار – بين الجمعية (ترأسها رشا جرمقاني المحسوبة على تيار المستقبل) وبين رئيس الهيئات الاقتصادية رئيس غرفة التجارة والصناعة والتجارة محمد شقير (مرشح المستقبل المحتمل لتولي وزارة الاتصالات في الحكومة الجديدة). الصيغة «التصحيحية» قضت بأن تتولى beasts تنفيذ الأنشطة المتعلقة بشجرة الميلاد والقرية الميلادية وعيد رأس السنة وعيد المولد النبوي واحتفالات شهر رمضان، فيما تتولّى شركة كلّفها شقير أعمال تزيين شوارع العاصمة («الأخبار»، 13 تشرين الثاني 2018).

مقالات مرتبطة

«ليسيه عبد القادر»: حل على حساب المال العام رلى إبراهيم

لكن «الشيخ زنكي» الذي اعتقدت البلدية وجرمقاني وشقير أنهم «دفنوه سوية»… لم يمت تماماً! إذ لم تلتزم beasts بشروط «العقد»، فكانت الفضيحة الأولى بمرور ذكرى المولد النبوي الشهر الماضي بلا زينة ولا من يزيّنون. ثم جاءت الفضيحة الثانية مع نشر النائب هاغوب ترزيان، قبل يومين، مضمون قرار قضائي بإلقاء الحجز على أموال الجمعية لعدم دفعها المبالغ المستحقة عليها لمصلحة شركات عملت معها العام الماضي في تنظيم مهرجان في الـ«بيال» ساهمت فيه البلدية، يومها، بمبلغ 900 ألف دولار. نشر القرار أثار مخاوف المؤسسات التي تتعاون معها جرمقاني في تنظيم القرية الميلادية في وسط العاصمة من عدم تقاضي مستحقاتها، وأدّى إلى تلويح بعضها بالانسحاب وفكّ منشآتها. وزاد الطين بلة انتشار أخبار بأن قرار البلدية تلزيم beasts عالق لدى وزير الداخلية نهاد المشنوق منذ نحو 20 يوماً، بعدما «مرق» في المحافظة وديوان المحاسبة.

أما الفضيحة الثالثة، والأخطر، فهي بدء حملات للدفاع عن زينة الميلاد تحت عناوين طائفية، وأبرزها هجوم إحدى الإعلاميات على وزير الداخلية، متسائلة ما إذا كان سيفعل الأمر نفسه لو كانت الزينة تخصّ شهر رمضان! وهو ما يضعه بعض أعضاء المجلس في خانة «ضغط جرمقاني على المشنوق، عبر معارفها، لإقرار المبلغ من خلال تحميل الأمر عنواناً طائفياً لا ينطبق على حقيقة ما يحصل». ويلفت هؤلاء إلى أن beasts ترفض دفع أي مستحقات للعاملين معها قبل أن تتقاضى مستحقاتها من البلدية، علماً أن البلدية «مؤسسة رسمية ولن تتخلف عن واجباتها المالية». ناهيك عن أن جرمقاني تتقاضى ألفي دولار عن كل «كيوسك» في القرية الميلادية، وهو أمر مستغرب لأن المليون دولار يفترض أن تكفي لتنظيم قرية ميلادية مجانية تجتذب العارضين والزوار إلى وسط العاصمة لإعادة إحيائه. كل هذا، والجمعية «لا تبغي الربح»، وفق ما تُعرّف عن نفسها على موقعها الإلكتروني!

الداخلية: يفترض أن تتولى الزينة جمعية بيروتية لا جمعية في رصيدها دعاوى قضائية

 

مصادر وزارة الداخلية، من جهتها، نفت أن يكون القرار عالقاً لديها أو قد وصلها أساساً. لكنها لفتت إلى أنه «في كل الأحوال، يُفترض بالجمعية التي تُكّلف بالزينة أن تكون بيروتية وذات مصداقية، لا جمعية في رصيدها دعاوى قضائية». وأشارت إلى أنه «كان يجب على من تولى أمر الزينة أن يعتمد طريقة أخرى في الانتقاء خصوصاً بعد الخضّة التي أثارتها التكاليف لدى الرأي العام، البيروتي خصوصاً، وهو ما دفع المجلس إلى تقسيم مبلغ المليوني دولار على طرفين تداركاً لما حصل».

المصادر لفتت إلى أن صرف نحو 900 ألف دولار لمصلحة غرفة التجارة والصناعة والزراعة لتزيين الشوارع الرئيسية في بيروت «فضيحة لا تقل شأناً عن فضيحة beasts». وسألت: «كيف تصرف البلدية مساهمة مالية لمصلحة الغرفة بدل أن تتولى الأخيرة التبرع لتزيين الشوارع من تلقاء نفسها؟».

وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أن قرار البلدية الخاص بغرفة التجارة والصناعة والزراعة لا يزال عالقاً أمام ديوان المحاسبة الذي يدرس قانونيته «لأن الغرفة ليست جمعية، وبالتالي لا يصح صرف مبلغ مالي لها بشكل مباشر». أما الـ 300 ألف دولار التي أقرتها البلدية لجمعية تجار بيروت (تقدمها البلدية سنوياً لزينة الميلاد)، فلا تخضع لأي مراقبة. وعلى الأرجح، بحسب أحد أعضاء المجلس، أن التجار، «كما في كل عام، سيصرفون ربع المبلغ على الزينة، ويتقاسمون الباقي في ما بينهم»!