IMLebanon

هوكشتاين “راجع”… ولبنان سيردّ على الإعتراض الإسرائيلي

 

 

فور عودته من واشنطن، حيث أمضى عطلة الأعياد التقى خلالها عدداً من كبار المسؤولين الأميركيين، زار وزير الخارجية عبدالله بو حبيب رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لاطلاعهما على حصيلة المشاورات التي عقدها في العاصمة الأميركية، والتي يبدو أنّها حملت الكثير من الرسائل الايجابية تجاه لبنان عبر مسلكين: قطاع الطاقة وملف ترسيم الحدود.

 

ولفت بو حبيب إلى أن المسؤولين الأميركيين جددوا التأكيد على دعمهم استجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان من مصر والأردن عبر سوريا، لتعزيز انتاج الطاقة الكهربائية، واستثناء لبنان من القيود التي يضعها «قانون قيصر»، وأن هذا الأمر تم إبلاغه إلى المسؤولين المصريين. وأوضح الوزير بو حبيب أن المسؤولين الأميركيين يشجعون المضي في عملية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وأن الموفد الأميركي المكلف هذه المهمة، أموس هوكشتاين، سيحضر إلى لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة، لاستئناف مساعيه بهدف تحريك هذا الملف.

 

هذه المرة الأولى التي يخرج فيها كلام رسمي عن عودة الموفد الأميركي إلى بيروت، بعد سلسلة تسريبات وتكهنات حول امكانية جلوسه من جديد إلى طاولة المسؤولين اللبنانيين، ضمن جولة ثانية من المفاوضات غير المباشرة التي يقودها بنفسه منذ مدة، حيث يُنتظر أن يحمل هوكشتاين شيئاً في جعبته يدفعه إلى طرق أبواب اللبنانيين في محاولة لخرق الجمود الحاصل على خطّ ترسيم الحدود من باب العمل على تحقيق الاتفاق المنشود.

 

ولكنّ موعده المرتقب خلال أسابيع قليلة (تمّ تأجيل الزيارة بسبب جائحة كورونا نظراً لاجراءات التضييق التي تتخذها الإدارة الأميركية بحق دبلوماسييها)، لم يخالف توقعات بعض المعنيين بهذا الملف، بأنّ الطرف الإسرائيلي يبدي استعجاله للاتفاق على ترسيم الحدود ذلك لأنّ شركة «إنرجين» التي تعمل في حقل كاريش سترسل في شهر آذار المقبل سفينة للإنتاج تُعرَف باسم FPSO، وهو استحقاق بالغ الأهمية بالنسبة للإسرائيلي لأنّ الشركات العاملة في هذا المجال تتجنّب عادة العمل في مناطق متنازع عليها أو غير مستقرّة أمنيّاً. ولهذا تحرص إسرائيل على إنجاز الاتفاق، أقله مبدئياً، قبل الربيع المقبل كي تكون سفينة الإنتاج في مياهها الإقليمية بلا أيّ مخاطر معرقلة.

 

كما أنّ زيارته تتزامن مع تطور رسمي شهدته الأمم المتحدة من خلال رسالة وجهها رئيس بعثة إسرائيل في الأمم المتحدة جلعاد أردان بتاريخ 23 كانون الاول 2021 الى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يبدي فيها إعتراض إسرائيل على فتح لبنان دورة تراخيص هي الثانية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية (أعلن عنها الوزير وليد فياض بتاريخ 26 تشرين الثاني 2021). وحسب الرسالة الاسرائيلية، فإن دورة التراخيص الثانية تمتد الى المياه الاسرائيلية أي الى مساحة الـ860 كلم مربع المتنازع عليها بين الجانبين، وجددت بالتالي تمسكها بمساحة الـ860 كلم مربع ما بين الخط 1 والخط 23 وحذرت «الأطراف الثالثة»، أي شركات التنقيب عن النفط من القيام بأي أعمال استكشاف أو تنقيب لصالح لبنان في هذه المنطقة.

 

وقد تبيّن، وفق مصادر وزارة الخارجية، أنّ لبنان لم يتلق هذه الرسالة بشكل رسمي إلا منذ أيام قليلة، لأسباب تقنية، تتصل بفترة الأعياد وبتسلم الإمارات مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن من تونس، وحين وصلت الرسالة إلى قصر بسترس أوعز وزير الخارجية إلى الدوائر المختصة لاعداد كتاب رسمي لايداعه الأمانة العامة للأمم المتحدة. وسيتناول الردّ وفق المعلومات تمسّك لبنان بالخطّ 23 وبالمفاوضات غير المباشرة التي تقودها الولايات المتحدة لتحقيق الاتفاق.

 

ولكن وفق المطلعين على أجواء الإدارة الأميركية، فإنّ ملف ترسيم الحدود قد يشهد تطورات ايجابية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، نظراً لثلاثة عوامل أساسية: حماسة الأميركيين لانهاء الملف، رغبة إسرائيل في تحقيق هذا الأمر خلال الأشهر المقبلة، والموقف الموحد الذي أبُلِغ إلى هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة بيروت من جانب الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب) ومن جانب وزير الخارجية، حول تمسك لبنان بالخطّ 23، بعد رفض تعديل المرسوم 6433 أو حتى التعامل مع الخطّ 29 على أنّه خطّ تفاوض. ما يعني أنّ أقصى ما يمكن للبنان تحقيقه هو حماية مساحة 860 كلم مربع، مع العلم أنّ ضمّ حقل قانا إلى هذه المساحة يعني اجراء بعض التعديلات على الخطّ 23، وهي مسألة لا تزال غير محسومة، أقله بانتظار ما سيحمله الموفد الأميركي إلى بيروت.