IMLebanon

حوار على صفيح ساخن.. أم بارد؟

أجواء الارتياح التي تُشيعها تكهنات الحوار المحتمل بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، يشوبها بعض الحذر من القلقين على نتائج الحوار، ومدى جدّيته، وما إذا كان سيتم في مناخات باردة، وأجواء هادئة، أم ستسبقه أحداث «أمنية ما»، ليجري على صفيح ساخن.. كما كان الحال في المرتين السابقتين!

 {{ المرّة الأولى جرت في أعقاب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط عام 2005، وظهور الانقسام العامودي بين فريقي 8 و14 آذار، وبلوغ التوتر ذروته في الشارع، مما كان يُهدّد بانفجار داخلي مخيف في أية لحظة، فكان أن دخل الثنائي برّي – جنبلاط على خط المعالجة والتهدئة، ونجحت التوافقات التي تم التوصل إليها، في تمرير انتخابات 2005 على سلام، وفي تنفيس أجواء التوتر والاحتقان.

ساهمت الأجواء الهادئة التي أحاطت بأول انتخابات نيابية بعد الخروج السوري من لبنان، في إيجاد الأرضية المناسبة لإنجاح دعوة الحوار التي أطلقها الرئيس نبيه برّي، حيث انعقدت طاولة الحوار برئاسته، وبقيت جلساتها مستمرة حتى عشية اندلاع حرب تموز 2006.

 {{ المرة الثانية، جرت في الدوحة، وبعد يوم 7 أيار الأسود، والمواجهة الساخنة بين «المستقبل» و«الحزب» في بيروت بعد أشهر طويلة من احتلال ساحات الوسط التجاري، ومحاصرة السراي الحكومي.

وأدى التدخل السريع لأطراف عربية وإقليمية، إلى تطويق الفتنة والحيلولة دون استفحالها وانتشارها، وإلى انعقاد جلسات الحوار في العاصمة القطرية، التي أسفرت عن «صفقة متكاملة»، شملت الاتفاق على الرئيس التوافقي، وعلى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وعلى إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، على قاعدة قانون الستين، أي الذي كان معمولاً به في العهد الشهابي عام 1960!!

 * * *

حتى الآن، ليس في الأفق ما يُشير إلى احتمال تكرار تجربتي الحوار السابقتين على صفيح ساخن، أقله بين المستقبل والحزب مباشرة.

صحيح أن الحزب يخوض معارك مُكلفة مع التنظيمات المقاتلة في سوريا، وأن بعض تداعياتها يصل إلى البيئة الحاضنة للحزب في البقاع الشمالي، وبعض المناطق الأخرى، في الداخل اللبناني.. إلا أن الخلافات السياسية بين الطرفين الأوسع شعبية على الساحة اللبنانية، لم تتطوّر إلى مجابهات مسلحة مباشرة، أو إلى استنفارات ذات طبيعة ميليشياوية على الأرض، نظراً لتخلي تيّار المستقبل عن مثل هذه الخيارات، في العمل الوطني.

ولكن الحذر يبقى واجباً، مِن مغبة دخول طرف ثالث على خط نسف هذا الحوار، أو على الأقل توتير الأجواء السياسية أو الأمنية قبيل حصول اللقاء بين الجانبين، بهدف إفشال المحاولة الأولى من نوعها، منذ انقلاب «حزب الله» على حكومة الرئيس سعد الحريري في أواخر عام 2010!

ولكن ثمة تساؤلات، عن مدى ارتباط هذا الحوار، ببعض الأحداث والمجريات الإقليمية والدولية، وخاصة المفاوضات حول الملف النووي الإيراني من جهة، وواقع العلاقة المتأزمة بين السعودية وإيران، على خلفية تدخل الأخيرة في ملفات المنطقة المتفجرة.

يمكن القول، واستناداً إلى معلومات موثوقة، أن الرياض تؤيّد وتدعم كل خطوة يقوم بها الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل، لتعزيز الاستقرار الداخلي، والحفاظ على الهدوء الأمني الحالي، فضلاً عن لملمة الأوضاع اللبنانية في إطار من التعاون والتوافق بين مختلف الأطراف المحلية.

ويبدو أن طهران، وفق ما أعلنه السيّد حسن نصرالله، في خطاب عاشوراء، قد تركت لحزب الله حرية الحركة في اتخاذ ما يلزم من خطوات لتجنب الانزلاق في هاوية الفتنة المذهبية، والحفاظ على الحد الأدنى من التوافق، خاصة مع تيّار المستقبل.

 * * *

هل دقّت ساعة الحوار بين المستقبل والحزب الآن؟

 وما هي البنود، أو الموضوعات التي سيدور البحث حولها؟

 لعلها المرّة الأولى، التي يشعر فيها أصحاب المساعي الحميدة لتنظيم هذا الحوار، برغبة الطرفين اللدودين الولوج بهذه الخطوة، بعد طول انقطاع، من دون أن يعني ذلك أن ثمة تسرّعا لاستعجال بدء الاجتماعات، قبل تحقيق الأجواء المشجعة لضمان إنجاز «بعض التقدّم»، في حال تعذر الوصول إلى اتفاق شامل حول البنود المطروحة.

ثمة ما يدعو البعض إلى التفاؤل، على ضوء المعلومات المتوافرة، حول تجاوب الطرفين على استبعاد الملفات الإقليمية المعقدة من أجندة الحوار، وفي مقدمتها: السلاح والاستراتيجية الدفاعية، ومشاركة الحزب في الحرب السورية.

على أن يتم التركيز على الملفات الداخلية الداهمة، وفي مقدمتها: الانتخابات الرئاسية، قانون الانتخابات النيابية، خريطة تشكيل الحكومة العتيدة.

 * * *

بقي أن نقول أن هذا الحوار تشجّع عليه عواصم القرار الدولي، وتتوقع منه أن يفتح أبواب الحلول للاستحقاقات الدستورية، وإنقاذ الجمهورية من السقوط !