IMLebanon

حوارٌ على مين؟

منذ العام 2005، وطاولة الحوار المتنقّلة من مجلس النواب الى قصر بعبدا، فمجلس النواب (إن التأم الحوار)، تَحضر بسحر ساحر، لتعبئة الفراغ، أو لتعقّب المواجهات المتكرّرة بين مشروعين، هما في الحقيقة كالخطين المتوازيَين.

عندما أطلق الرئيس نبيه برّي جلسات الحوار في مجلس النواب عام 2006، كانت المواجهة حول المحكمة الدولية قد بلغت حدَّ استقالة وزراء «حزب الله» وحركة «أمل» من الحكومة.

وعندما انتقل الحوار الى قصر بعبدا مع انتخاب الرئيس ميشال سليمان، كان زمن السابع من أيار، قد استُهلّ، وتُرجم عام 2010 بإسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، والانقلاب على اتفاق الدوحة. لكن قبل كلّ ذلك، لم يخرج حوار مجلس النواب بأيّ نتائج.

فالمقرّرات لم تُنفّذ. فلا السلاح الفلسطيني داخل المخيمات قد سُحبَ، ولا السلاح ضُبطَ داخلها، ولا الموافقة السريعة على المحكمة الدولية تمَّ التزامها، وأتت عملية الخط الأزرق لتعطي جميع من شاركوا في تلك الطاولة صفة الزوج المخدوع، خصوصاً بعد الضمانات التي أعطاها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله بصيف سياحي ممتاز، عاد وانقلب بفعل حرب تموز الى كارثة اقتصادية وانسانية امتدت سنوات، وارتدّ على شكل انقلاب واعتصام، نفذه الحزب في وسط بيروت.

واذا ما جاز التذكير بالانقلاب المتكرّر على نتائج الحوار، فلا يمكن اسقاط الانقلاب الاشهر على «اعلان بعبدا»، الذي وافق عليه «حزب الله» بالتوقيع الملآن، ليعود ويدخل الى سوريا للقتال الى جانب النظام ضارباً عرض الحائط، «إعلان بعبدا» والنأي بالنفس، وبالحدّ الأدنى حياد لبنان إزاء ما يحصل في سوريا والمنطقة.

من فراغ العام 2008، الى فراغ 2014، المسبب ذاته. تُستعاد الدعوة الى الحوار، وهي دعوة تشبه الفراغ، نظراً لانعدام أيّ فرصة بوجود أساس لنقاش في شأن ملفات يمكن الوصول فيها الى نتيجة.

الواضح أنّ خريطة المواقف في «14 آذار»، تتمايز بالنسبة إلى تكتيك التعامل مع الدعوة الى الحوار. في المبدأ لا يمكن لأيّ طرف أن يقول لا للحوار، ولكن ماذا بعد؟

يبدو الحوار محصوراً ببعض الملفات، وأهمّها اثنان. قتال «حزب الله» في سوريا، والانتخابات الرئاسية، وفي الملفين تُطرَح اسئلة، لا بدّ من طرحها، قبل الموافقة على الحوار.

في موضوع قتال «حزب الله» في سوريا، تُدرك قوى «14 آذار» أنّ القرار ليس في يد «حزب الله» لا بالنسبة إلى الدخول، أو الخروج. فالقرار هو قرار إيران، ولا يملك الحزب أيّ هامش للمناورة، وهذا يعني أنّ الجلوس معه الى الطاولة لنقاش هذه القضية، هو مجرد تضييع للوقت.

أما في الموضوع الرئاسي، فإنّ ما قام به الحزب أخيراً خصوصاً بعد زيارة وفد منه إلى الرابية، يُعطي انطباعاً بأن لا قرار بإجراء الانتخابات الرئاسية حتى إشعار آخر، ويعطي انطباعاً آخر بأنّ مواقف رئيس مجلس النواب نبيه برّي، في هذا الاطار لا تعدو كونها محاولاتٍ لملء الوقت الضائع، لمعرفته أنّ «حزب الله» لم يُقرّر الى الآن التخلّي عن ترشيح العماد ميشال عون، والبدء بالبحث بإسم توافقي.

تسأل بعض الاوساط أنه إذا كان النقاش في هذين الملفين، غير ممكن أساساً، فماذا تكون مهمة الحوار إذاً، غير التقاط صورة تذكارية، وإصدار بيانات فضفاضة، والانقلاب لاحقاً على أيّ شيء يُتفق عليه، حتى لو كان هزيلاً؟

وتلاحظ الاوساط أنّ «حزب الله» متمسكٌ بهذه الحكومة، وانه طلب من العماد عون عدم تعريضها للخطر، وتشير الى أنّ الحزب يحافظ على الحكومة، لكي يتفرغ لما يقوم به في سوريا، ولهذا فإنّ التخوّف من احتدام الحال المذهبية ليس في مكانه طالما بقيت هذه الحكومة ولو عرجاء».

وتسأل: لماذا الذهاب الى طاولة حوار عقيمة، سوف تُكرّر سيناريو الحوارات السابقة، التي صنعت أوهاماً ما لبثت أن ترجمت على شكل انقلابات مدوِّية؟