IMLebanon

هل ستحاسِب الأحزاب «الملتزمين» الذين لم يلتزموا؟

تجلّت الديموقراطية في انتخابات بيروت والبقاع وجبل لبنان بأبهى حللها من ناحية الترشح لعضوية المجالس البلدية والاختيارية. ويُقصد بالديموقراطية، العملية الإنتخابية بكلّ تفاصيلها خصوصاً أننا على حدود منطقة تدور فيها حرب ضروس.

في الشكل، تركت هذه الانتخابات نفحة أمل في لبنان حيث إنّ فكرة الدولة ما زالت موجودة وإن كنا نتوق الى انتخاب رمز وحدة الوطن، أي رئيس للجمهورية. ولكن على رغم كلّ شيء استطعنا أن ننظّم انتخابات وأن نقول إنّ لبنان ما زال يحنّ الى الديموقراطية.

شُكّلت اللوائح، شمرّ الجميع عن سواعدهم وتحضروا للمنازلة، ومنهم من أرادها معركة كسر عظم وإن اختلفت بين منطقة واخرى. ففي بيروت وزحلة مثلاً كانت المعركة سياسية، وفي بقية المناطق كانت معارك إنمائية، وفي أماكن أخرى معارك شخصية غلّفت بالسياسة لاثبات نظرية الوجود والتمثيل.

الى ذلك، شكل «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» تحالفاً في المناطق المسيحية التي جرت فيها الانتخابات كذلك حزب الكتائب. فقسم من المحازبين التزم باللوائح التي يدعمها حزبه والبعض لم يفعل مخالفاً بذلك التعليمات الإدارية للحزب.

لم تأخذ الاحزاب كافة، قرارات حاسمة في جميع البلديات فحزب «القوات اللبنانية» اعتبر أنّ الانتخابات البلدية مختلفة عن سائر الانتخابات لارتباطها بالطابع الانمائي والسياسي والعائلي، ففي بعض البلديات ترك الخيار للقاعدة وفي البعض الآخر أعلن دعمه الرسمي لبعض اللوائح.

وقبل الانتخابات صدرت مذكرة عن الأمانة العامة للحزب، تطلب من كلّ المسؤولين والمنتسبين في الحزب عدم الترشح أو الالتزام أو إعطاء الوعود قبل الرجوع للحزب.

لم تعتمد «القوات اللبنانية» السياسة نفسها في كلّ البلديات، حيث شهد بعضها تنافساً قواتياً- قواتياً، ولكن اتخذ الحزب في بلديات اخرى مواقف حاسمة، سيحاسب على أثرها الحزبيين الملتزمين الذين لم يلتزموا بها.

وعلمت «الجمهورية» أنه تمّ ضبط 3 مخالفات في الحزب، فتشكلت على أثرها لجان للتحقيق بها، بحسب الآلية الواضحة للمحاسبة التي ينصّ عليها القانون الداخلي.

وفي هذا الاطار، أكد الأمين العام لـ«القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» فادي سعد أنّه «سيتم رفع التقارير الصادرة عن هذه اللجنة ليُحال المنتسب للمجلس التأديبي ولأخذ القرار المناسب بحسب سلوكه وحسب المخالفة، ويمكن أن تبدأ العقوبة بلوم شفهي فخطي، ثم بتعليق العضوية الموقت لترتفع الى حدّ الطرد من الحزب».

هذا الموضوع ليس بجديد في حزب «القوات اللبنانية»، إذ إنه في استحقاق البلدية في الـ2010، تمّّ تعليق عضويات موقتة لمخالفة التوجّهات الحزبية «.

وأضاف سعد: «بالنتيجة نحن نطبّق نظامنا الداخلي والدخول في الحياة الديموقراطية. ولسنا من المتمرّسين في الاستحقاقات البلدية، فنحن نستكشف ونتعلّم من التجارب ونخوض هذا الاستحقاق وندرس نتائجه بتأنٍّ».

لم يقتصر عدم الالتزام على حزب واحد، فرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل طلب تحويل موضوع المخالفات الى الجهات المختصة في الحزب لدراستها، لكنّ المعلومات تشير الى أنه لم يصدر بعد أيّ قرار رسمي في هذا الموضوع.

لحزب الكتائب أيضاً قانونه الداخلي الذي يفرض التزام المحازبين به. وبعد أن كان الحزب قد ترك الخيار لقاعدته في بعض المناطق، فرض الالتزام بلوائح معيّنة في بلداتٍ ومدنٍ أخرى، وفي الحالة الثانية كلّ مَن يثبت عدم التزامه بقرار الحزب سوف تُؤخذ بحقه عقوبات تأديبية تدريجية تصل الى حدّ الطرد من الحزب.

من جهته، أشار نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية الوزير السابق سليم الصايغ الى أنّ «الكتائب معروفة تاريخياً بالانضباط، لذلك ستطبّق القوانين الحزبية على كلِّ مَن لم يلتزم وخالف القرار السياسي للحزب، فسيحوّل عندها الى مجلس الشرف الذي سيأخذ الإجراءات بحقه داخل الحزب حسب درجة المخالفة، فيمكن تجميد عضوية الملتزم وفصله من مراكز المسؤولية».

يقوم حزب الكتائب حالياً بإحصاء وتحديد وتثبيت المخالفات النتاتجة عن الانتخابات البلدية للمحاسبة، لذلك يقول الصايغ «نحن نحاول تقديم حزب نموذجي ويكون له دور فعّال في السياسة اللبنانية».

مع طيّ صفحة الإنتخابات، أعاد كلّ حزب دراسة وتقويم أدائه، لكنّ الثابت أنّ التهدئة سيدة الموقف، خصوصاً أنّ لكلّ حزب خصوصيّته ونمط عمله.