IMLebanon

أبعاد رفض إيران التفاوض مع ترامب

 

إيران لن تفاوض ترامب، هذا الموقف صدر على لسان غير مسؤول إيراني، من مرشد الجمهورية الإمام علي خامنئي الى المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية عباس موسوي (…) ومَن بينهما من كبار المسؤولين.

 

والكلام واحد في مضمونه: «ان طهران لا ترى»الآن» مجالاً لأي مفاوضات مع أميركا»، ولا شك في أنّ إدخال كلمة «الآن» في الخطاب الايراني رافض التفاوض لا ترد مصادفة إنما هي ذات مدلول يتقصّده الجانب الايراني ما في يبدو انه رسالة مباشرة الى الرئيس الاميركي دونالد ترامب شخصياً.

 

وبقدر ما تعلن ايران رفضها بقدر ما يجدد قاطن البيت الابيض عرضه الذي يقدمه إمّا مباشرة او عبر الاطراف الدولية العديدة التي تطوّع غير واحد من قادتها الى مثل هذه الوساطة… فمن رئيس وزراء الصين الى وزير خارجية عُمان، مروراً برئيس وزراء اليابان والرئيس الهندي والرئيس الفرنسي وسواهم كثر عبّروا عن استعدادهم ورغبتهم في التدخل لتبريد الأجواء تمهيداً لمفاوضات يؤمل ان تسفر (أقلّه) عن التهدئة تمهيداً للتوصل الى توافق حول «الاتفاق النووي»: إنْ للإبقاء عليه مع تعديلات محدودة (قيل ان ايران تقبل بها)، او لتعديلات جذرية قد تكون مدار اخذ وردّ، او لاتفاق جديد يبدو ان الطرف الايراني غير قابل به، او لعلّه غير مستعد له بعد.

 

وكرّر ترامب امس من «قمة العشرين» في اليابان قوله إنّ بلاده لا تسعى الى «تغيير النظام» في إيران، بل تريد إزالة الاسلحة النووية، واصفاً الاتفاق النووي الذي أبرمه سلفه باراك أوباما عام 2015 بـ»الفظيع».

 

وأضاف ترامب انه منفتح على مفاوضات جديدة، وقال: «اعتقد ان ايران لديها الرغبة في الحوار، وإذا رغبوا في الحوار فنحن راغبون ايضاً»، في تصريح بدا الاكثر طمأنة لقادة طهران منذ بداية التوتر الحالي.

 

وكلّما استعجل ترامب المفاوضات كلّما تمسّك النظام الايراني بالرفض لأنه يدرك حاجة الرئيس الاميركي الى أن يقدم المفاوضات وما قد يسفر عنها من اتفاق او نتائج ايجابية مختلفة الى الناخب الاميركي في بلد فتحت فيه المعركة الرئاسية منذ اليوم بترشيح ترامب نفسه لولاية ثانية.

 

ولأنّ الجانب الايراني يدرك هذه الحاجة الماسّة لدى ترامب، راح يعتبرها نقطة ضعف وبمثابة اليد الضعيفة التي يمسك الايراني ترامب بها برفضه التجاوب معه.

 

ولدى الايراني حسابات عديدة من إصراره على الرفض: فهو من جهة يخشى ان يتوصل مع ترامب الى اتفاق نووي آخر او معدّل، ثم يأتي رئيس جديد قد يتعامل مع هذا الاتفاق كما تعامل ترامب مع الاتفاق النووي الذي عقده مع باراك أوباما، الرئيس الاميركي السابق، وانقلب عليه ترامب إثر وصوله نزيلاً غير تقليدي في البيت الابيض.

 

ومن جهة ثانية، يدرك الايراني أنّ ترامب أوصل ذاته الى مأزق في أزمته مع إيران: فهو (حتى إشعار آخر) غير قادر على شنّ الحرب وغير قادر على إلقاء السلاح! وهذا، يفترض، ان يتسبّب بإحراج كبير في معركته الانتخابية الرئاسية، ما يقلل حظوظه في النجاح، إذ ان الشعب الاميركي لا يؤثر الحرب، كما لا يرتاح الى التردّد والمواقف المتذبذبة.

 

عوني الكعكي