IMLebanon

الخلاف على «الآلية» والنفايات سياسي لا تقني.. والإنفراج رهن التوافق

نصائح دولية لسلام تحثّه على الإستمرار في تحمّل المسؤولية وعدم الإستقالة

الخلاف على «الآلية» والنفايات سياسي لا تقني.. والإنفراج رهن التوافق

لبنان في مربّع المراوحة والإنتظار بأثمان مرتفعة نتيجة العقم السياسي

هل يُقدم الرئيس تمام سلام على الإستقالة أو الإعتكاف اعتراضاً على الوضع السياسي السائد داخل مجلس الوزراء والذي يحول دون اتخاذ القرار حيال أي ملف من الملفات الكبرى، أم أنه سيبقى صابراً حتى يعجز الصبر عن صبره لعلمه بأن أي خطوة من هذا النوع سيكون لها محاذير كبرى في ظل الفراغ الرئاسي وزنّار النار الذي يلفّ المنطقة؟

حتى الساعة كل شيء ممكن طالما أن رئيس الحكومة مشرّع الأبواب على كل الاحتمالات بعد أن ضاق ذرعاً مما يجري داخل مجلس الوزراء، غير أنه من الصعب تحديد الاتجاه الذي سيسلكه الرئيس سلام في هذه المرحلة الحرجة، وهو تلقى في غضون الأيام الماضية سلسلة اتصالات من مرجعيات دولية لنهيه عن اتخاذ أي قرار من شأنه إلحاق الحكومة بركب الفراغ الرئاسي والشلل البرلماني لأن في ذلك مخاطر جمّة على الاستقرار العام في لبنان ويدخل البلد في المجهول، لا سيما في ظل الخوف من أن يفتح هذا الفراغ شهية المطالبين بمؤتمر تأسيسي، وصولاً إلى طروحات فدرلة لبنان التي هي طروحات جدّية على الرغم من محاولة البعض التنصّل منها.

وإذا كان الرئيس سلام ما زال يُبدي تجاوباً مع النصائح التي تُسدى إليه داخلياً وخارجياً التي تحثّه على الاستمرار في مهامه، فإنه أبلغ من يعنيهم هذا الأمر بأنه لن يبقى شاهد زور على من يعبث بالمصلحة الوطنية، وأن الرغبة في الاستمرار في تحمّل المسؤولية لا يعني بالضرورة القبول بالواقع الذي يتحكّم بعمل مجلس الوزراء والذي يحول دون حصول أي عملية إنتاج على الإطلاق.

وفي هذا الإطار فإن مصادر وزارية ترى أن كل شيء وارد، ما دام الوضع الحكومي على هذا النحو من انعدام الانسجام بين المكوّنات السياسية التي تتألف منها الحكومة، من دون أن يعني ذلك بالضرورة إقدام الرئيس سلام على الإستقالة وترك الأمور على غاربها، فهناك خطوات كثيرة من الممكن اللجوء إليها كالإعتكاف أو تعليق جلسات مجلس الوزراء، لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم الكبرى في هذه المرحلة الحرجة والخطيرة على كل الصعد.

وإذ يُؤكّد المصدر بوجود خلافات حول ما يُطرح من ملفات، غير أن هذا الأمر ليس وليد الساعة بل هو نتيجة تراكمات لسنوات، فعلى سبيل المثال فإن ملف النفايات سبق واتخذت الحكومات السابقة قرارات لمعالجة هذه الآفة، ورغم ذلك بقيت الأزمة واستفحلت إلى حين وصلت إلى ما وصلنا إليه، وليس سراً القول بأن الخلاف حول النفايات والعديد من الملفات هي خلافات سياسية وتتصل في بعض جوانبها بالمحاصصات بين غالبية القوى السياسية، وطالما أن الخلاف السياسي موجود والمحاصصة هي المعتمدة في مقاربة الملفات، فإن الحلول الجذرية تبقى مستبعدة، وأنه في حال تمّ الوصول إلى حل يبقى من باب الترقيع ليس إلاَّ، مما يعني ان هذا الملف وغيره سيبقى مفتوحاً إلى ان ننتقل من مرحلة الصراع السياسي إلى الوئام السياسي الذي يُساعد كثيراً في مقاربة الملفات والعمل على معالجتها.

وفي تقدير أوساط سياسية بأن جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء لن تكون أوفر حظاً من جلسة الأمس، ما لم يمهد لها باتصالات ومشاورات تنتهي إلى ابتداع صيغة حل لآلية عمل الحكومة كما لملف النفايات، والوصول إلى مثل هذه الغاية يبقى حتى الساعة امراً مستبعداً كون ان كل فريق ما زال يتمترس وراء موقفه ولا يُبدي أي استعداد للتراجع ولو قيد أنملة في سبيل الوصول إلى تسوية ما تنقذ مجلس الوزراء من التهشم ومن ثم السقوط وإن كان غالبية الفرقاء يؤكدون تمسكهم بالحكومة وضرورة الحفاظ عليها كونها تشكّل الحصن الأخير لمؤسسات الدولة في ظل الفراغ في سدة الرئاسة والشلل الذي يضرب العمل البرلماني.

وفي رأي هذه الأوساط ان ما تمخض عن جلسة الأمس لن يوحي بأن الأمور ستسلك طريقها للحل، لا بل ان الأزمات الموجودة تتجه إلى مزيد من التفاقم والتعقيد، بعد ان كشفت المداخلات الوزارية في بداية الجلسة ان كل فريق ما زال يغني على ليلاه، وأن آفاق الحل ما تزال مسدودة. وفي اعتقاد الأوساط السياسية ان الوضع اللبناني بات يحتاج إلى معجزة، وهي بالتأكيد لن تتحقق ما لم تنجح المطابخ الإقليمية والدولية في إنجاز تسوية شاملة للمنطقة يكون لبنان من أبرز المستفيدين منها.

وإلى ذاك الحين فإن الأوساط ترى ان لبنان سيبقى في مربع المراوحة والانتظار، وهذا المشهد سيكون له اثمان على كافة المستويات، وسط عقم سياسي لم تألفه الساحة الداخلية على هذا النحو في السنوات السابقة، حيث سرعان ما كانت أي خلافات من هذا النوع تجد طريقها إلى الحل وإن كان غالباً ما يكون باقتسام الجبنة آخذاً في الاعتبار واقع التركيبة السياسية والمصالح المتحكمة بها.