IMLebanon

إنضباط

 

 

هل تذكرون المواطن أنطوان داغر، المُدير في بنك بيبلوس؟ هل تنتظرون نتائج التحقيقات التي تقوم بها الجهات الأمنية المختصّة، وما ستُسفر عنه من كشف لملابسات الوفاة بعد استبعاد احتمال القتل بدافع السرقة؟

 

لا تتذكّروا ولا تنتظروا ولا تجتهدوا في التحليل والإجتهاد. ركّزوا فقط على ما سيتوالى من معلومات مُفبركة عن عمليات إرهابية تتربّص بلبنان للتعمية عن مثل هذه الجريمة وغيرها، ولمواصلة العمل على ملاحقة فلول ثورة 17 تشرين والقضاء عليهم.

 

كذلك لا تُطالبوا بإلقاء القبض على الفئة المعروفة وجوهها التي خربت أرزاق اللبنانيين في وسط بيروت.

 

تجاهلوا “عناصر الإنضباط” بقبّعاتها الصفراء والخضراء التي قرّرت عزل حيٍّ من أحياء بيروت على حسابها، ومُصادرة دور القوى الأمنية اللبنانية، التي يُفترض بها أن تنصاع للأوامر السياسية القاضية بتركيزها على منطقة دون عينها.

 

على أيّ حال، لا لزوم للإستنكار والإستغراب. إنتهى الأمر منذ استسلم قادة الطبقة السياسية، بجناحيها الموالي والمعارض، لهيمنة السلاح خارج الدولة، وإمساكه بقرار الحرب والسلم، وترويضه بالإغتيال والغزو كلّ من لا يُعجبه العجب ولا الصِيام في رجب، وبعد إقرارهم بأنه مسألة إقليمية ودولية ولا قُدرة لهم على مواجهته. لذا بقبّعات أو من دونها، هذا الواقع وقع منذ زمن، وصحّ النوم…

 

بالتالي، ليس كلّ المناطق في لبنان مُتساوية من حيث الواجبات والحقوق والأمن بالتراضي والأمن الذاتي، وما الى ذلك من إبتكارات، تبُرّر إيديولوجية السلاح خارج الدولة لمن يستطيع إليه سبيلاً.

 

وليس لبنان، من شماله الى جنوبه، ومن بقاعه الى شاطئه، وحدة واحدة تحت ظلّ قوانين واحدة.

 

كما أن الحكاية لا تُختصر بتمايزات بين شعب بسمنة، وشعب بزيت.

 

الحكاية أنّ جميع اللبنانيين ضحايا متواطئون مع قاتليهم.

 

لكنّ السرّ يكمُن في تصنيف الجرائم. هنا تصحّ معادلة السمنة والزيت. وهنا، يمكن الحدس بالفوضى المقبلة وِفق مُتطلّبات مُهندسيها.

 

لذا، إكتفوا بالعناوين الكبيرة والخطط الدونكيشوتية… وخافوا… لكم الحقّ في الخوف الشرعي والنظامي مع استخدام المُشغِّل الإقليمي ساحتنا، وحتى ما بعد الرمق الأخير، ورقة في صراعه مع محور الإستكبار، المُمعِن في الإبادة الإقتصادية لكُلّ من يُساعد هذا المُشغِّل.

 

عليكم أن تخافوا من المجاعة المُقبلة، مع تشريع إستغلال كل فلس أرملة في الخزينة اللبنانية لتمويل المُشغِّل الإقليمي في هذه اللحظة الإقليمية الحرجة والخانقة التي يعيشها ويغرقنا فيها.

 

بالمُختصر المُفيد: تعايشوا مع الفوضى المُرتقبة والتي تُحوِّل فظاعة ما نعيشه الى باكورة المراحل، وبالتأكيد سنترحّم عليها مع تواليها وِفق تطوّرات الصراع، وتحديداً بعد نجاح ذراع المحور “الإلهي” بالسيطرة على لعبة الشارع، وتوزيع الأدوار على الذين زرعهم في الحراك لتدجينه وتوجيهه، على ما تُبيّن الظواهر المُتعاقبة مع كل دعوة الى التظاهر.

 

ولا تسألوا عن رِعاية هذه الفوضى تحت راية الإنضباط، ليس فقط في الخندق الغميق، ولكن على امتداد الجمهورية السائبة.