IMLebanon

الضغط على الأوروبيين في ملف النزوح: هل تنجح الخطة؟

 

أحد لا يعلم حتى الآن ماذا ستكون عليه «الخطة السحرية» التي يبشّر بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والتي سيحملها إلى مؤتمر بروكسل (لدعم سوريا والمنطقة) في أيار المقبل، للضغط على الاتحاد الأوروبي لإنقاذ لبنان من عبء النزوح السوري. بعد 13 عاماً على النزوح السوري بات واضحاً أنّ الخطط ليست ما يحتاج إليها لبنان لمعالجة هذا الملف بل التنفيذ والخروج من حالة الإنكار والعجز والشلل وانتظار الخارج والآخرين. يبدو أنّ ميقاتي نسي أو تجاوز الخطط الكثيرة لهذا الملف، ومن بينها خطط وزراء حكومته، هذا عدا عن أنّ هناك خطة حكومية واضحة ومحدّدة لعودة النازحين تشمل كلّ جوانب هذا الملف، سبق أن أقرّتها حكومة الرئيس حسان دياب.

 

ما يتبيّن أنّ «لدى الحكومة نية بتطبيق القوانين اللبنانية بطريقة صارمة أكثر، إضافةً إلى تشكيل عامل ضغط على الاتحاد الأوروبي بغية تحديد مناطق آمنة في سوريا يُمكن للنازحين العودة إليها، تقديم المساعدات للنازح السوري على الأراضي السورية وليس فقط على الأراضي اللبنانية، وممارسة عمل بوتيرة سريعة لجهة إنشاء مراكز لجوء في سوريا بحيث تتولّى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بناء مراكز إيواء للنازحين في حال كانت منازلهم أو قراهم مدمّرة»، بحسب ما يشرح النائب السابق علي درويش القريب من رئيس الحكومة.

 

حتى الآن، وبعد زيارة ميقاتي الباريسية، لا يظهر أنّ هناك تعديلاً كبيراً أو مؤثراً في الموقف الأوروبي، ويبدو أنّ معادلة «لا عودة قبل الحلّ السياسي الشامل» لا تزال الغالبة، وجلّ ما قد يحصّله لبنان من أوروبا «كمشة» دولارات. فماذا لو لم يتجاوب الاتحاد الأوروبي مع مطالب لبنان؟ وهل بات ميقاتي مستعداً للمواجهة واتخاذ القرارات اللازمة بمعزل عن موقف المجتمع الدولي؟ وهل أصبح رئيس حكومة تصريف الأعمال جاهزاً للتنسيق مع سوريا على المستوى المطلوب من النظام السوري بمعزل عن ردّ فعل الغرب؟

 

بحسب درويش، هناك وسائل يمكن أن يستخدمها لبنان إذا لم يلقَ آذاناً صاغية، ومنها إمكانية فتح البحار أمام السوريين للسفر إلى أوروبا إذا رغبوا في ذلك من دون أن تترتّب أي مسؤولية على الدولة اللبنانية جرّاء ذلك. ويشير إلى أنّه «حتى نهاية الشهر، ستتبلور صيغة ضغط أكبر من الدولة اللبنانية على الاتحاد الأوروبي لكي يكون أكثر تعاوناً في ملف النازحين السوريين. كذلك ستضغط الحكومة في موضوع تسليم كلّ التفاصيل أو «الداتا» في ما يخص النازحين السوريين المسجّلين».

 

ويشدّد درويش على أنّ ميقاتي طلب من الرئيس القبرصي الضغط على الاتحاد الأوروبي، وهذا سيتبلور في مؤتمر بروكسل. وإذا كانت هناك رغبة لدى الاتحاد الأوروبي، خصوصاً لدى المانيا وفرنسا الدولتين الأكثر فعالية في الاتحاد، في ترجمة هذا الموضوع، كان به، وإذا لم تحصل أي ترجمة ستكون هناك خطوات تصعيدية تجاه الاتحاد الأوروبي بغية التعاون». ويضيف: «عندئذ لنعتمد الوسيلة التي اعتمدتها تركيا، ولتصدر السلطة أمراً إلى الأجهزة الأمنية بعدم منع السوريين من مغادرة لبنان عبر البحر». لكن ألم تسقط ورقة الضغط هذه وبات استخدامها متأخّراً نظراً إلى أنّ قبرص باتت تعيد مراكب المهاجرين غير النظاميين إلى لبنان؟ يجيب درويش: «إذا أعادوهم يُمكن العمل للوصول إلى صيغة لإعادتهم إلى بلادهم وليس لبنان، بحيث تعلن الدولة اللبنانية أنّ أي مهاجر أو لاجئ لا يحمل الجنسية اللبنانية أو جواز سفر لبنانياً لا يُمكن إعادته إلى لبنان».

 

بالنسبة إلى التواصل مع سوريا، يشير درويش إلى أنّ هذا التواصل حصل من خلال وفود وزارية أو وزراء والمدير العام للأمن العام، وقد يحصل تواصل على «مستوى أعلى» في المرحلة المقبلة. وإذ يلفت إلى أنّ سوريا أبدت عدم ممانعتها لعودة النازحين، يشير إلى أنّها تقول أيضاً إنّها لا تملك الإمكانية لمساعدتهم.

 

من جهته، يقول المحامي الدكتور أنطوان صفير إنّ «لا خطة واضحة لدى الدولة اللبنانية»، معتبراً أنّ «النازحين يجب أن يعودوا إلى بلادهم ضمن خطة دولية، فلا العدد ولا البنية التحتية يسمحان بأن يكون لبنان بلد استقبال». لذلك، إنّ المطلوب بحسب صفير، أن «يكون للبنان خطة موحدة كدولة، وأن تُطلع الحكومة مجلس النواب على هذه الخطة لأنّ هذه الحكومة في واقع تصريف الأعمال».

 

عبر خطة موحدة يصبح هناك ورقة عمل وهذه الورقة تصبح موضع نقاش بين لبنان والدول والمنظمات الدولية، لشرح مخاطر الوجود السوري، بحسب صفير. ويشير إلى أنّ «هناك مئات الآلاف من النازحين الذين يدخلون إلى سوريا ويعودون إلى لبنان، وبالتالي تسقط عنهم صفة النزوح أو اللجوء، وأنّ لا شيء إسمه نزوح لأسباب اقتصادية، فلبنان لا يمكنه أن ينتظر وقد لا تُحلّ الأوضاع في سوريا لمئة سنة». ويشدّد على أنّ «طرح لبنان يجب أن ينطلق من هذه الزاوية، وأن يكون هناك نوع من مفاوضات وضغط سياسي واستنفار لأصدقاء لبنان من دول عربية وغربية مستعدة للدعم في هذا الموضوع، فالمسؤولية في ملف النزوح مشتركة، وهي دولية وعربية».