IMLebanon

هل يُشعل تأجيل الحوار الشارع؟

كرّست صــورة المتـحاورين في ساحة النجمة بالأمس، وهم يحيطون أنفــسهم بالسواتر الحديدية للفصل ما بين مقرّ المجلــس النيابي والمتظاهرين في وسط العاصمة، معادلة واضــحة هي أن السلطة في وادٍ والمواطنون في وادٍ آخر.

وبصرف النظر عن تعدّد السيناريوهات حول وقائع الجلسة الحوارية الأولى، فإن الثابت أن توحيد الخطاب السياسي والأولويات ما زال مستعصياً، حيث لم يتأثّر أي من القوى السياسية التي جلست على طاولة الحوار الوطني، ولبّت دعوة الرئيس نبيه بري، بكل ما يشهده الشارع من حراك مدني ومطالبات بالإصلاح ومعالجة الأزمات المتعدّدة.

وأكدت مصادر سياسية مطلعة، أن المشاركة في الحوار لا تعني الموافقة على البنود السبعة المطروحة في ورقة العمل، والتي تجري مناقشتها في الشارع قبل المجلس من خلال المطالب المتقدّمة للمتظاهرين، وذلك في الوقت الذي لا تزال غالبية الكتل السياسية تتعاطى بسطحية مع دوافع المبادرة الحوارية، والتي تتركّز خصوصاً بالظروف الداخلية، كما الإقليمية والدولية.

وأضافت المصادر، أن توقيت هذا الحوار، هو أكثر من مناسب، وذلك على الرغم من عدم قدرة المتحاورين على تحقيق نتائج أولية وسريعة، ولو بالحد الأدنى، مؤكدة أن حال الشلل السياسي العام قد ملأته ساعات الحوار القليلة التي طرحت بصراحة الملف الأساسي اليوم وهو انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية قبل أي ملف آخر كالإنتخابات النيابية، أو أي بند آخر.

فالمعالجة الجذرية للوضع الحالي، تابعت المصادر السياسية نفسها، لا يمكن أن تصحّ إلا من خلال إجراء انتخابات رئاسية، وذلك في إطار تسوية سياسية شاملة قد تكون شبيهة بتسوية «الدوحة»، وذلك على الرغم من غياب «القوات اللبنانية» عنها. ولذلك، فإن أي فشل في التوصّل إلى حل يكون على مستوى الأزمة الرئاسية، يعني حكماً إقفال الباب أمام أي حلحلة على المستوى العام، وفي الدرجة الأولى، على صعيد تحقيق الهدف الأول من المبادرة الحوارية، وهو استيعاب غضب الشارع، والحؤول دون وصول الجميع نحو الفوضى من خلال أي تصعيد محتمل، ردّاً على عجز المتحاورين عن تحقيق أي نتائج جديدة.

وفي هذا السياق، فإن تعيين موعد جديد يوم الأربعاء المقبل لاستكمال ما انقطع من نقاش، سيزيد من الإنقسام على الساحة السياسية، مما قد يفقد الحوار دوره، وهو إدارة الوقت الضائع بالحد الأدنى من الأضرار، ريثما تنضج المعطيات الإقليمية الداعمة للتسوية الشاملة. وتعتبر المصادر نفسها، أن عدم الإتفاق على البند الأول من جدول أعمال الحوار، لا يعني أن الحوار وصل إلى حائط مسدود أو أنه سيتوقّف، لافتة إلى أن التأجيل يفسح في المجال أمام بذل المزيد من الجهود في الكواليس السياسية لتأمين استمرارية معيّنة لا تحقّق أي اتفاق سريع، ولكنها ترسي هدوءاً سياسياً لا بد وأن ينعكس استقراراً في عمل الحكومة في المرحلة الراهنة، وذلك لكبح تصاعد الحراك الشعبي الذي ينذر بسيناريوهات عدة. وتوقّعت المصادر عينها، أن الإتجاه العام الذي سيسلكه الحوار قد تحدّد في جلـسة الأمس، وهو السير بهدوء وسط الألغام السياسية الكثيرة، ومحاولة تجنّب أي خطوات تؤدي إلى إشعال الشارع وتأليب المواطنين على السلطة السياسية، وهي مهمة تبدو مستحيلة حتى إشعار آخر، وفي ظل تضارب الإتجـاهات السياسية لدى فريقي 8 و 14 آذار.