IMLebanon

هل يفجّر الـ 1701 «حكومة ربط النزاع»؟

وُلدت «حكومة ربط النزاع» فيما كان «حزب الله» قد دخل الى سوريا بذرائع بدأت بحماية لبنانيين يقطنون في الاراضي السورية، واستمرت بادّعاء حماية المراقد المقدسة، وانتهَت بالهدف الحقيقي وهو منع نظام الرئيس بشار الاسد من السقوط بحسب ما قال الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله لنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف.

لعلَّ السبب الأخير هو السبب الحقيقي، أمّا ما لم يُقل، فهو أنّ «حزب الله» دخل الى سوريا بطلب ايراني، وهو أمر منطقي أيضاً لأنّ الحزب هو امتداد لسياسة النفوذ الايرانية في المنطقة، ولأنّ تمويله وتسليحه وايديولوجيته تأتي من ايران، وهذا ما يجعل قراره مرتبطاً بما تريده الجمهورية الاسلامية، سواء في العراق أو في سوريا أو حتى في اليمن، التي أعلن رئيسها في وقت سابق عن اعتقال مجموعة من الحزب مهمتها تدريب الحوثيين.

بالتراجع الشكلي الذي نفَّذه «حزب الله» في موضوع «الثلث المعطل»، وثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، بدا أنّه قرَّر الدخول في حكومة ائتلافية، نظراً لحاجته الى إشراك قوى «14 آذار» وتيار «المستقبل» تحديداً، في هذه الحكومة، على إيقاع التورّط في سوريا، وخطر استفحال التوتر المذهبي الذي أجَّجته مشاركة الحزب في هذا القتال الى جانب نظام الاسد.

أعطى تأليف الحكومة دفعاً قصير الأمد في احتواء الفوضى والعنف، الناتج عن الازمة السورية. طُبِّقت خطة أمنيّة في طرابلس، ورُفع الغطاء عن علي ورفعت عيد، وصدَرت مذكرات توقيف في حقّهما، وفُكّك بعض المنظومات الأمنية في باب التبانة وجبل محسن.

وفي البقاع، تمَّ ترتيب ملامح خطة أمنية كان يفترض تنفيذها، في البقاع الشمالي، بدءاً من نزع حواجز «حزب الله» حول عرسال، وصولاً الى فتح المناطق المقفلة أمام الدولة لتدخّل وتُفكّك عصابات السلب والخطف وسرقة السيارات.

أما في بيروت فقد جرى الحديث أيضاً عن خطة امنية تشمل المخيمات و»الطريق الجديدة» وطريق المطار، إلّا أنّ كلّ ذلك لم يُنَفذ. حتى إنّ طرابلس التي عاشت نوعاً من الاستقرار النسبي، تُركت في بعض احيائها لتكون نواة لعشرات من المتشددين، يُخشى أن يكبر عددهم فيصبحوا قوة تسلتزم كثيراً للقضاء عليها.

في استعراضٍ سريع لولادة الحكومة ومهمّاتها التي نُفِذ منها القليل، فيما بقي الكثير حبراً على ورق، يظهر جلياً أنّ «حزب الله» لم يكن منذ البداية جاهزاً أو قادراً لملاقاة تيار «المستقبل» الى مهمة نزع فتيل الانفجار.

لقد عبَّر الرئيس سعد الحريري في موقفه الأخير عن بعض هذا المناخ، حين وضع الكرة في ملعب «حزب الله»، الذي يتصرّف وكأنه الدولة والقرار، تاركاً للحكومة التي يشارك فيها، أن تتحمّل أعباء ما يقوم به، خصوصاً في موضوع قتاله في سوريا، وما نتج عنه من ازمات في عرسال وبريتال، وربما غيرها من المناطق الحدودية.

لم تطرح على طاولة مجلس الوزراء القضايا الخلافية الاساسية، ذلك على رغم أنّ هذه القضايا تُقال علناً خارج الحكومة. يتجنّب الرئيس تمام سلام إعطاء المجال لأيّ تشنج سياسي، ويفضل دائماً حصر النقاش بجدول الاعمال، في جلسات ماراتونية، تشبه البحث في كلّ شيء إلّا في القرارات الكبرى أو المواضيع الخلافية.

من الملاحظ على سبيل المثال أنّ دعوة قوى «14 آذار» من «بيت الوسط»، إلى تطبيق القرار 1701 على الحدود اللبنانية – السورية كما سائر القرارات ذات الصلة لم تُطرح جدياً في مجلس الوزراء، باستثناء مرة واحدة ردَّ عليها «حزب الله» بالرفض، فطُوي الموضوع الى غير رجعة.

فهل إنّ طرحاً كهذا يفجّر الحكومة، وهل دخلت الحكومة في مرحلة الحدّ الادنى من إدارة الخلاف، من دون أن تستطيع البحث في أيّ طرح جدي تحت طائلة انفجارها من الداخل؟

الارجح أنّ حكومة سلام ستبقى حتى اشعار آخر في ظلّ الفراغ الرئاسي، فلا احد مستعداً لتحمل مسؤولية استقالتها.