IMLebanon

هل تعرفونه؟

 

ما سمعتُ مسؤولاً في حياتي يقول أمام الناس ويجزم «إنّ لبنان القلعة الصامدة بفضل شعبه وإيمان شعبه المسيحي بأرضه، وبأن يبقى لبنان متنوعاً»، مشيراً إلى «أننا سنكون أكثر تصلّباً في كل معركة سياسية تمس بدورنا السياسي الذي قاتلنا كثيراً من أجل استرداده»، وهذه مرحلة جديدة لتكريس الدور من خلال وجودنا بالمؤسسات الدستورية والإدارية وبكل معالم الدولة، إننا شعب متساوٍ.

هل سمعتم مسؤولاً في الماضي والحاضر قال ما قاله جبران باسيل أمام الناس وهو يقوم بجولة في قضاء البترون قبل أيام.

قال جبران حرفياً: «إنّ شعوب هذه المنطقة من كل الطوائف والديانات معرضون للإضطهاد بسبب انتمائها الديني؟».

أكتفي بهذا القدر لأعرب عن استغرابي واستنكاري لأقوال هي أقرب إلى الكفر منه إلى الإيمان.

أيُقال ما قاله جبران في أيامنا هذه ويفاخر به وهو يتكلّم عن مسيحيته من فوق، ناسياً أنّ ما ينفع الناس يبقى في الأرض وأنّ الزبد يذهب جفاء»، ويتابع جبران كلامه فيقول: «إننا قاتلنا كثيراً حتى استردينا دورنا السياسي».

يبدو أنّ جبران يتكلّم عن لبنان وهو يجهل تاريخه. إنّ هذا الكلام الذي قاله جبران مسيء، وأنا أكره تناول كل ما يمس بالدين، والطائفة، والمذهب. إنّ المسيحيين ولا سيما الموارنة منهم هم مَنْ كانوا في السلطة إبان الانتداب الفرنسي يشاركونه السياسة ويمسكون بمفاصل مختلف إدارات الدولة. أَنَسِي أن المسلمين في الخمسينات والستينات كانوا يتظاهرون في الشارع طالبين المساواة مع شركائهم المسيحيين؟. نصيحتي له ان يعود الى التاريخ ويتعلم منه مجرياته في مختلف الميادين والحقول.

وهنا أود من الأستاذ جبران باسيل أن يتعرّف على ما قاله حرفياً في القرن الماضي المجتهد الأكبر السيد محسن الأمين، حيث قال: «إني أحترم الجميع مسلمين كانوا أو مسيحيين وللمتقين منهم خالص رعايتي ومحبتي دون تفريق».

إنّ جبران باسيل الجالس على مقعد رئاسة الديبلوماسية اللبنانية أجدى له وأنفع أن يتعلم ما يمليه عليه مركزه، وأن يشمل في كلامه جميع اللبنانيين دون تمييز وتفرقة، ذلك إنّ تصرفه يعيدنا الى ماضٍ بغيض أودعناه ذاكرتنا وأقفلنا عليه. نصيحتي له ولسواه أنْ يأخذ بها كل مسؤول لا يزال يعيش مسؤوليته. مع التمنيات له بالنجاح وتجنّب زلات اللسان.

تعلّمت في صغري جملة وزنها ذهباً «إنّ مَنْ يتواضع لله يرفعه».

 

* نائب ووزير سابق.