IMLebanon

هل يدشِّن عون عهده بتطبيق المادة 95؟

قبل أربعة أيام من مرور 27 سنة على إقرار مجلس النواب لاتفاق الطائف عايد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاتفاق بتأكيده على «ضرورة تنفيذ وثيقة الوفاق بكاملها من دون انتقائية أو استنسابية..» وعاد يوم الأحد الماضي للقول في الكلمة التي ألقاها بالحشود أمام «بيت الشعب» في بعبدا بضرورة «احترام الدستور» الذي دخلت معظم بنود الاتفاق الأساسية في متنه.

إن ما التزم به الرئيس عون يمكن أن يكون كافياً لرسم سياسة العهد ويستدعي التساؤل عن الأسباب التي أدت إلى عدم تطبيقه بعد مرور تلك السنين على إقراره رسمياً. وهذا من الأهمية بمكان، لأنه إذا بقيت مكبوتة فإنها ستؤدي إلى مرور سبع وعشرين سنة أخرى من دون أن تنفذ بنود الاتفاق.

ويظهر من استذكار الوقائع السياسية التي مرت في ربع القرن الذي انقضى أن تنفيذ الطائف قد اصطدم بحاجزين هما الطائفية والمصالح الشخصية.

من هنا، فإن خريطة الطريق لتنفيذ الاتفاق تبدأ أولاً في مواجهة تعطيل نصوص الاتفاق التي يشكل المرور فيها ملزماً لمواجهة تعطيل البنود الأخرى، وهنا تبرز أهمية العمل للتنفيذ في تطبيق المادة 95 ـ دستور التي نقلت بحرفيتها عن اتفاق الطائف ولعل رئيس مجلس النواب نبيه بري كان أول من أدرك تلك الحقيقة عندما حاول ثلاث مرات تطبيق تلك المادة والعمل على تشكيل الهيئة الوطنية «التي تقترح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية وتقديمها إلى مجلسَي النواب والوزراء»، إلا أن مسعاه المتكرّر قد أحبط برغم الاتصالات المكثفة التي أجراها حتى أن مراجع غير سياسية هددت بالنزول إلى الشارع لقيادة المظاهرات إذا وضعت المادة 95 على سكة التطبيق.

ويمكن الإشارة هنا إلى أمرين أساسيين عند قراءة المادة 95 وتشكيل «الهيئة الوطنية» هما: إن النص لا يقول بإلغاء الطائفية إنما الطائفية السياسية؛ وما يؤكد ذلك الحرص على المادتين التاسعة والعاشرة من الدستور اللتين أولتا للطوائف أكثر مما قد تطلبه هي، وكذلك إنشاء مجلس الشيوخ الذي تتمثل فيه الطوائف كلها.. أما الأمر الثاني، فيتمثل في أن الهيئة العتيدة التي جاءت في نص المادة 95، لن تكون مخوّلة بإلغاء الطائفية السياسية انما اقتراح حلول وتقديمها إلى مجلسَي النواب والوزراء لديها ومناقشتها. وفي كل الأحوال، فإن الهيئة تكون برئاسة رئيس الجمهورية وتضم رئيسَي المجلس والحكومة و «شخصيات سياسية واجتماعية وفكرية» تمثل جميع الطوائف والمذاهب.

من هنا، يمكن القول إن العهد الجديد صاحب مصلحة بتطبيق المادة 95 ـ دستور، وهذه المبادرة ليست مستحيلة لكون النص لا يلحظ آلية محددة لتشكيلها إنما يمكن الأخذ بواحد من أمرين أو بالاثنين معاً. فرئاسة الهيئة منوطة برئيس الجمهورية وبالتالي يمكن الاجتهاد للقول إن الرئيس هو الذي يشكّلها. كما أن النص قد حدد توقيت تشكيلها بانتخاب مجلس النواب على أساس المناصفة مما يؤدي بالبعض إلى الاجتهاد بالقول إن هذا يعني أن التشكيل يتم في مجلس النواب، فهل يأخذ رئيس الجمهورية المبادرة لتشكيل الهيئة لتسهيل العمل بما أقسم عليه؟