IMLebanon

هل جُرِّد عون من صلاحياته داخل «التيار»؟

كثُرت في الفترة الأخيرة النزاعات داخل «التيار الوطني الحر». فبعدما حظيَ «التيار» بدعم عدد كبير من المؤيّدين كونه تياراً لبنانياً له تاريخه ونضالاته، تزعزع المركب وباتت الرياح والأمواج العاتية تتقاذفه من كلّ حدبٍ وصوب، ما انعكس سلباً على وضع «التيار» وبات يحتاج لأعجوبة تجعله أكثر صلابة.

ما إن صيغ نظام «التيار الوطني الحر» الداخلي، حتّى بدأ التوتر والصراع حول بنوده، ثمّ انتقل الى انتخابات رئاسته التي حسَمها رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون، ففاز إثرها الوزير جبران باسيل بالتزكية، الأمر الذي زاد نقمة بعض القيادات على باسيل، إضافةً الى خلافات أخرى ارتفعت وتيرتها وعبَّر عنها إعلامياً كلّ من القياديين نعيم عون وزياد عبس وأنطوان نصرالله، فكان مصيرهم الفصل من «التيار» بعد محاكمتهم في المجلس التحكيمي الداخلي.

بعدها كبرت كرة الثلج، لتشمل عدداً من المحازبين الرافضين سياسة باسيل، وقد عبّروا عن مواقفهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فلاقوا مصير القياديين الثلاثة، ففصل كلّ من مايا سعد، اسبر مخايل، ميشال حداد، ألان ايوب وادغار عيسى، والإعلامي هشام حداد.

وفي وقت لا يبدو قسم كبير راضياً عن أسلوب العماد عون في معالجة الأمور، ويدعونه إلى تعزيز الديموقراطية ولمّ الشمل، يوحي الامتعاض المتفشي بتلاشي سيطرة عون على تياره. وفي هذا الإطار يؤكد قيادي في «التيار» لـ»الجمهورية» أن «لا صلاحية للجنرال بإعادة المفصولين، فهناك قانون حزبي يجب التزامه».

الى ذلك، بات واضحاً أنّ رياح نظام «التيار» تجري بما لا تشتهيه سفينة المعارضين، خصوصاً أنّ عون لا يستطيع إعادة لمّ الشمل داخل البيت البرتقالي، ويوضح المصدر أنّ «المفصولين خالفوا القانون، وإعادتهم أمر تقرّره القيادة، لكن إذا أرادوا العودة فليتوقفوا عن الأعمال التي أدّت الى فصلهم، وليبتعدوا عن شتم باسيل والجنرال».

لا يعتبر «التيار» هذا الموضوع جوهرياً، ولا يعترف بوجود «جناح من المعارضين داخله»، حيث يؤكد المصدر «أنّه لا يمكن أن يستعمل 5 أو 6 اشخاص حجّة نضالهم ليتصرفوا كما يشاؤون»، نافياً «استعمالَ سياسة القمع»، مؤكداً أنه «يحق للجميع الاعتراض ولكن من غير المسموح أنّ يشتموا رئيس الحزب، بل من واجبتهم التزام شرعة التيار.

كما أنّنا لا نتخوّف من أيّ خطوة تصعيدية يمكن أن يقوم بها المعارضون، فهؤلاء الشباب هم أبناء «التيار»، وأصدقاؤنا في النضال ولن نضعهم في خانة «الملاعين»».

من جهته، يسخر أحد المعارضين من محكمة «التيار»، ويعتبر «أنها لا تأخذ أيّ عطل قضائية، فهي دائماً شغالة».

ويوضح لـ«الجمهورية» أنّ «حالات الفصل الأخيرة، تعود لآراء عبَّر عنها المحازبون على مواقع التواصل الاجتماعي، اضافةً الى بعض المحادثات المسرَّبة على الواتس اب».

لا يُبالي المعارضون بقرارات الفصل ومصادرة بطاقاتهم الحزبية لأنهم يعتبرون أنّ الالتزام أبعد من البطاقة، حتّى لو أنّ هناك تباعداً بينهم وبين القيادة، ويحمّل البعض سبب الأزمة الداخلية إلى عدم قدرة عون على ضبط «التيار»، في حين يعتبر البعض الآخر أنّ الجنرال لم يتدخل في هذا الموضوع.

ويدعو المصدر المعارض، عون، إلى «وضع حدٍّ لهذه الخلافات»، معتبراً أنّه «بإمكانه استدعاء باسيل والمجلس التحكيمي، الذي يعتبر نفسه مجلساً تأديبياً، ويطلب منهما التراجع عن قرارات الفصل، فمن المهين استبعاد محازبين ومناضلين قدماء جرّاء محادثة على الواتس اب»، مشدداً على أنّ «هذه العقوبة تدينهم ولا تؤثر فينا».

وبعدما شهدت الفترة الأخيرة تخلّي بعض المحازبين في «التيار» عن بطاقاتهم من تلقاء أنفسهم، يقول المصدر: «لا أستغرب ذلك، فقد وصلوا الى مرحلة الاشمئزاز من تصرّف القيادة. فليأخذوا البطاقة، فارتباطنا يتخطى بطاقة بلاستيكية».

وفي حين يلتزم المعارضون حتى الآن الهدوء، في انتظار تصحيح الأخطاء التي ارتُكبت بحقهم، يلفت المصدر الى أنّ «باسيل كان قد قال في تصريح إنّ «النظام القمعي يتطلّب مقاومة»، وفي سياق ذلك، أسأله هل يظن أنه يمارس الديموقراطية داخل التيار؟».

ويضيف: «حتّى الآن رفاقنا المقرّبون من القيادة هم أصدقاؤنا، ولم يتحوّلوا بعد الى أعداء، ولا يخلو الأمر من أن نتواصل معهم»، متمنّياً «أن يكون الجنرال الأب الذي سيعيد لمّ الشمل»، محذِّراً من «أن يصبح الموضوع خارج السيطرة، عندها سيقوم كلّ شخص بخياراته».

وعند السؤال هل هذا إنذارٌ لخطوات تصعيدية، يجزم المصدر أنه «إذا عجزنا عن إيجاد حلّ، عندها سنفكر بالبدائل و»ساعتا كلّ شي مباح».

ليس غريباً ما يعيشه «التيار الوطني الحر»، فهذه الحالات شهدتها أحزاب أخرى، لكنّ صراع المحازبين على السلطة يجرى أمام عينَي الجنرال، من هنا وجوب وضع حدٍّ لهذه التصرّفات، لضمان استمرار التيار بالقوة التي يمثلها على المدى البعيد. فهل سيتخطّى عون القانون ليُرضي مؤيّديه؟