IMLebanon

هل تثمر وحدة أساتذة «اللبنانية» عودة 81 ألف طالب إلى صفوفهم؟

 

«بلا حسيدة». فيما شدّ الحبل السياسي يبلغ ذروته مضيّقاً الخناق حول عنق الوطن، والكباش يؤخّر إقرار الموازنة، نجح أهل الجامعة اللبنانية: 81 ألف طالب، 7 آلاف أستاذ و4 آلاف موظف، بقطع الطريق أمام رهانات حول إمكانية إختراق طابور خامس لصفوفهم يُطيح بمطاليبهم، ويؤلّب فئة على أخرى. فأمس إعتصم الأساتذة والطلاب، شيباً وشباباً في ساحة رياض الصلح، رافعين علم لبنان، والصرخة واحدة: «كفى تهميشاً».

 

مخطئ من يعتبر انّ إضراب الجامعة اللبنانية المستمر للأسبوع الثالث على التوالي، «قصة مليون دولار بالزايد أو بالناقص»، أو مسألة «درجات». فالقضية أبعد من ذلك بكثير مع اتضاح كعين الشمس مآرب البعض في إغراق «اللبنانية» وإفراغها، مرّة بذريعة انّها من لون طائفي واحد، ومراراً بأنّها باتت عبئاً مكلفاً على الدولة، وغيرها من الذرائع التي تنخر كالسوسة في جسم «اللبنانية» على حساب إنعاش بعض الجامعات الخاصة التي فضحتها رائحة شهاداتها النتنة. مع الإشارة إلى انّ 6 وزراء من الحكومة الحالية هم خريجو «اللبنانية»، ولولا تلك الجامعة الرسمية الوحيدة، فئة كبيرة من الطلاب، وخصوصاً من الطبقة الكادحة، لم يكن ليتسنى لها فرصة التعلّم.

 

في التفاصيل

«ميزانية الجامعة اللبنانية 250 مليون دولار، ميزانية جمعيات زوجات السياسيين 500 مليون دولار»، «إذا ابنك بالـSorbonne في 80 ألف طالب في الجامعة اللبنانية»، «أيها المسؤولون، الإصلاح يبدأ بالتقشف من مخصصاتكم»، «ضياع العام الدراسي هو مسؤولية تعنّت السياسيين». تعدّدت الشعارات التي رفعها الاساتذة والطلاب، الذين بدأوا بالتوافد إلى ساحة رياض الصلح منذ الواحدة بعد الظهر وسط تدابير أمنية مشددة، وتعزيزات إستثنائية، إلى حد أثارت فضول مراسلي المحطات الفضائية والمحلية، وأشعلت الرهان في ما بينهم «أكيد في مشكل اليوم».

 

وفيما كانت تتواصل التحضيرات اللوجستية، من رفع مكبرات الصوت وتعليق اليافطات، أكّد عضو مجلس الجامعة وعضو هيئة المندوبين البروفيسور إيلي الحاج موسى أن «اساتذة اللبنانية أكثر من سواهم حريصون على العام الدراسي ومستقبل طلابهم لأنهم يعاملونهم كأولادهم»، مشيراً في حديث لـ«الجمهورية»، «إلى ان بعض المطالب المحقة ليست مكلفة للدولة مقارنة مع البنود الأخرى التي حملتها الموازنة». وأضاف: «لطالما كنا أول من ضحّى في سبيل إستمرارية اللبنانية ولم نلجأ إلى الاضراب إلّا مكرهين، ويؤلمنا عدم الإقتطاع من مزاريب الهدر». وتابع: «موازنة الجامعة 250 مليون دولار، فيما الحائط الذي انهار في شكا ميزانيته 250 مليون دولار، لو قارنا مصير مئات الآلاف من الطلاب مع حائط دعم، يتبيّن كم أن مبلغ اللبنانية زهيد جدا»، مؤكّداً رفض الاساتذة «تحويلهم إلى مكسر عصا». ولفت مستغرباً: «في وقت مُنح القضاة 3 درجات، كنا الفئة الوحيدة التي حُرمت من السلسلة. فبأي ضمير قد يفكّرون في مدّ اليد على «اللبنانية» وأساتذتها؟».

 

لسنا هواة اضراب

من جهته، اكّد رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين في الجامعة الدكتور يوسف ضاهر، «انّ الاساتذة ليسوا هواة إضراب، والقرار بالإضراب لن يكون الخرطوشة الاخيرة حيال سياسة التطنيش التي يتعامل بها المعنيون مع «اللبنانية» وأهلها»، مشيراً إلى انّ «الغاية الأساسية من الحراك هي الدفاع عن الجامعة الوطنية وحماية استقلاليتها، بالإضافة إلى رفض تخفيض موازنتها والمساس برواتب الاساتذة والمعاش التقاعدي والتقديمات الاجتماعية والغاء صندوق التعاضد»، ومطالباً «بإعطاء الاساتذة حقوقهم كاملة لا سيما ملف التفرّغ والملاك والثلاث درجات».

 

وعند الساعة الثانية بعد الظهر غصّت الساحة بالمتظاهرين، وصدح النشيد الوطني وبعده نشيد الجامعة، فتوالت الكلمات، وعبرّ ضاهر بإسم الاساتذة عن وجعهم قائلاً: «تقليص موازنة الجامعة للسنة الثانية على التوالي يعني انهم يريدون دفنها لصالح بعض المتمولين من تجار السياسة والممنوعات ومبيضي الاموال والمقاولين وشركاتهم وجامعاتهم الخاصة».

 

وتوجّه الى المعتصمين بالقول: «تعتصمون، ليس فقط رفضاً لقضم حقوقكم وتهديد أمنكم الوظيفي والمعيشي، بل وقبل كل ذلك للدفاع عن وطنكم وعن جامعتكم، التي انشأها أباؤكم ومواطنوكم بتضحياتهم ونضالاتهم». وخاطب الاساتذة قائلاً: «لكم الفخر اليوم بأنّكم استمررتم بالاحتجاج والاضراب دون هوادة، ولم ترهبكم التلميحات ولا الانذارات ولا التهديدات، لقد تخطيتم كل القوى السلطوية وبرهنتم بأنّكم في طليعة المدافعين عن حقوق الناس ومنها حقوقكم وحقوق الجامعة، كل هذا ادّى حتى الآن الى سقوط خطط القضم الفج من الرواتب، كما ادّى الى فشل مخطط إلغاء المنح التعليمية مئة بالمئة، وفشل اقتطاع 50% من المعاش التقاعدي».

 

المطالب…

حرارة تصفيق المعتصمين غلبت حرارة الطقس وحماوة الشمس، فيما كان ضاهر يُعدّد مطالبهم، أبرزها: حماية استقلالية الجامعة وإطلاق مشروع اللامركزية الادارية لتنشيط عملها بالإنماء المتوازن مع تنزيهها عن التدخلات السلطوية والطائفية، رفض تخفيض موازنة الجامعة، رفض المساس بالراتب والمعاش التقاعدي والتقديمات الاجتماعية، ورفض إلغاء صندوق التعاضد، رفض المماطلة بملفي التفرّغ والملاك وإفراغ الجامعة من ملاكها.

 

المتعاقدون

من جهته، أكّد الدكتور حامد حامد باسم الاساتذة المتعاقدين، «عدم السماح بتدمير الجامعة اللبنانية»، قائلاً: «ليعلم الجميع انّ اي مسّ برواتب ومعاشات الاساتذة والموظفين او بالتقديمات الاجتماعية او بصندوق التعاضد هو ضرب لمسيرة النضال لتطوير الجامعة، كما انّه يشكّل عملية تفريغ ممنهج للجامعة». وتمنّى على الرابطة «ان لا يتمّ تعليق الاضراب الّا بعد نيل الحقوق كاملة وعلى رأسها التفرّغ».

 

متقاعدون

فيما اعتبر الدكتور عصام الجوهري الذي تحدث بإسم الاساتذة المتقاعدين، انّ «إضعاف المتفرّغ وإذلاله هو لعب بمصير المتقاعد كي يترك الجامعة اللبنانية الى غابة الجامعة الخاصة، وكذلك الطلاب». وسأل: «هل تنوي هذه السلطة الفاشلة بكل المقاييس ان تخصخص الجامعة بعد ان تتسبب في تدهورها؟».

 

طلاب

طالبت الطالبة زهرة عوالي من كلية العلوم، بإسم زملائها، «باستقلالية الجامعة الادارية والاكاديمية والمالية، إجراء الانتخابات الطلابية بغية استعادة الطلاب دورهم عبر تمثيلهم في مجلس الجامعة، تطوير المناهج الاكاديمية لمواكبة التطور العلمي، وأخيراً إعطاء الاساتذة حقوقهم المادية كاملة».

 

كما عبّر الطالب في كلية الاعلام منير فرفور في كلمته عن هواجس زملائه فقال: «نحن اليوم خارج صفوفنا وعامنا الجامعي مهدّد ومستقبلنا رهينة بيد السلطة السياسية التي لطالما تعمّدت الاستهانة بكل مطلب محق لفئات المجتمع كافة، وأمعنت في تهميش الجامعة الوطنية»، مطالباً بـ«الحفاظ على الجامعة وتحقيق مطالب الاساتذة».

 

شهيّب

وفيما حناجر المعتصمين تصدح في ساحة رياض الصاح، صدر بيان عن وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيّب قال فيه: «إنّ ما يتم الترويج له عن خفض لموازنة الجامعة اللبنانية للعام 2019 وما قبلها هو مجرد شائعات لا صحة لها مطلقاً»، مشيراً إلى انّ «أرقام مساهمة الدولة في موازنة اللبنانية بلغت 347 مليار ليرة العام 2017، و386,6 مليار ليرة عام 2018».

 

وأضاف: «أمّا بالنسبة للعام 2019 فقد رفعت رئاسة الجامعة اللبنانية طلباً لتخصيص 450 مليار ليرة كمساهمة، تتضمن اعتمادات رواتب الأساتذة الثانويين الملحقين بكلية التربية تقديراً منها في حال عدم صدور مرسوم إلحاقهم بوزارة التربية – ملاك التعليم الثانوي، وقيمة هذه الاعتمادات 33,6 مليار ليرة، وقد صدر المرسوم. وبالنتيجة تكون أرقام مساهمة الدولة في موازنة الجامعة للسنوات 2018 و2019 و2020 هي نفسها لم تُمس، باستثناء ما أوجبه القانون 46 / 2017 للعام 2018». وشدّد شهيب على أنّه «سيعمل على المحافظة على المساهمات بالتعاون والتنسيق مع وزير المالية، حرصاً على سير عمل الجامعة وضماناً لمستقبلها».

 

حيال المؤشرات الإيجابية التي لاحت في الافق، هل يعلّق الاساتذة إضرابهم ويعود الطلاب إلى صفوفهم مطلع الاسبوع؟