IMLebanon

ما خَفي من المداهمات: «ما عندي ذقن ممشطة»

 

إستقطبت المداهمات لعدد من المستودعات، التي تُخَزّن فيها الأدوية، الاضواء والاهتمام لِما كشفته من ارتكابات وفضائح على حساب كرامات الناس وصحتهم. وقد تبين انّ المحتكرين كما الفاسدين الآخرين يتوزعون على كل الطوائف وفق معادلة 6 و6 مكرر التي ترعى موبقات النظام اللبناني وتحميها.

 

بعد ليلة المداهمات الشهيرة لمستودعات الادوية المخزنة والمحتكرة في عدد من المناطق، عاد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور حمد حسن الى منزله في بيروت، ليجد ان الكهرباء مقطوعة وسط حرارة مرتفعة، فقرر التوجّه الى منزله في بعلبك والذي وصله نحو الثالثة والنصف فجراً، سعياً الى التقاط أنفاسه.

 

ويعتبر حسن انّ المداهمات بعد التقصّي، والتي تجري بشكل فجائي ومحدد، هي ضرورية وفعاّلة لكي لا يقوم اصحابها بأي تدبير للتمويه أو التعمية في اي لحظة.

 

ولكن الدعم الشعبي الكبير الذي حظي به حسن خلال «كبساته» العابرة للمناطق والطوائف تراجع في اليومين الأخيرين على وقع انتقادات وُجّهت اليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحات أدلى بها إلى تلفزيون لبنان، وأوحَت بتساهله مع احد محتكري الدواء الذي ضُبط بالجرم المشهود، وبمحاولته إيجاد اسباب تخفيفية له، حتى ذهب البعض الى القول انّ الوزير يرفع شعار «المسامح كريم» على حساب القانون والعدالة.

 

ولكن، كيف يرد حسن على هذا الاتهام؟ وهل صحيح انه يتصرف بطريقة تُبين انّ هناك مُحتكراً بزيت وآخر بسمنة؟

 

يؤكد حسن لـ«الجمهورية» أنه لم يتراجع عن موقفه كما تداول بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، «وإنما بادرتُ الى نوع من التوضيح للمجرى الذي تسلكه الأمور وفق مقتضيات القانون وإشارات القضاء المختص».

 

ويشدد على ان لا تمييز بين محتكر وآخر، مشيراً الى ان الفاسد لا دين له، بل ان المتضررين منه هم بالدرجة الأولى الذين ينتمون الى بيئته ومحيطه، «وانا ما عندي ذقن ممشطة»، وكل مرتكب محتكر سيلاحق مهما علا شأنه، وليس هناك من غطاء او مظلة لأحد.

 

ويلفت الى ان «حزب الله» لا يضع أي ضوابط أو عراقيل «والدليل ان المداهمات الأخيرة شملت مناطق في الجنوب والضاحية كما شملت طرابلس وزحلة وبيروت وغيرها، وهي مستمرة».

 

وينفي حسن ان يكون قد بَرّأ «الحاج» ع . خ. (الذي كان يخزّن كميات من الأدوية في مستودعه) أو غيره من الموقوفين الخمسة، او ان يكون أحد قد ضغط عليه احد لتخفيف التدابير في حقهم، لافتاً الى انّ الموقوفين هم لدى القضاء المختص الذي يتولى التحقيق معهم لإجراء المقتضى القانوني، «امّا انا فلا يمكن أن أتجاوز صلاحياتي وأنظّم محاكمات ميدانية، وإلّا اكون بذلك كمَن يواجه المخالفة بمثلها».

 

ويوضح ان كل الأدوية التي ضُبطت لدى المستودعات يتم بيعها الى الصيدليات بوتيرة أسرع وبمراقبة التفتيش الصيدلي والأجهزة الأمنية المختصة، «وكذلك الى العموم مباشرة بالسعر المدعوم عبر تدبير استثنائي منّي، وذلك عوضاً عن ختم المستودع بالشمع الأحمر».

 

ولدى سؤاله: لماذا لم تُصادر البضاعة؟ يلفت حسن الى انّ الموضوع يتعلق بإشارة القضاء المختص (مثل المحروقات تماماً) «وهذا القضاء لا يسمح بالمصادرة في ما خَص الأدوية التي تُضبط في المؤسسات الصيدلانية والمستودعات المرخصة تطبيقاً للقانون، بينما الأدوية التي يُعثر عليها في شقق ومخازن غير شرعية يجري توزيعها مجاناً من خلال المستشفيات الحكومية ومراكز الرعاية الصحية أو مراكز صحية لقوى أمنية».

 

ويشير الى انّ عمليات ملاحقة المحتكرين ستستمر، موضحاً انه بالأمس «وبينما كان التفتيش الصيدلي يداهم مستودعات في البقاع، كنت انا أداهم بعيداً من الاضواء مستودعاً في بيروت بناء على اتصال وردنا من فاعل خير».

 

ولا يخفي حسن انّ هناك اهتراء وتقاعساً في عمليات التفتيش والرقابة عامةً، حتى ضمن وزارة الصحة، كاشفاً انّ الفاسدين والمحتكرين كانوا يعرفون كيف يحمون أنفسهم على طريقتهم وتَصِلهم معلومات مسبقة، «ما اضطرّني الى النزول شخصياً الى الأرض لِحضّهم على أداء مهامهم، وانني أدعم كشف المخالفين خدمةً لصحة المواطن وعدم التفريط بالدعم الذي هو من حقهم».

 

ولدى سؤاله: لماذا لم تشمل المداهمات الشركات المستوردة الكبيرة؟ وهل من حصانات سياسية تحميها؟

 

يجيب حسن: بلغني انّذ بعض أصحاب الشركات المستوردة يشعر بالقلق لأننا ما ان ننتهي من مراقبة ومداهمة المستودعات العامة، حتى ننطلق نحوهم قريباً.

 

ويوضح انّ الأدوية المتواجدة في مخازن مستودعات الأدوية العامة هي مدعومة وواضحة بمجملها، ويمكن من خلال المداهمات تحديد نوع المخالفة مباشرةً. «أمّا بالنسبة إلى مخازن الشركات المستوردة فإن التدقيق في وضعها يتطلّب مطابقة فواتير الاستيراد مع تحويلات مصرف لبنان ونظام التتبّع الإلكتروني لحركة الأدوية meditrack في الوزارة، وهذا ما أعملُ عليه حالياً مع مصلحة الصيدلة والتفتيش بعدما بادرَ مصرف لبنان الى تسليم بياناته أخيراً، ولن يُستثنى أحد لأنّ الموضوع بأهميته يَرقى إلى تهديد المواطنين بحياتهم في بعض الحالات».