IMLebanon

الأوضاع التربويّة الصعبة والعودة المستحيلة إلى المدارس الإثنين

 

هل سيكون هنالك امتحانات رسميّة إذا لم ينجز التعليم الرسمي المنهج المطلوب؟

 

وصل الوضع التربوي في لبنان إلى دَرْكٍ لا يُستهانُ به، إنْ في المدارس الرسميّة وإنْ في المدارس الخاصّة، برغم روح المقاومة التربويّة التي ما فتئ هذا القطاع يحارب بواسطتها. لكن المطلوب الكثير الكثير والموجود هو اليسير اليسير.

 

وفي حديث لـ”نداء الوطن” لفت الأستاذ نزيه الجباوي، رئيس رابطة التعليم الثانوي الرّسمي بأنّ عدم العودة الاثنين إلى المدارس سببه عدم وفاء الدّولة اللبنانيّة بوعودها للأساتذة والتي تتلخّص بحسب ما وعدت به وزارة التربية بالآتي: المنحة الشهريّة (نصف أساس راتب شهريّاً)، ورفع بدل النقل إلى 64000 ل ل، كذلك رفع موازنة تعاونيّة موظّفي الدولة، ودفع 90 $ وعدم إذلال الأساتذة والحفاظ على كرامتهم.

 

مع العلم أنّ هذه المطالب كانت عندما كان سعر صرف الدولار دون العشرين ألف ليرة. أمّا اليوم فلم تعد مقبولة بعد تجاوز الدّولار عتبة الثلاثين ألفاً. لذلك المطلوب تصحيح الرواتب بما يتناسب مع إرتفاع سعر الدّولار، ورفع بدل النّقل إلى ما فوق المئة ألف ليرة، وتصحيح مسار تعاونيّة موظّفي الدولة بحيث يمكن للأساتذة والموظفين تأمين حالات الاستشفاء بشكلٍ عادلٍ. إذ تأمين دخول الموظّف اليوم إلى المستشفى يتراوح بين عشرة وثلاثين مليون ليرة.

 

وفي ما يتعلّق بانتخابات الرابطة الجديدة قال الجباوي: “المندوبون هم مَن يقرّر شكل الهيئة الإداريّة القادمة، وحكماً هناك تحالفات حزبيّة وغير حزبيّة؛ والكلّ يعلم كيف يتوزّع المندوبون بين الأحزاب. فأيّ رابطة جديدة سوف تأتي، على الجميع الانضواء تحت لوائها”. خلاصة الحديث بحسب رئيس رابطة التعليم الثانوي الأستاذ نزيه الجباوي، “لا عودة الاثنين إلى المدارس برغم القرار الحاسم في العودة لوزير التربية”.

 

وفي حديث لـ”نداء الوطن” مع مقرّر فرع جبل لبنان في رابطة أساتذة التعليم الثانوي، الأستاذ ميشال الدّويهي، لفت إلى أنّه “لا يوجد أي أستاذ متهرّب من المسؤوليّة، لا سيّما أنّ مهنة التعليم اليوم لم تعد كما كانت في الماضي، بل تعدّت التعليم إلى الإرشاد والتربية بسبب ما يعانيه الأستاذ في طريقة تعاطيه مع تلاميذه الذين باتوا هم أنفسهم تحت ضغوط اجتماعيّة ووبائيّة واقتصاديّة وتربويّة انعكست سلباً على مهام الأستاذ”. وختم الدّويهي إلى أنّ “الوضع الكارثي الذي نواجهه اليوم بحاجة إلى منهج تربوي استثنائي طارئ لتصويب الأمور التربوية على غرار النهضة التربوية التي قامت بها أوروبا بعد الحرب الثانية”.

 

أمّا رئيس رابطة التعليم الأساسي الأستاذ حسين جواد فلفت في حديثه إلى “نداء الوطن” بأنّ “الرابطة بصفتها المعنويّة قد أيّدت اليوم عدم العودة إلى التعليم. ولا عودة إلى المدارس حبّاً بالتعطيل أو الإضراب لكن لسبب أساسي وهو أنّ المعلّم في التعليم الرسمي فقد القدرة للذهاب إلى مدرسته، لا سيّما بعد نفاد المخزون المالي عند معظم المعلّمين.

 

ولفت جواد إلى أنّ الرابطة لم تألُ جهداً في المتابعة شبه اليوميّة مع وزارة التربية في موضوع الدّاتا لتتمكّن الوزارة من دفع الحوافز التي وعدت بها. وأشار إلى وجود قطبة مخفيّة في وزارة التربية تمنع من تحقيق هذه المطالب البسيطة والأساسيّة ليستطيع الأستاذ الاستمرار في مهامه التربويّة في ظلّ هذه الظروف.انطلاقًا من هذا الحرص، وكي لا يفسَّرُ ضعفاً من قبل الأستاذ الرسمي، وبعدما انعدمت الامكانيّات عند المعلمين، وفي ظلّ استمرار الوزير باتّخاذه قرار العودة إلى التعليم يوم الإثنين، اتّخذت الرابطة القرار بعدم العودة ومن هنا أتى قرار الإضراب المحقّ. ولا عودة الاثنين إلى مدارس التعليم الأساسي.

 

أمّا أمين عام المدارس الكاثوليكيّة الأب الدّكتور يوسف نصر فخصّ “نداء الوطن” بحديث عن كيفيّة مواجهة المدارس الكاثوليكيّة الأزمتين الاقتصاديّة والوبائيّة حيث أشار إلى أنّهما أزمتان مترابطتان لكنّهما منفصلتين بعضهما عن بعض.

 

وبائيّاً يشدّد الأب نصر على المدارس الكاثوليكيّة كلّها باتّباع البروتوكول الصحيّ المفروض من قبل وزارة الصحّة العامّة والذي تبنّته وزارة التربية والتعليم العالي. ولكنه يعتقد بأنّ هذا الأمر غير كافٍ لا سيّما مع موضوع العودة المطروحة يوم الاثنين.

 

أمّا اقتصاديّاً فلفت الأب نصر إلى أنّها الطامة الكبرى؛ واقترح حلّين عمليّين لتجاوزهذه الأزمة كالآتي:

 

– على الدولة أن تتدخّل من خلال صرف 350 مليار ليرة للقطاع الخاصّ، وتدفع مستحقّات المدارس المجانية، وتساهم في تأمين المحروقات والكهرباء.

 

– تأمين المساعدات من الدول المانحة التي يعتبرها الأب نصر ظرفيّة لا تحلّ المشكلة الاقتصاديّة على المدى الطويل إنّما تؤمّن حلّاً جزئيّاً للأزمة وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها كليّاً.

 

وحول مصير العام الدراسي في ظلّ إعلان أساتذة التعليم الرسمي عدم العودة الإثنين إلى المدارس فلقد ميّز الأب نصر بين الشروط والمطالب والسقوف التي يضعها المشرفون على التعليم الرسمي مقارنةً مع الاستراتيجيّات التربويّة التي يعتمدها القطاع الخاصّ. فإنجاز الفصل الأوّل في التعليم الخاص لا يعني بأنّ الأستاذ في المدارس الخاصّة بخير.

 

وأكّد الأب نصر بأنّ إضراب أساتذة التعليم الرسمي سيؤثّر سلباً في نهاية العام الدراسي، وطرح التساؤلات الآتية:

 

– هل ستكون هنالك امتحانات رسميّة؟

 

– إذا لم ينجز التعليم الرسمي المنهج المطلوب، وفق أيّ معايير تربويّة ستتمّ الامتحانات الرسميّة؟

 

– هل سنقدر الاستمرار على الاستقرار في متابعة العام الدّراسي حتّى نهايته؟

 

الاجابات على هذه الأسئلة مرتبطة بمدى تجاوب الدّولة في مساعدة القطاع الخاص، وإمكانيات الأهل ومساعدة الدول والجهات المانحة. وختم الأب نصر إلى أنّ المستوى التربويّ هو من أبرز المميّزات التي تعيد لبنان إلى الخارطة الدّوليّة، فلبنان مدرسة الشرق ومدرسة العرب. وكلّنا معنيّون بالمحافظة على هذه الميزة.

 

كذلك كان لـ”نداء الوطن” حديث مع أمين عام المدارس الانجيليّة في لبنان، الدكتور نبيل قسطه حول الأزمة الاقتصاديّة حيث لفت إلى أنّ المدارس الإنجيليّة تحاول مساعدة الأهل قدر المستطاع، كذلك تساهم الإدارات في التواصل بين الأهالي لمساعدة بعضهم بعضاً. فضلاً عن توزيع المساعدات التي تصل إلى المدارس الانجيليّة لتتمكّن هذه المؤسّسات من الاستمرار في مهامها التربويّة في هذه الظروف القاسية. فالمدارس الإنجيليّة تقف إلى جنب أساتذتها. والتعاون العملي والصدق والصراحة بين إدارات المدارس ولجان الأهل مشكورة وحدها تساعد لتجاوز هذه الأزمة إقتصاديّاً.

 

وحول إضراب أساتذة التعليم الرسمي أكّد الدكتور قسطه إلى أنّه يؤثّر سلباً في المدارس الخاصّة التي تقوى كثيراً إذا كانت المدارس الرسميّة قويّة، لا سيّما في هذه الأيّام الصعبة. وتمنّى قسطه أن تكون المدارس الرسميّة قويّة لخلق تنافس إيجابيّ معها. وعندها فقط يصبح القطاع التربوي بخير وينعكس إيجاباً على صحّة الوطن.

 

أمام هذه المعوّقات القاسية والحلول المتواضعة، التعليم الخاصّ اتّجه إلى تمديد العطلة أسبوعاً إضافيّاً، مع احتمال تمديدها بحسب الظروف؛ فيما التعليم الرسمي وبعد اجتماع الروابط أمس مع معالي الوزير، قرّر عدم العودة الاثنين. فهل سينجح القطاع التربوي في تجاوز هذه الأزمات؟ أم أنّ الافلاس الذي ضرب معظم القطاعات في الدولة اللبنانيّة سيضرب هذا القطاع أيضاً؟ وهل سقط لبنان في جهنّم تربويٍّ أيضاً؟