IMLebanon

الإشتباك النيابي على خلفية انتخاب رئيس للمجلس يُنذر بتعطيل طويل الأمد

 

 

كان مأمولاً أن تهدأ النفوس بعد الانتخابات النيابية وأن يخفّ التشنّج الذي غلب على مواقف الجميع قبيل العملية الانتخابية، ليتبين أن الأوضاع متجهة نحو مزيد من التأزم السياسي المترافق مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية. أولى المفارقات أداء النواب التغييرين المنتخبين حديثاً في البرلمان ممن لم يغادروا الشاشات منذ إعلان فوزهم مع فائض مواقف فيها من التحدي المتشنج ما يكفي. يريد هؤلاء أن يقلبوا الطاولة على من حولها. وكأن التغيير يحصل بالشكل الذي يتصوّرونه أو كأن لبنان ليس بلداً طائفياً محكوماً بالتوافق بين أبنائه. حتى الساعة لا تخلو إطلالات غالبيتهم من سقطات تشير إلى جهلهم أسس الدستور والعرف الذي صار أقوى من الدستور وكيف أن هذا البلد ومنذ نشأته ووفق ما تؤكده كتب التاريخ كان قائماً على التسويات. الإصرار على التحدي من قبل نواب التغيير يؤشر إلى رزوح البلد تحت وطأة ازمة لن يكون من السهل الخروج منها. من زلات ألسنتهم وإطلالاتهم يقدم هؤلاء خدمة للسلطة لانهم يبرعون أمامها ويظهرون أسوأ ما فيهم بغرض التحدي وكأننا في حلبة مصارعة او في ساحة تصفية حسابات على حساب البلد وأهله.

 

أفرزت نتائج الانتخابات النيابية ثلاث قوى سياسية لها أحجامها، الثنائي الشيعي وحلفاؤه، قدامى قوى 14 آذار في البرلمان والحزب التقدمي الاشتراكي، والنواب التغييريون الجدد أو ما يعرف بقوى الثورة.

 

من خلال الاستحقاق الاول اي انتخاب رئيس لمجلس النواب سيدخل البلد في ازمة مستعصية قد لا نبلغ بعدها مرحلة تسمية رئيس مكلف للحكومة وتشكيل حكومة. بالامس كانت الحلول منعدمة امام عملية انتخاب رئيس مجلس النواب. المرشح المحتمل واحد وهو الرئيس نبيه بري لكن غالبية الكتل تصرّ على عدم انتخابه واستبدال آخر به رغم عدم وجود مرشح بديل حتى الساعة ما قد يحوّل المسألة الى تحدٍّ. ذلك انه من غير الممكن ان يتخلّى الثنائي الشيعي عن مرشحه والخضوع لرغبة الكتل المتبقية واستبدال آخر بترشيح بري. الانكسار أو التراجع هنا يعني تسجيل تراجع للثنائي وتقدم لقوى الثورة والقوات والكتائب التي ترفض التصويت لبري. في المقابل لن يقبل بري انتخابه بأصوات هزيلة أو تأييد كتلة مسيحية ضعيفة فما العمل إذا؟

 

المخرج الوحيد يكمن بيد التيار الوطني الحر الذي يؤمّن مخرجاً للأزمة بتصويته أو بإعطاء الحرية لمن يشاء في كتلته ان يصوت لبري، لكن التيار لا يزال يلملم خسارته في جزين بسبب إصرار بري على دعم ابراهيم عازار رغم ما أوصت به استطلاعات الرأي من ضعفه وخسارته المتوقعة، وإصراره على ترشيح ايلي الفرزلي في البقاع الغربي ودعمه على حساب مرشح التيار وغيرها من الاتهامات المتبادلة بين الفريقين على خلفية نتائج الانتخابات.

 

فكيف سيكون الحل إذا؟ لا شيء إلا التعطيل والتعطيل المتبادل. ذلك ان عدم انتخاب رئيس مجلس نواب أو ترشح اي شخصية من خارج الثنائي في مواجهة مرشح الثنائي سيدخل البلد في المحظور وسيعيد طرح أزمة النظام ككل. فهل البلد في وارد الدخول في مثل هذه الازمة؟

 

هناك مساعٍ بدأت تبذل في سبيل تذليل العقد وتمرير الاستحقاق من دون افتعال أزمة، من خلال التواصل مع بعض النواب المنتخبين حديثاً لضمان تصويتهم لبري، لكن ذلك يبقى ناقصاً ما لم يحظَ بتأييد كتلة من الكتل المسيحية الممثلة في البرلمان وبينها كتلة التيار الوطني الحر والتي لم يدخل رئيسها بالمساعي بعد ولم تفاتحه أي جهة بالأمر وما الذي يريده في المقابل.

 

بالمقابل يختلف النواب الجدد حول إمكانية ترشيح شخصية مقابل بري من خارج الثنائي، ويتحمّس لمثل هذا الطرح النائبان المنتخبان مارك ضو ووضاح الصادق فيما يحاذره آخرون. لا سيناريو واضحاً بعد والكل يعوّل على عامل الوقت بينما تبدأ مهلة الخمسة عشر يوماً ابتداء من مساء اليوم. أخطر من أزمة انتخاب رئيس مجلس النواب ما أبلغه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للمحيطين به أن لا حكومة قريباً وانه بعد أسبوعين سيطلب ‏عقد مجلس وزراء بحجة أن ‏تصريف الأعمال بالمعنى الضيق لا ينطبق على معالجة الأزمات المتوقعة من كهرباء وأدوية وقمح وهذا معناه أن لا حكومة حتى نهاية العهد.

 

في وقت يستبعد مصدر سياسي واسع الاطلاع ان يكون البلد أمام حلول مرتقبة إزاء المعارك السياسية المرتقبة، متوقعاً ان نكون امام «بلوك» على كل المستويات من اليوم وإلى حين بلورة تسوية سياسية إقليمية على مستوى العلاقة السعودية الايرانية او الايرانية الاميركية.