IMLebanon

مرحلة انتقالية طويلة في انتظار الرعايتين العربية والدولية

 

لعلّ الكلام الأخير المتعلق بالشأن اللبناني للديبلوماسي الأميركي الخبير بهديفيد هيل، حول أن نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة ستؤدي الى شلل الدولة ومؤسساتها، لخّص واقع الحال وما هو مقبل على لبنان.

جاء هذا الكلام من قبل المعاون السابق لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط الذي أدلى به في تقرير على موقع «مركز ويلسون»، وهو الذي شغل قبلها موقع السفير في لبنان، ليشير في شكل غير مباشر إلى مرحلة انتقالية يُقبل لبنان عليها يمثل غموضها مكمن الدقة فيها وسط كارثة إقتصادية هي الأكبر على لبنان منذ ما قبل نشوئه.

 

هذه الرؤية الأميركية غير الرسمية جاءت بعد ان كثُر الحديث حول ضعف اعترى موقع «حزب الله» بعد خسر أكثرية فريقه في المجلس النيابي على ضوء الانتخابات، لتقول في خلاصة مغايرة للماضي من قبل الإدارة الأميركية، إن الحزب ما زال قادراً على «شل الدولة اللبنانية».

هذه الرؤية تُسقط نفسها من دون شك على حلفاء واشنطن في لبنان الذين رفعوا السقف كثيرا فور وضع الانتخابات لأوزارها ليطالبوا بحكومة أكثرية، بينما يعلمون في قرارة أنفسهم بأن ذلك مستحيل في وجه الحزب الذي يجمع مع حلفائه نحو 60 مقعدا في مجلس النواب عبر كتلة واحدة يقودها الحزب.

ثم أن الأكثرية هذه ليست معقودة لطرف واحد في المعسكر المواجه للحزب، كما أن الرغبة بتوحيد المقاعد الأكثرية لتوجيهها ضد «حزب الله»، ليست سوى وهماً كون هذه الأكثرية متحركة وستكون رهن القضايا التي ستُطرح في المجلس النيابي وليست فقط رهن الموقف من سلاح الحزب.

والشلل المقصود في كلام هيل سيأتي حكماً في استحقاقات تشكيل الحكومة ومن بعدها انتخاب رئيس للجمهورية بينما سيستقر الوضع الحكومي على حكومة تصريف للأعمال إلى أجل غير معقود.

إنها مرحلة إنتقالية طويلة من المقدر أن ينتقللبنان بعدها إلى فترة استقرار تأتي ما بعد فترة الفوضى الحالية التي تُعد العامل الأهم وراء تعميق الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد والمفتوحة على احتمال هزّات سياسية وإجتماعية وأمنية.

جمود خارجي

هذه النظرة السوداوية قصيرة ومتوسطة الأمد، تتخذ معنى إضافياً في ظل الجمود الخارجي وعدم اتضاح التسويات بين اللاعبين الإقليميين والدوليين على لبنان.

وبذلك فهي مرحلة شبيهة بما مرّت به البلاد في أواخر الثمانينيات قبل استقرار الوضع على تسوية أميركية سورية برعاية سعودية لوقف إراقة الدماء والخروج بتعديلات دستورية تبلورت في إتفاق الطائف، لكنها لم تشكل بدورها حلاًّ للمعضلة اللبنانية ولتعقيدات المجتمع اللبناني الذي تغيّر بدوره اليوم عنه في تلك المرحلة السابقة سياسياً وديموغرافياً وإجتماعياً وإقتصادياً.

والحال أن ما تمخض عن تلك المرحلة السابقة التي اختُتم بها تاريخ الحرب الأهلية جاء بتغييرات واضحة على بنية النظام اللبناني ستكون مغايرة عمّاستأتي به المتغيرات الحالية، لكن البحث جدّي لنقاشٍ موازٍ، برعاية خارجية، فرنسية تحديداً لكن طبعاً بضوء أخضر أميركي وأيضاً مشاركة خليجية وعربية (مصرية)، في سبيل حماية اتفاق الطائف وحسن تطبيقه كون لا إمكانية لعقد سياسي جديد بين اللبنانيين يُبنى على تعديلات دستورية دراماتيكية.

هذه التسوية لا تبدو قريبة بفعل الفرملة القائمة على خط المفاوضات النووية الأميركية الإيرانية وعدم وضوح مآل السياسة الروسية في منطقة الشرق الأوسط استناداً إلى طول أمد الحرب الروسية الأوكرانية المرتبطة بالتفاهم بين واشنطن وطهران، إضافة إلى ما ستكون عليه نتيجة الحوار السعودي الإيراني على صعيد المفاوضين الرئيسيين كما بالنسبة إلى أولئك الثانويين لكن المسؤولين عن ملفات هامة أيضاً، ثم أيضا بالنظر إلى مآل الانفتاح الأميركي على الرياض للمرة الأولى منذ وصول الرئيس الأميركي الديموقراطي جو بايدن إلى سدة الحكم..

في الأثناء تسعى فرنسا لا سيما رئيسها المجدد لولايته إيمانويل ماكرون، إلى عقد مؤتمر إقتصادي غير معروف العناوين أو التوقيت، لكنه يأتيضمن محاولات باريس لرعاية الحل اللبناني.

من جهتها ستكون القوى السياسية في لبنان مترقبة للمتغيرات بينما لن يكون من الممكن التوصل إلى تفاهمات رئيسية على صعيد الحكم اللبناني سوى عبر رزمة موحدة تلحظ الرئاسة والحكومة التي ستليها، وطبعا مصير قضايا رئيسية مثل استخراج الثروات المائية اللبنانية التي تتطلب تفاهما مع الأميركيين.. وقد لا يحصل الخرق الحقيقي على صعيد تلك الملفات ومنها الاقتصاد، سوى بعد نهاية هذا الشلل في المؤسسات الدستورية.