IMLebanon

أحجامٌ تطيح الأوهام

 

 

تقول نتائج الانتخابات للبنانيين إن جهنم العهد ليست مؤبدة، وإن المواطنين المقهورين ليسوا “خالدين” في نار “المنظومة”، وإن فك رهن القرار الوطني محتوم بقوة أصوات السياديين والتغييريين الذين أكدوا أن لبنان ليس ساحة إقليمية مستباحة، وبيروت ليست عاصمة رابعة سيطرت عليها طهران، بل حضن ثورتي ” 14 آذار” و”17 تشرين” اللتين تقاطعتا في نتائج انتخابات 15 أيار.

 

اختار اللبنانيون الأحد “السيادة أولاً”، فلم يبخلوا بالتصويت الكثيف للمطالبين باستعادة الدولة، لكنهم عبَّروا أيضاً بخياراتهم التغييرية عن وجعهم من مافيا الفساد والتبعية التي أطاحت ودائعهم ولقمة عيشهم، متطلعين الى إنهاء حقبة الهدر والسرقات عبر التصويت العقابي ضد من أغرقهم في الصفقات وأثرى بالحرام.

 

غداً يوم آخر. وبقدر أهمية الحصول على عدد كبير من النواب، تأتي أهمية توحُّد كل القوى المعارضة المؤمنة بضرورة الخلاص لتشكيل جبهة متراصة وتحسين شروط المواجهة الصعبة مع منظومة 8 آذار. وسيكون من باب إضاعة الجهد والأنانيات الوضيعة ألا يتفق هؤلاء على خارطة طريق سيادية إصلاحية تترجم في مشاريع ملحة تُخرج الاقتصاد من الحفرة وتعيد حقوق المودعين، وفي الضغط لتشكيل حكومة انقاذية تتخذ قرارات أساسية بدلاً من أن يضيع الوقتُ في تصريف أعمال بانتظار جلاء ساكن بعبدا.

 

يتوقف على “حزب الله” تحديداً قراءة نتائج الانتخابات بمسؤولية وطنية عالية، ليدرك أن الرهان على أحصنة طروادة تخترق طوائف مؤسِّسة للكيان اللبناني سقط في هذه الانتخابات في بيروت وطرابلس وصيدا وجبل لبنان، وأن الغطاء المسيحي بالتحديد قَصُر وبال الى حد لا ينفع معه أيّ ترقيع وتطويل. ما حصل عملياً هو استفتاء على سلاح “الحزب” وليس منافسة انتخابية بين برامج انمائية ووجهات نظر تشريعية. لذا فإن مشروع الغلبة في طريق مسدود، والمكابرة في الإصرار عليه نحرٌ إضافي للبنان ومخاطرة تضرّ بكلّ اللبنانيين.

 

ندرك الصعوبة الكامنة في استسلام “الحزب” للواقع الجديد لأنّ الانتخابات تفصيلٌ في مشروعه العقائدي والاقليمي وإحدى أدوات هذا المشروع. لكنّ رفضه قراءة نتائجها بما تفرضه من تواضع لإيجاد نقاط لقاء مع معارضيه سيعمق أزمة النظام ويتركه فريسة “فيتوات” متبادلة تعطل المؤسسات وتهدد السلم الأهلي.

 

تفتح نتائج الانتخابات باب الخشية من توازن سلبي تفجيري. وبالتوازي تفتح باب الأمل، ليس لاعطائها السياديين والتغييريين حصة تمثيلية مستحقة فحسب، بل لأنها حددت أحجاماً تُبدّد أوهام الجميع، ما يوجب النقد الذاتي، أو إضافة كثيرٍ من الماء في نبيذ المغرورين والمتعنتين.