IMLebanon

لا حلول بانتظار الإنتخابات

 

تدور المساعي المفترضة بحثاً عن حلول لأزمة لبنان مع دول الخليج والمملكة العربية السعودية في حلقة مفرغة، في وقت لا يبدو أن العراقيل من أجل العودة إلى عقد جلسات مجلس الوزراء المعطل منذ خمسة أسابيع قابلة للتذليل في ظل إصرار “حزب الله” على إقالة المحقق العدلي القاضي في جريمة انفجار المرفأ طارق البيطار.

 

حديث المقايضة بين إقالة وزير الإعلام جورج قرداحي وإقالة القاضي البيطار استبعده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مرة ثانية أمس على قاعدة التزامه خارطة الطريق التي سبق أن أعلن عنها والتي أكد عليها أثناء الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء مطلع تشرين الأول الماضي، والتي تنص على عدم تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء.

 

أما المخارج التي تطرح من أجل إزاحة البيطار عبر المؤسسة القضائية فإن العارفين بالآليات القانونية لمسار كهذا يلفتون إلى أن كل المحاولات التي بذلت حتى الآن اصطدمت بالموانع القضائية لطلبات كف يده لأن القضاة الذين أحيلت إليهم طلبات كفّ اليد وردّ البيطار عن مواصلة التحقيق في ملف المرفأ، باتوا يحاذرون اتخاذ إجراء له خلفيات سياسية، أو يستجيب لطلب يغضب أهالي الضحايا في شكل يضعهم في موقع التعرض للحملات الإعلامية وتهمة التفريط بدماء ضحايا انفجار 4 آب 2020. يستثنى من هؤلاء طبعاً القضاة الذين يتمتعون بانتماء سياسي موالٍ للثنائي الشيعي.

 

في المقابل أقفل باب اتخاذ إجراء من هذا النوع من قبل مجلس القضاء الأعلى، نظراً إلى تمسك رئيسه القاضي سهيل عبود بعدم مخالفة القانون من جهة، ولأنه مصرّ على فصل الخلفيات السياسية لطلب تنحية البيطار عن أي جوانب قانونية من جهة ثانية. والذين يعرفون القاضي عبود يتحدثون عن عناده في التمسك بالقناعة التي يتوصل إليها فلا يتزحزح عنها مهما كان الثمن.

 

تأمين المخارج لإزاحة البيطار عبر الحكومة مقفل لتمسك ميقاتي بفصل السلطات الدستوري. والقيام بذلك عبر القضاء متعذر حتى إشعار آخر بفعل موقف القاضي عبود. وهناك من يتحدث عن تأمين فتوى عبر البرلمان من أجل إقرار مبدأ ملاحقة الوزراء والنواب الذي ادعى عليهم المحقق العدلي، أمام لجنة تحقيق برلمانية، ومحاكمتهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والنواب والوزراء المؤلف من نواب وقضاة، لكنه يتعذر ضمان الأكثرية لفتوى كهذه.

 

استعصاء القضاء حتى الآن عن كل هذه المخارج يبقي جلسات الحكومة معلقة على رغم المحاولات التي بذلها الرئيس ميقاتي من أجل استئناف اجتماعاتها المطلوبة لأجل اتخاذ قرارات في شأن العناوين الرئيسة التي يعطيها رئيس الحكومة الأولوية: التفاوض مع صندوق النقد، إقرار الإجراءات القانونية واللوجستية لاستجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر وطلب استثناء لبنان من عقوبات قانون قيصر الأميركية على تمريرهما عبر الأراضي السورية والبدء في إجراءات تلزيم معامل الكهرباء وتحديد مصادر تمويله، وقرار تقديم منحة مالية لموظفي القطاع العام كزيادة موقتة على الرواتب، إضافة إلى تمويل البطاقة التمويلية.

 

ستبقى هذه المشاريع معلقة على تعطيل اجتماعات مجلس الوزراء، ولن ترى النور. وسينتهي الأمر بميقاتي إلى أن يعلن مع الانتهاء من تحضيرها أن إقرارها يتوقف على فك أسر الحكومة، المتعذر من قبل الثنائي الشيعي الممانع.

 

المعالجات مقفلة على هذا الصعيد وموصدة في ما يخص العلاقة مع دول الخليج، مع تشبث “حزب الله” بعدم استقالة قرداحي، مع أنها لن تحقق حلاً للأزمة بل تفتح باباً للحوار. بل أن الحزب يصر على تحدي هذه الدول مع المراهنة على هزيمة السعودية في مدينة مأرب اليمنية. لكن الإجراءات الخليجية في حق لبنان ليست معلقة ويتوقع أن تتوالى فصولها المنهكة للبلد. أما التعويل على وساطات آخرها ما أعلنه أمس وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن الاستعداد للعب دور في الأزمة مع دول الخليج، فسيكون له مفعول عكسي حكماً، وسيستفز بعضها.

 

مع أن البعض يدعو لانتظار موعد استئناف مفاوضات فيينا بين إيران والولايات المتحدة على الملف النووي، لعلها تأتي بتفكيك التعطيل الحاصل للبلد، فإن القول بأن الخارج ينتظر الانتخابات النيابية وثم الرئاسية في لبنان قبل إيجاد الحلول لأزمته سيبقي إدارة الأزمة على مبدأ “سارحة والربّ راعيها”.