IMLebanon

الإنتخابات… ومعركة “الإستقلال الثالث”

 

 

 

يُشكّل الموقع الجغرافي للبنان نقمة بقدر ما هو نعمة، إذ إن الدول تتقاتل على هذه الأرض التي تحتل معظم الواجهة الشرق أوسطية للبحر الأبيض المتوسّط، ما يجعل دولاً كبرى تطمح إلى أن يكون لها موطئ قدم في لبنان.

 

أحيا لبنان الذكرى 78 للإستقلال في إعادة لمشهد فولكلوري لا يمتّ إلى الواقع الحقيقي بصلة، وقد توقّفت ذاكرة اللبناني عند يوم 22 تشرين الثاني 1943، وكأنه بعد الخروج الفرنسي لم يحتلّ البلد الفلسطيني والإسرائيلي والسوري.

 

يقف اليوم الشعب اللبناني أمام معركة أصعب من المعارك السابقة، فهناك الأغلبية العظمى من الشعب تعتبر أن لبنان واقع تحت الإحتلال الإيراني عبر وجود ميليشيا مسلّحة تقاتل في الخارج ويتفاخر أمينها العام السيّد حسن نصرالله بامتلاكه أكثر من مئة ألف مقاتل.

 

وهذا يدفع القوى التي تطالب بإنهاء هيمنة “الدويلة” على الدولة إلى القول إن صعوبة المعركة تكمن في أن الإيراني اخترق الساحة اللبنانية عقائدياً ومالياً وعسكرياً عبر مكوّن لبناني كان يجب ان يكون شريكاً في بناء الدولة القوية، لكنه أصبح أداة في يد الولي الفقيه، في حين أن الجيوش الأجنبية التي احتلت لبنان خرجت بفعل نضال لبناني وضغط دولي.

 

إذاً، فالمهمّة اليوم هي أصعب بكثير، فالمسؤولون الإيرانيون يتفاخرون دائماً بأن هناك عدداً من العواصم العربية بين أيديهم وبيروت واحدة من تلك العواصم، وهذا كان موقفهم بعد الإنتخابات النيابية العام 2018.

 

إستطاع المحور الإيراني السيطرة على قرار الجمهورية اللبنانية، فرئيس الجمهورية حليفهم ويغطّي مشروع “حزب الله” والأكثرية النيابية معهم، يسيطرون على الحكومة ويشلّون عملها ساعة يقررون، وبالتالي فإن المدخل الأول لإسترجاع قرار الدولة يكون بإسقاط الأغلبية النيابية.

 

وتُعتبر لعبة الأغلبية مهمّة، فبالطبع إذا أتت أغلبية لا تؤيّد مشروع “حزب الله” فإنها لن تستطيع نزع سلاحه، لكنها في المقابل ستفرض كلمتها في إستحقاق رئاسة الجمهورية في خريف 2022 وستؤثّر على تركيبة الحكومات المتتالية.

 

في مطلع العام 2005 بدأ التقارب الحقيقي بين القوى التي تريد خروج جيش الإحتلال السوري من لبنان، وعقدت لقاءات مكثّفة بين “قرنة شهوان” والرئيس رفيق الحريري ورئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط وبقية الشخصيات المناهضة للإحتلال السوري وكان لقاء البريستول هو العنوان الأساسي لخوض المواجهة، وركّزت تلك القوى على الإنتخابات النيابية لقلب الأكثرية في مجلس النواب وعدم السماح للنظام الأمني اللبناني ـ السوري بإكمال القبضة على السلطة في لبنان.

 

وبعد الحديث عن التحالفات وخوض معركة قانون الإنتخاب، أتى زلزال 14 شباط ليقلب المشهد اللبناني رأساً على عقب، وأخرج الجيش السوري بفعل إنتفاضة الشعب المترافقة مع ضغط دولي عارم.

 

اليوم، يتم العمل على توحيد القوى السيادية والمجتمع المدني تحت عنوان واضح وهو إستعادة الدولة من فكّي “الدويلة” وتحقيق الإصلاحات المطلوبة ومحاربة الفساد، من هنا ستكون المواجهة صعبة جداً لأن القوى الممسكة بالسلطة لن تتخلّى عن قبضتها.

 

لكن معركة توحيد القوى المعارضة لا تزال في بداياتها، بسبب الخلافات الداخلية الناشئة وبسبب إختلاف الأجندات بين من يعتبر أن المعركة السيادية هي الأهم، وبين من يرى أن العنوان الأساسي هو مكافحة الفساد وعدم الخوض في العناوين السياسية الكبيرة.

 

وأمام كل هذه الأوضاع ستشتد الضغوط، في حين أن التخوّف يكمن في أن تعمد القوى الممسكة بالسلطة إلى تطيير الإنتخابات خوفاً من النتائج.